لما تمم عليه الصلاة والسلام ما كلّف به، وأدى ما اؤتمن عليه، وهدى الله به أمته اختاره الله للرفيق الأعلى، فجلس على المنبر مرّة، …
وكان فيما قال: “إن عبدا من عباد الله قد خيّره الله بين أن يؤتيه زهرة الدنيا وبين ما عنده فاختار ما عنده” فبكى أبو بكر وقال: يا رسول الله فديناك بابائنا وأمهاتنا، فقال عليه الصلاة والسلام: “إن أمنّ الناس عليّ في صحبته وماله أبو بكر، لو كنت متخذا خليلا لا تّخذت أبا بكر، ولكن أخوّة الإسلام. لا يبقى في المسجد خوخة إلّا سدّت إلّا خوخة أبي بكر“. وقد بدأه عليه الصلاة والسلام مرضه في أواخر صفر من السنة الحادية عشرة من الهجرة في بيت ميمونة، واستمرّ مريضا ثلاثة عشر يوما كان في خلالها ينتقل إلى بيوت أزواجه، ولما اشتدّ عليه المرض استأذن منهن أن يمرض في بيت عائشة الصديقية فأذن له، ولما دخل بيتها واشتدّ عليه وجعه قال: “هريقوا عليّ من سبع قرب لم تحلل أو كيتهن لعلي أعهد إلى الناس، فأجلس في مخضب” وصب عليه الماء حتى أشار بيده أن قد فعلتن، وكان هذا الماء لتخفيف حرارة الحمى التي كانت تصيب من يضع يده فوق ثوبه.