ثمَّ خرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لليلتين خلتا من شعْبَان وَمَعَهُ جَيش يضيء الْآفَاق بنجومه الْأَبْطَال والفرسان وَصَحب عَائِشَة وَأم سَلمَة …
زوجتيه وَترك زيد بن حَارِثَة بِالْمَدِينَةِ مُسْندًا أمرهَا إِلَيْهِ وَذهب إِلَى جِهَة بني المصطلق وبروق على ألويته تخفق وتأتلق حَيْثُ سمع بِجَمْعِهِمْ الأيك أَبى الْفِرَار وتحريض قائدهم الْحَارِث بن أبي ضرار.
فَلَمَّا بَلغهُمْ مسيره مزج أَمرهم واضطرب وتفرق عَنْهُم من كَانَ مَعَهم من الْعَرَب وَمضى يقطع الْمنَازل ويطوي المراحل حَتَّى لَقِيَهُمْ بالمريسيع مَاء لَهُم بِنَاحِيَة السَّاحِل فاصطفوا لِلْقِتَالِ وتراموا سَاعَة بالنبال ثمَّ حمل السلمون عَلَيْهِم حَملَة رجل وَاحِد فظفروا بالفارس والراجل والمقارب والمباعد.
وَفِي هَذِه الْغَزْوَة كَانَ حَدِيث عَائِشَة وَقَول أهل الْإِفْك فِيهَا ثمَّ نزل من الْقُرْآن ببراءتها مِمَّا ذكر تَصْرِيحًا وتنبيها.
وفيهَا نزلت آيَة التَّيَمُّم المتلوة على مر الدَّهْر وَكَانَت مُدَّة الْغَيْبَة عَن منَازِل طيبَة قَرِيبا من شهر.
وَفِي شَأْن عَائِشَة يَقُول حسان بن ثَابت من أَبْيَات
حصان رزان مَا تزن بريبة *** وتصبح غرثى من لُحُوم الغوافل
عقيلة حَيّ من لؤَي بن غَالب *** كرام المساعي مجدهم غير زائل
مهذبة قد طيب الله خيمها *** وطهرها من كل سوء وباطل