فَأَقَامَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ بعد قدومه من بحران جُمَادَى الْآخِرَة ورجبا وَشَعْبَان ورمضان،فغزته كفار قُرَيْش فِي شَوَّال …
سنة ثَلَاث، وَقد استمدوا بحلفائهم والأحابيش من بني كنَانَة. وَخَرجُوا بنسائهم لِئَلَّا يَفروا عَنْهُن. وقصدوا الْمَدِينَة، فنزلوا قرب أحد على جبل على شَفير الْوَادي بقناة مُقَابل الْمَدِينَة.
فَرَأى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَنَامه أَن فِي سَيْفه ثلمة وَأَن بقرًا لَهُ تذبح وَأَنه أَدخل يَده فِي درع حَصِينَة. فتأولها أَن نَفرا من أَصْحَابه يقتلُون وَأَن رجلا من أهل بَيته يصاب وَأَن الدرْع الحصينة الْمَدِينَة. فَأَشَارَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على أَصْحَابه أَن لَا يخرجُوا إِلَيْهِم وَأَن يتحصنوا بِالْمَدِينَةِ فَإِن قربوا مِنْهَا قاتلوهم على أَفْوَاه الْأَزِقَّة. وَوَافَقَ رسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على هَذَا الرَّأْي عَبْدُ اللَّهِ بْن أبي بْن سلول، وأبى أَكثر الْأَنْصَار إِلَّا الْخُرُوج إِلَيْهِم ليكرم اللَّه من شَاءَ مِنْهُم بِالشَّهَادَةِ. فَلَمَّا رأى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عزيمتهم دخل بَيته، فَلبس لأمته، وَخرج، وَذَلِكَ يَوْم الْجُمُعَة، فصلى على رجل من بني النجار مَاتَ ذَلِك الْيَوْم يُقَال لَهُ مَالك بْن عَمْرو، وَقيل: بل اسْمه مُحرز بْن عَامر. وَنَدم قوم من الَّذين ألحوا فِي الْخُرُوج وَقَالُوا: يَا رَسُول اللَّه إِن شِئْت فَارْجِع، فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا يَنْبَغِي لنَبِيّ إِذا لبس لأْمَتَهُ أَن يَضَعهَا حَتَّى يُقَاتل».
فَخرج رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ألف من أَصْحَابه، وَاسْتعْمل ابنَ أم مَكْتُوم على الصَّلَاة لمن بَقِي بِالْمَدِينَةِ من الْمُسلمين، فَلَمَّا سَار رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْو أحد انْصَرف عَنهُ عَبْد اللَّهِ بْن أبي بْن سلول بِثلث النَّاس مغاضبا، إِذْ خُولِفَ رَأْيه، فاتبعهم عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرو بْن حرَام، فَذَكَّرَهُمُ اللَّهَ والرجوعَ إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَبَوا عَلَيْهِ، فسبهم، وَرجع عَنْهُم إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ونهض رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمُسْلِمين، وَذكر لَهُ قوم من الْأَنْصَار أَن يستعينوا بحلفائهم من يهود، فَأبى عَلَيْهِم. وسلك على حرَّة بن حَارِثَة، وشق أَمْوَالهم حَتَّى مَشى على مَال لمربع بْن قيظي وَكَانَ ضَرِير الْبَصَر فَقَامَ يحثو التُّرَاب فِي وُجُوه الْمُسلمين وَيَقُول: إِن كنتَ رَسُول اللَّه فَلَا يحل لَك أَن تدخل حائطي وَأكْثر من القَوْل. فَابْتَدَرَهُ أَصْحَاب رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليقتلوه، فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: «فَهَذَا الْأَعْمَى أعمى الْقلب أعمى الْبَصَر». وضربه سعد بْن زيد أَخُو بني عَبْد الْأَشْهَل بقوسه فَشَجَّهُ فِي رَأسه. وَنفذ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى نزل الشّعب من أحد فِي عدوة الْوَادي إِلَى الْجَبَل، فَجعل ظَهره إِلَى أحد، وَنهى النَّاس عَن الْقِتَال حَتَّى يَأْمُرهُم. وسرحت قُرَيْش الظّهْر والكراع فِي زروع الْمُسلمين بقناة. وتعبأ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْقِتَالِ، وَهُوَ فِي سَبْعمِائة، وَقيل: إِن الْمُشْركين كَانُوا ثَلَاثَة آلَاف فيهم مِائَتَا فَارس، وَقيل: كَانَ فِي الْمُسلمين يَوْمئِذٍ خَمْسُونَ فَارِسًا. وَكَانَ رُمَاة الْمُسلمين خمسين رجلا. وَأَمَّرَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الرُّمَاة عبد الله بن جبر أَخا بني عَمْرو بْن عَوْف وَهُوَ أَخُو خَوات بْن جُبَير، وَعبد الله يَوْمئِذٍ معلم بِثِيَاب بيض، فرتبهم رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خلف الْجَيْش، وَأمره بِأَن ينضح الْمُشْركين بِالنَّبلِ لِئَلَّا يَأْتُوا الْمُسلمين من ورائهم. وَظَاهر رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمئِذٍ بَين درعين، وَدفع اللِّوَاء إِلَى مُصعب بْن عُمَيْر أحد بني عَبْد الدَّار وَأَجَازَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمئِذٍ سَمُرَة بْن جُنْدُب الْفَزارِيّ وَرَافِع بْن خديج وَلكُل وَاحِد مِنْهُمَا خمس عشرَة سنة. وَكَانَ رَافع راميا. ورد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمئِذٍ عَبْد اللَّهِ بْن عمر وَزيد بْن ثَابت وَأُسَامَة بْن زيد والبراء بْن عَازِب وَأسيد بْن ظهير وعرابة بْن أَوْس وَزيد بْن أَرقم وَأَبا سعيد الْخُدْرِيّ، ثمَّ أجازهم كلهم -عَلَيْهِ السَّلَام- يَوْم الخَنْدَق. وَقد قيل إِن بعض هَؤُلَاءِ إِنَّمَا رده يَوْم بدر وَأَجَازَهُ يَوْم أحد. وَإِنَّمَا رد من لم يبلغ خمس عشرَة سنة وَأَجَازَ من بلغَهَا. وَجعلت قُرَيْش على ميمنتهم فِي الْخَيل خَالِد بْن الْوَلِيد وعَلى ميسرتهم فِي الْخَيل عِكْرِمَة بْن أبي جهل. وَدفع رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَيْفه إِلَى أبي دُجَانَة الْأنْصَارِيّ سماك بْن خَرشَة السَّاعِدِيّ وَكَانَ شجاعا يختال فِي الْحَرْب. وَكَانَ أَبُو عَامر الْمَعْرُوف بِالرَّاهِبِ وَسَماهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْفَاسِق واسْمه عَبْد عَمْرو بْن صَيْفِي بْن مَالك بْن النُّعْمَان أحد بني ضبيعة وَهُوَ وَالِد حَنْظَلَة بْن أبي عَامر غسيل الْمَلَائِكَة -قد ترهب وتنسك فِي الْجَاهِلِيَّة، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَام غلب عَلَيْهِ الشَّقَاء، ففر عَن الْمَدِينَة إِذْ نزلها رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مباعدا لرَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومبغضا فِيهِ وَخرج إِلَى مَكَّة فِي جمَاعَة من فتيَان الْأَوْس، وَشهد يَوْم أحد مَعَ الْكفَّار، ووعد قُريْشًا بانحراف قومه إِلَيْهِ، فَكَانَ أول من خرج للقاء الْمُسلمين فِي عَبْدَانِ أهل مَكَّة والأحابيش. فَلَمَّا نَادَى قومه وعرفهم بِنَفسِهِ قَالُوا: لَا أنعم اللَّه بك عينا يَا فَاسق، فَقَالَ: لقد أصَاب قومِي بعدِي شَرّ، ثمَّ قَاتل الْمُسلمين قتالا شَدِيدا.
وَكَانَ شعار أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْم أحد: أَمِتْ أَمِتْ. وأبلى يَوْمئِذٍ عَليّ وَحَمْزَة وَأَبُو دُجَانَة وَطَلْحَة بلَاء حسنا، وأبلى أنس بن النضرة يَوْمئِذٍ بلَاء حسنا وَكَذَلِكَ جمَاعَة من الْأَنْصَار أبلوا وأصيبوا يَوْمئِذٍ مُقْبِلين غير مُدبرين. وَقَاتل النَّاس قتالا شَدِيدا ببصائر ثَابِتَة، فانهزمت قُرَيْش، واستمرت الْهَزِيمَة عَلَيْهِم، فَلَمَّا رأى ذَلِك الرُّمَاة قَالُوا: قد هُزِمَ أَعدَاء اللَّه فَمَا لقعودنا هَا هُنَا معنى. فَذَكَّرَهُمْ أَمِيرهمْ عَبْد اللَّهِ بْن جُبَير أَمْرَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إيَّاهُم بِأَن لَا يزولوا فَقَالُوا: قد انْهَزمُوا وَلم يلتفتوا إِلَى قَوْله، وَقَامُوا. ثمَّ كرّ الْمُشْركُونَ وَولى الْمُسلمُونَ وَثَبت من أكْرمه اللَّه مِنْهُم بِالشَّهَادَةِ. وَوصل إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فقاتل دونه مُصعب بْن عُمَيْر حَتَّى قتل رَضِي اللَّه عَنهُ، وجرح رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَجهه وَكسرت رباعيته الْيُمْنَى السُّفْلى بِحجر وهشمت الْبَيْضَة [على] رَأسه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وجزاه عَن أمته بِأَفْضَل مَا جزى بِهِ نَبيا من أنبيائه عَن صبره. وَكَانَ الَّذِي تولى ذَلِك من النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام عَمْرو بْن قمئة اللَّيْثِيّ وَعتبَة بْن أبي وَقاص. وَقد قيل إِن عَبْد اللَّهِ بْن شهَاب جدَّ الْفَقِيه مُحَمَّد بْن مُسلم بْن شهَاب هُوَ الَّذِي شج رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَبهته. وَأَكَبَّتْ الْحِجَارَة على رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى سقط فِي حُفْرَة كَانَ أَبُو عَامر الراهب قد حفرهَا مكيدة للْمُسلمين، فَخر عَلَيْهِ السَّلَام على جنبه، فَأخذ عَليّ بِيَدِهِ، واحتضنه طَلْحَة حَتَّى قَامَ. وَمَصَّ مَالك بْن سِنَان – وَالِد أبي سعيد الْخُدْرِيّ – من جرح رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدَّم. ونشبت حلقتان من حلق المعفر فِي وَجهه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فانتزعهما أَبُو عُبَيْدَة بْن الْجراح وعض عَلَيْهِمَا بثنيتيه، فسقطتا، وَكَانَ الهتم يزينه. وَأعْطى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّايَة -حِين قتل مصعبُ بْن عُمَيْر- عَلِيَّ بْنَ أبي طَالب.
وَصَارَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحت راية الْأَنْصَار. وَشد حَنْظَلَة الغسيل بْن أبي عَامر على أبي سُفْيَان بْن حَرْب، فَلَمَّا تمكن مِنْهُ حمل شَدَّاد بْن الْأسود اللَّيْثِيّ -وَهُوَ ابْن شعوب- على حَنْظَلَة، فَقتله وَكَانَ جنبا فغسلته الْمَلَائِكَة، أخبر بذلك جِبْرِيل رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأخْبر رسولُ اللَّه بذلك أصحابَهُ، وَقَالَ: «كَانَ حَنْظَلَة قد قَامَ من امْرَأَته جنبا فغسلته الْمَلَائِكَة».
وَقتل صَاحب لِوَاء الْمُشْركين، فَسقط لواؤهم، فَرَفَعته عمْرَة بنت عَلْقَمَة الحارثية للْمُشْرِكين فَاجْتمعُوا إِلَيْهِ، وحملوا على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَرَّ دونه نفر من الْأَنْصَار، قيل سَبْعَة، وَقيل عشرَة، فَقُتِلُوا كلهم، وَكَانَ آخِرهم عمار بْن يزِيد بْن السكن أَو زِيَاد بْن السكن. وَقَاتل يَوْمئِذٍ طَلْحَة قتالا شَدِيدا، وقاتلت أم عمَارَة الْأَنْصَارِيَّة، وَهِي نسيبة بنت كَعْب قتالا شَدِيدا، وَضربت عَمْرو بْن قمئة بِالسَّيْفِ ضربات فوقاه دِرْعَانِ كَانَتَا عَلَيْهِ وضربها عَمْرو بِالسَّيْفِ فجرحها جرحا عَظِيما على عاتقها. وترس أَبُو دُجَانَة بظهره عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والنبل يَقع فِيهِ وَهُوَ لَا يَتَحَرَّك، وَحِينَئِذٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لسعد بْن أبي وَقاص: «ارْمِ فدَاك أبي وَأمي». وَأُصِيبَتْ يَوْمئِذٍ عين قَتَادَة بْن النُّعْمَان الظفري فَأتى رسولَ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعينه على وجنته، فَردهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ وغمزها فَكَانَت أَجْمَلَ عَيْنَيْهِ وَأَصَحَّهُمَا.
وانْتهى أنس بْن النَّضر، وَهُوَ عَم أنس بْن مَالك، يَوْمئِذٍ إِلَى جمَاعَة من الصَّحَابَة قد ألقوا بِأَيْدِيهِم، فَقَالَ لَهُم: مَا يجلسكم؟ قَالُوا: قُتِلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُم: مَا تَصْنَعُونَ بِالْحَيَاةِ بعده؟! قومُوا فموتوا على مَا مَاتَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم. ثمَّ اسْتقْبل النَّاسَ، وَلَقي سعدَ بْن معَاذ فَقَالَ لَهُ: يَا سعد وَالله إِنِّي لأجد ريح الْجنَّة من قِبَلِ أحد، فقاتل حَتَّى قتل، رَضِي اللَّه عَنهُ، وُجِدَ بِهِ أَزِيد من سبعين جرحا من بَين ضَرْبَة وطعنة ورمية فَمَا عَرفته إِلَّا أُخْته ببنانه، ميزته، وجرح يَوْمئِذٍ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف نَحْو عشْرين جِرَاحَة بَعْضهَا فِي رجله، فعرج مِنْهَا -رَحمَه اللَّه- إِلَى أَن مَاتَ.
وَأول من ميز رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد الجولة كَعْب بْن مَالك الشَّاعِر، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوته: يَا معشر الْمُسلمين أَبْشِرُوا، هَذَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَأَشَارَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَن أنصت. فَلَمَّا عرفه الْمُسلمُونَ مالوا إِلَيْهِ وصاروا حوله ونهضوا مَعَه نَحْو الشّعب، فيهم أَبُو بكر وَعمر وَعلي وَطَلْحَة وَالزُّبَيْر والْحَارث بْن الصمَّة الْأنْصَارِيّ وَجَمَاعَة من الْأَنْصَار. فَلَمَّا أسْند رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الشّعب أدْركهُ أُبَيُّ بن حلف الجُمَحِي، فَتَنَاول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحربة من الْحَارِث بْن الصمَّة، ثمَّ طعنه بهَا فِي عُنُقه، فَكَرَّ أُبَيٌّ مُنْهَزِمًا، فَقَالَ لَهُ الْمُشْركُونَ: وَالله مَا لَك من بَأْس، فَقَالَ: وَالله لَو بزق عَليّ لَقَتَلَنِي، أَلَيْسَ قد قَالَ: «بل أَنا أَقتلهُ». وَكَانَ قد أَوْعَدَ رسولَ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ القتلَ بِمَكَّة، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بل أَنا أَقْتلك». فَمَاتَ عَدو اللَّه من ضَرْبَة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مرجعه إِلَى مَكَّة بِموضع يُقَال لَهُ: سرف.
وملأ عَليّ درقته من مَاء المهراس وأتى بِهِ رَسُول اللَّه ليشربه، فَوجدَ فِيهِ رَائِحَة، فعافه وَغسل بِهِ من الدَّم وَجهه، ونهض إِلَى صَخْرَة من الْجَبَل ليعلوها، وَكَانَ عَلَيْهِ دِرْعَانِ وَكَانَ قد بدن، فَلم يقدر أَن يعلوها، فَجَلَسَ لَهُ طَلْحَة، وَصعد رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على ظَهره، ثمَّ اسْتَقل بِهِ طَلْحَة حَتَّى اسْتَوَى على الصَّخْرَة. وحانت الصَّلَاة، فصلى جَالِسا والمسلمون وَرَاءه قعُودا.
رَوَى سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَمَعْمَرُ بْنُ كِرَاعٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَ: رَأَيْتُ عَنْ يَمِينِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ شِمَالِهِ رَجُلَيْنِ عَلَيْهِمَا ثِيَابٌ بِيضٌ يَوْمَ أُحُدٍ لَمْ أرهما قبل وَلَا بعد وَانْهَزَمَ قوم من الْمُسلمين يَوْمئِذٍ، مِنْهُم عُثْمَان بْن عَفَّان، فَعَفَا اللَّه عَنْهُم وَنزل فيهم: {إِنَّ ٱلَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ إِنَّمَا ٱسْتَزَلَّهُمُ ٱلشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ وَلَقَدْ عَفَا ٱللَّهُ عَنْهُمْ} [آل عمران: 155] الْآيَة وَكَانَ الحسيل بْن جَابر الْعَبْسِي -وَهُوَ الْيَمَان وَالِد حُذَيْفَة بْن الْيَمَان- وثابت بْن وقش شيخين كبيرين قد جُعِلا فِي الْآطَام مَعَ النِّسَاء وَالصبيان، فَقَالَ أَحدهمَا لصَاحبه: مَا بَقِي من أعمارنا؟! فَلَو أَخذنَا سُيُوفنَا ولحقنا برَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَلَّ اللَّه يرزقنا الشَّهَادَة. وَفَعَلا ذَلِك، فدخلا فِي جملَة الْمُسلمين. فَأَما ثَابت بْن وقش فَقتله الْمُشْركُونَ، وَأما الحسيل فَظَنهُ الْمُسلمُونَ من الْمُشْركين فَقَتَلُوهُ خطأ، وَقيل إِن الَّذِي قَتله عتبَة بْن مَسْعُود. وَكَانَ حُذَيْفَة يَصِيح والمسلمون قد علوا أَبَاهُ: أَبِي أَبِي! ثمَّ تصدق بديته على الْمُسلمين.
وَكَانَ مخيريق أحد بني ثَعْلَبَة بْن الفطيون من الْيَهُود قد دَعَا الْيَهُود إِلَى نصر رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ لَهُم: وَالله إِنَّكُم لتعلمون أَن نصر مُحَمَّد عَلَيْكُم حق، فَقَالُوا لَهُ: إِن الْيَوْم السبت، فَقَالَ: لَا سبت لكم. وَأخذ سلاحه، وَلحق برَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقاتل مَعَه حَتَّى قتل، وَأوصى أَن مَاله لرَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَيُقَال إِنَّ بعض صدقَات رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ من مَال مخيريق.
وَكَانَ الْحَارِث بْن سُوَيْد بْن الصَّامِت منافقا لم ينْصَرف مَعَ عَبْد اللَّهِ بْن أبي فِي حِين انْصِرَافه عَن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جماعته عَن غزَاة أحد، ونهض مَعَ الْمُسلمين، فَلَمَّا التقى الْمُسلمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ بِأحد عدا عَليّ المجذر بْن ذياد البلوي وعَلى قيس بْن زيد أحد بني ضبيعة، فَقَتَلَهُمَا وفر إِلَى الْكفَّار -وَكَانَ المجذر قد قتل فِي الْجَاهِلِيَّة سُوَيْد بْن الصَّامِت وَالِد الْحَارِث الْمَذْكُور فِي بعض حروب الْأَوْس والخزرج- ثمَّ لحق الْحَارِث بْن سُوَيْد مَعَ الْكفَّار بِمَكَّة، فَأَقَامَ هُنَاكَ مَا شَاءَ اللَّه، ثمَّ حِينه اللَّه فَانْصَرف إِلَى الْمَدِينَة إِلَى قومه. وأتى رسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخَبَر من السَّمَاء، نزل جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام، فَأخْبرهُ أَن الْحَارِث بْن سُوَيْد قد قدم فانهض إِلَيْهِ، واقتص مِنْهُ لمن قَتله من الْمُسلمين غدرا يَوْم أحد. فَنَهَضَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى قبَاء فِي وَقت لم يكن يَأْتِيهم فِيهِ، فَخرج إِلَيْهِ الْأَنْصَار أهل قبَاء فِي جَمَاعَتهمْ وَفِي جُمْلَتهمْ الْحَارِث بْن سُوَيْد وَعَلِيهِ ثوب مورس فَأمر رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عويم بْن سَاعِدَة، فَضرب عُنُقه وَقَالَ الْحَارِث: لِمَ يَا رَسُول اللَّه؟ فَقَالَ: «بقتلك المجذر بن ذياد وَقيس بْن زيد». فَمَا رَاجعه بِكَلِمَة وَقدمه عُوَيْمِر، فَضرب عُنُقه. ثمَّ رَجَعَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلم ينزل عِنْدهم.
وَكَانَ عَمْرو بْن ثَابت بْن وقش من بني عَبْد الْأَشْهَل يعرف بالأصيرم يَأْبَى الْإِسْلَام. فَلَمَّا كَانَ يَوْم أحد قذف اللَّه الْإِسْلَام فِي قلبه للَّذي أَرَادَ من السَّعَادَة بِهِ. فَأسلم وَأخذ سَيْفه وَلحق بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَاتل حَتَّى أثبت بالجراح وَلم يعلم أحد بأَمْره. وَلما انجلت الْحَرْب طَاف بَنو عَبْد الْأَشْهَل فِي الْقَتْلَى يتلمسون قتلاهم، فوجدوا الأصيرم وَبِه رَمق لطيف، فَقَالُوا: وَالله إِن هَذَا الأصيرم مَا جَاءَ بِهِ؟ لقد تَرَكْنَاهُ وَإنَّهُ لمنكر لهَذَا الْأَمر. ثمَّ سَأَلُوهُ: يَا عَمْرو مَا الَّذِي جَاءَ بك إِلَى هَذَا المشهد؟ أحدب على قَوْمك أم رَغْبَة فِي الْإِسْلَام؟ فَقَالَ: بل رَغْبَة فِي الْإِسْلَام، آمَنت بِاللَّه وَرَسُوله، ثمَّ قَاتَلت مَعَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [حَتَّى أصابني مَا ترَوْنَ. فَمَاتَ من وقته، فذكروه لرَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] فَقَالَ: «هُوَ من أهل الْجنَّة». وَلم يصل صَلَاة قطّ.
وَكَانَ فِي بني ظفر رجل لَا يدرى مِمَّن هُوَ يُقَال لَهُ قزمان أبلى يَوْم أحد بلَاء شَدِيدا، وَقَتَلَ يَوْمئِذٍ سَبْعَة من وُجُوه الْمُشْركين، وَأثبت جراحا، فَأُخْبِرَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأَمْره، فَقَالَ: «هُوَ من أهل النَّار». وَقيل لقزمان: أبشر بِالْجنَّةِ، فَقَالَ: بِمَاذَا؟ وَمَا قَاتَلت إِلَّا عَن أَحْسَاب قومِي. ثمَّ لما اشْتَدَّ عَلَيْهِ ألم الْجراح أخرج سَهْما من كِنَانَته، فَقطع بِهِ بعض عروقه، فَجرى دَمه حَتَّى مَاتَ، وَمثل بقتلى الْمُسلمين. وَأخذ النَّاس ينقلون قتلاهم بعد انصراف قُرَيْش، فَأمر رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَن يدفنوا فِي مضاجعهم بدمائهم وثيابهم لَا يغسلون.
ذكر من اسْتشْهد من الْمُهَاجِرين يَوْم أحد
حَمْزَة بْن عَبْد الْمطلب عَم رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَضي اللَّه عَن حَمْزَة، قَتله وَحشِي بْن حَرْب مولى طعيمة بْن عدي بْن نَوْفَل، وَقيل: مولى جُبَير بْن مطعم بْن عدي، وَأعْتقهُ مَوْلَاهُ لقَتله حَمْزَة. وَكَانَ وَحشِي حَبَشِيًّا يَرْمِي بالحربة رمي الْحَبَشَة ثمَّ أسلم، وَقَتَلَ بِتِلْكَ الحربة مُسَيْلمَة الْكذَّاب يَوْم الْيَمَامَة. وَعبد اللَّه بْن جحش بْن رِئَاب الْأَسدي حَلِيف بني عَبْد شمس وَهُوَ ابْن عمَّة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دفن مَعَ حَمْزَة فِي قبر وَاحِد. وَقد ذكرنَا خَبره عِنْد ذكره فِي كتاب الصَّحَابَة. وَيعرف بالمجدع فِي اللَّه لِأَنَّهُ تمنى ذَلِك قبل الدُّخُول فِي الْقِتَال يَوْم أحد فَقتل وجدع أَنفه وَأذنه وَجعلا فِي خيط. وَمصْعَب بْن عُمَيْر قَتله ابْن قمئة اللَّيْثِيّ. وشماس بْن عُثْمَان واسْمه عُثْمَان بْن عُثْمَان. وشماس لقب أَرْبَعَة من الْمُهَاجِرين.
تَسْمِيَة من اسْتشْهد من الْأَنْصَار يَوْم أحد
اسْتشْهد يَوْمئِذٍ من الْأَوْس ثمَّ من بني عَبْد الْأَشْهَل: عَمْرو بْن معَاذ أَخُو سعد بْن معَاذ، والْحَارث بْن أَوْس بْن معَاذ ابْن أخي سعد بْن معَاذ، والْحَارث بْن أنس بْن رَافع، وَعمارَة بْن زِيَاد بْن السكن. وَسَلَمَة وَعَمْرو ابْنا ثَابت بْن وقش، وأبوهما ثَابت بن وقش، وَأَخُوهُ رِفَاعَة بْن وقش، وَصَيْفِي بْن قيظي، وخباب بْن قيظي، وَعباد بْن سهل، واليمان بْن جَابر وَالِد حُذَيْفَة بْن الْيَمَان واسْمه حسيل حَلِيف لَهُم من عبس، وَعبيد بْن التيهَان، وحبِيب بْن زيد، وَإيَاس بْن أَوْس بْن عتِيك بْن عَمْرو بْن عَبْد الأعلم بْن زعوراء بْن جشم بْن عَبْد الْأَشْهَل.
وَمن بني ظفر: زيد بْن حَاطِب بْن أُميَّة بْن رَافع.
وَمن بني عَمْرو بْن عَوْف ثمَّ من بني ضبيعة بْن زيد: أَبُو سُفْيَان بْن الْحَارِث بْن قيس بْن يزِيد، وحَنْظَلَة والغسيل بْن أبي عَامر الراهب بْن صَيْفِي بْن النُّعْمَان.
وَمن بني عبيد بْن زيد: أنيس بْن قَتَادَة.
وَمن بني ثَعْلَبَة [بْن] عَمْرو بْن عَوْف: أَبُو حَبَّة بْن عَمْرو بْن ثَابت وَهُوَ أَخُو سعد بْن خَيْثَمَة لأمه، وَعبد اللَّه بْن جُبَير بْن النُّعْمَان أَمِير الرُّمَاة.
وَمن بني السّلم بن امريء الْقَيْس بْن مَالك بْن الْأَوْس: خَيْثَمَة وَالِد سعد بْن خَيْثَمَة. وَمن حلفائهم من بني العجلان: عَبْد اللَّهِ بْن سَلمَة.
وَمن بني مُعَاوِيَة بْن مَالك: سبيع بْن حَاطِب بْن الْحَارِث، وَمَالك بن أَوْس حَلِيف لَهُم.
وَمن بني خطمة وَاسم خطمة عَبْد اللَّهِ بْن جشم بْن مَالك بْن الْأَوْس: عُمَيْر بْن عدي وَلم يكن يَوْمئِذٍ فِي بني خطمة مُسلم غَيره فِي قَول بَعضهم. وَقد قيل إِن الْحَارِث بْن عدي بْن خَرشَة بْن أُميَّة بْن عَامر بْن خطمة مِمَّن اسْتشْهد يَوْمئِذٍ.
وَاسْتشْهدَ يَوْم أحد من الْخَزْرَج ثمَّ من بني النجار: عَمْرو بْن قيس بْن زيد بْن سَواد، وَابْنه قيس بْن عَمْرو، وثابت بْن عَمْرو بْن زيد، وعامر بن مخلد، وَأَبوهُ هُبَيْرَة بْن الْحَارِث بْن عَلْقَمَة، وَعَمْرو بْن مطرف، وَإيَاس بْن عدي، وَأَوْس بْن ثَابت أَخُو حسان بْن ثَابت وَهُوَ وَالِد شَدَّاد بْن أَوْس، وَأنس بْن النَّضر بْن ضَمْضَم عَم أنس بْن مَالك، وَقيس بْن مخلد من بني مَازِن بْن النجار، وكيسان عَبْد لَهُم.
وَمن بني الْحَارِث بْن الْخَزْرَج: خَارِجَة بْن زيد أبي زُهَيْر، وَسعد بْن الرّبيع بْن عَمْرو بْن أبي زُهَيْر ودفنا فِي قبر وَاحِد، وَأَوْس بْن الأرقم بْن زيد بْن قيس أَخُو زيد بْن أَرقم.
وَمن بني الأبجر وهم بَنو خدرة: مَالك بْن سِنَان وَالِد أبي سعيد الْخُدْرِيّ، وَسَعِيد بْن سُوَيْد بْن قيس بْن عَامر، وَعتبَة بْن ربيع بْن رَافع.
وَمن بني سَاعِدَة بْن كَعْب بْن الْخَزْرَج: ثَعْلَبَة بْن سعد بْن مَالك، وثقف بْن فَرْوَة بْن الْبدن، وَعبد اللَّه بْن عَمْرو بْن وهب بْن ثَعْلَبَة، وضمرة حَلِيف لَهُم من جُهَيْنَة.
وَمن بني عَوْف بْن الْخَزْرَج ثمَّ من بني سَالم: عَمْرو بْن إِيَاس، وَنَوْفَل بْن عَبْد اللَّهِ، وَعبادَة بْن الخشخاش، وَالْعَبَّاس بْن عبَادَة بْن نَضْلَة، والنعمان بن مَالك بن ثَعْلَبَة، والمجذر بْن ذياد البلوي حَلِيف لَهُم. وَدفن النُّعْمَان والمجذر وَعبادَة فِي قبر وَاحِد. وَمن بني سَواد بْن مَالك: مَالك بْن إِيَاس.
وَمن بني سَلمَة: عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ حرَام اصطبح الْخمر ذَلِك الْيَوْم ثمَّ قتل آخر النَّهَار شَهِيدا ثمَّ نزل تَحْرِيم الْخمر بَعْدُ، وَعَمْرو بْن الجموح بْن زيد بْن حرَام دفنا فِي قبر وَاحِد كَانَ صهرين وصديقين متآخيين، وَابْنه خَلاد بْن عَمْرو بْن الجموح، وَأَبُو أسيرة مولى عَمْرو بْن الجموح.
وَمن بني سَواد بْن غنم: سليم بْن عَمْرو بْن حَدِيدَة، ومولاه عنترة، وَسَهل بْن قيس بْن أبي كَعْب.
وَمن بني زُرَيْق بْن عَامر: ذكْوَان بْن عَبْد قيس، وَعبيد بْن الْمُعَلَّى بْن لوذان.
وجميعهم سَبْعُونَ رجلا، وَاخْتلف فِي صَلَاة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على شُهَدَاء أحد وَلم يُخْتَلَفْ عَنهُ فِي أَنه أَمر أَن يدفنوا بثيابهم وَدِمَائِهِمْ وَلم يغسلوا.
تَسْمِيَة من قتل من كفار قُرَيْش يَوْم أحد
وَقتل من كفار قُرَيْش يَوْم أحد اثْنَان وَعِشْرُونَ رجلا، مِنْهُم من بني عَبْد الدَّار أحد عشر رجلا: طَلْحَة، وَأَبُو سعيد، وَعُثْمَان بَنو أبي طَلْحَة، وَاسم أبي طَلْحَة عَبْد اللَّهِ بْن عَبْد الْعُزَّى بْن عُثْمَان بْن عَبْد الدَّار. قَتَلَ طَلْحَةَ بْن أبي طَلْحَة عليٌّ، وَقتل أَبَا سعيد بْن أبي طَلْحَة سعدُ بْن أبي وَقاص وَقَالَ ابْن هِشَام: بل قَتله عَليّ، وَعُثْمَان بْن أبي طَلْحَة قَتله حَمْزَة. ومسافع والْحَارث والجلاس وكلاب بَنو طَلْحَة الْمَذْكُور. قَتَلَ مسافعا والجلاس عَاصِم بْن ثَابت بْن أبي الأقلح، وَقتل كلابا والْحَارث قزمان وَقيل: بل قتل كلابا عبد الرَّحْمَن بْن عَوْف. وأرطاة بْن عَبْد شُرَحْبِيل بْن هَاشم بْن عَبْد منَاف بْن عَبْد الدَّار قَتله حَمْزَة، وَأَبُو يزِيد بْن عُمَيْر بْن هَاشم بْن عَبْد منَاف بْن عَبْد الدَّار أَخُو مُصعب بْن عُمَيْر قزمان، والقاسط بْن شُرَيْح بْن هَاشم بْن عَبْد منَاف بْن عَبْد الدَّار قَتله قزمان، وصؤاب أبي طَلْحَة. وَاخْتلف فِي قَاتل صؤاب، فَقيل قزمان، وَقيل عَليّ، وَقيل سعد، وَقيل أَبُو دُجَانَة.
وَمن بني أَسد بْن عَبْد الْعُزَّى رجلَانِ: عبد الله حميد بْن زُهَيْر بْن الْحَارِث بْن أَسد قَتله عَليّ، وسباع بْن عَبْد الْعُزَّى الْخُزَاعِيّ حَلِيف بني أَسد.
وَمن بني مَخْزُوم أَرْبَعَة: هِشَام بْن أبي أُميَّة بْن الْمُغيرَة أَخُو أم سَلمَة أم الْمُؤمنِينَ، والوليد بْن الْعَاصِ بْن هِشَام بْن الْمُغيرَة، وَأُميَّة بْن أبي حُذَيْفَة بْن الْمُغيرَة، وخَالِد بْن الأعلم حَلِيف لَهُم.
وَمن بني زهرَة: أَبُو الحكم بْن الْأَخْنَس بْن شريق حَلِيف لَهُم قَتله عَليّ.
وَمن بني جمح رجلَانِ: أُبَيُّ بْن خلف قَتله رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبُو عزة واسْمه عَمْرو بْن عَبْد اللَّهِ بْن عُمَيْر بْن وهب بْن حذافة بْن جمح أَمر رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِضَرْب عُنُقه صبرا، وَذَلِكَ أَنه مَنَّ عَلَيْهِ يَوْم بدر وَأطْلقهُ من الْأسر بِلَا فدَاء، وَأخذ عَلَيْهِ أَن لَا يعين عَلَيْهِ فنقض الْعَهْد وغزاه مَعَ الْمُشْركين يَوْم أحد، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالله لَا تمسح عَارِضَيْك بِمَكَّة تَقُولُ: خدعت مُحَمَّدًا مرَّتَيْنِ» وَأمر بِهِ فَضربت عُنُقه.
وَمن بني عَامر بْن لؤَي رجلَانِ: عُبَيْدَة بْن جَابر قَتله ابْن مَسْعُود. وَشَيْبَة بْن مَالك.