بنو لحيان هم الذين قتلوا عاصم بن ثابت وإخوانه، ولم يزل رسول الله حزينا عليهم متشوقا للقصاص من عدوهم حتى ربيع الأول من هذه السنة، …
فأمر أصحابه بالتجهّز، ولم يظهر لهم مقصده كما هي عادته عليه الصلاة والسلام في غالب الغزوات، لتعمى الأخبار عن الأعداء، وولى على المدينة ابن أم مكتوم، وسار في مائتي راكب معهم عشرون فرسا، ولم يزل سائرا حتى مقتل أصحاب الرجيع، فترحّم عليهم ودعا لهم، ولما سمع به بنو لحيان تفرّقوا في الجبال، فأقام عليه الصلاة والسلام بديارهم يومين يبعث السرايا، فلا يجدون أحدا، ثم أرسل بعضا من أصحابه ليأتوا عسفان حتى يعلم بهم أهل مكّة فيداخلهم الرعب، فذهبوا إلى كراع الغميم ثم رجع عليه الصلاة والسلام إلى المدينة وهو يقول: «ايبون تائبون لربنا حامدون أعوذ بالله من وعثاء السفر وكابة المنقلب وسوء المنظر في الأهل والمال».