كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ سَيْفٍ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا انْهَزَمَ النَّاسُ يَوْمَ الجمل عن طلحه والزبير، ومضى الزُّبَيْرُ …
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَتَّى مَرَّ بِعَسْكَرِ الأَحْنَفِ، فَلَمَّا رَآهُ وَأَخْبَرَ بِهِ قَالَ: وَاللَّهِ مَا هَذَا بِخِيَارٍ، وَقَالَ لِلنَّاسِ: مَنْ يَأْتِينَا بِخَبَرِهِ؟ فَقَالَ عَمْرُو بْنُ جُرْمُوزٍ لأَصْحَابِهِ: أَنَا، فَأَتْبَعَهُ، فَلَمَّا لَحِقَهُ نَظَرَ إِلَيْهِ الزُّبَيْرُ- وَكَانَ شَدِيدَ الْغَضَبِ- قَالَ: مَا وَرَاءَكَ؟ قَالَ: إِنَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أَسْأَلَكَ، فَقَالَ غُلامٌ لِلزُّبَيْرِ يُدْعَى عَطِيَّةَ كَانَ مَعَهُ: إِنَّهُ مُعْدٍ، فَقَالَ: مَا يَهُولُكَ مِنْ رَجُلٍ! وَحَضُرَتِ الصَّلاةُ، فَقَالَ ابْنُ جُرْمُوزٍ: الصَّلاةَ، فَقَالَ: الزُّبَيْرُ: الصَّلاةَ، فَنَزَلا، وَاسْتَدْبَرَهُ ابْنُ جُرْمُوزٍ فَطَعَنَهُ مِنْ خَلْفِهِ فِي جُرْبَانِ دِرْعِهِ، فَقَتَلَهُ، وَأَخَذَ فَرَسَهُ وَخَاتَمَهُ وَسِلاحَهُ، وَخَلَّى عَنِ الْغُلامِ، فَدَفَنَهُ بِوَادِي السِّبَاعِ، وَرَجَعَ إِلَى النَّاسِ بِالْخَبَرِ.
فَأَمَّا الأَحْنَفُ فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أَدْرِي أَحْسَنْتَ أَمْ أَسَأْتَ! ثُمَّ انْحَدَرَ إِلَى عَلِيٍّ وَابْنُ جُرْمُوزٍ مَعَهُ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ، فَأَخْبَرَهُ، [فَدَعَا بِالسَّيْفِ، فَقَالَ: سَيْفٌ طَالَمَا جَلَّى الكرب عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم! وَبَعَثَ بِذَلِكَ] إِلَى عَائِشَةَ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى الأَحْنَفِ فَقَالَ: تَرَبَّصْتَ، فَقَالَ: مَا كُنْتُ أَرَانِي إِلا قَدْ أَحْسَنْتُ، وَبِأَمْرِكَ كَانَ مَا كَانَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَارْفُقْ فَإِنَّ طَرِيقَكَ الَّذِي سَلَكْتَ بَعِيدٌ، وَأَنْتَ إِلَيَّ غَدًا أَحْوَجُ مِنْكَ أَمْسِ، فَاعْرِفْ إِحْسَانِي، وَاسْتَصِفْ مَوَدَّتِي لِغَدٍ، وَلا تَقُولَنَّ مِثْلَ هَذَا، فَإِنِّي لَمْ أَزَلْ لَكَ نَاصِحًا.