ونهض رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه إلى بني النضير، …
مستعيناً بهم في دية ذينك القتيلين اللذين قتلهما عمرو بن أمية، فلما كملهم قالوا: نعم. فقعد رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أبي بكر وعمر وعلي ونفر من أصحابه إلى جدار من جدرهم. فاجتمع بنو النضير، وقالوا: من رجل يصعد على ظهر البيت، فيلقي على محمد صخرة، فيقتله، فيريحنا منه فانتدب لذلك عمرو بن جحاش بن كعب؛ فأوحى الله تعالى بذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام لوم يشعر بذلك أحداً من أصحابه ممن معه، فلما استلبثه أصحابه رضي الله عنهم قاموا فرجعوا إلى المدينة، وأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرهم بما أوحى الله تعالى إليه مما أرادته اليهود، وأمر أصحابه بالتهيؤ لحربهم، واستعمل على المدينة ابن أم مكتوم.
ونهض إلى بني النضير في أول السنة الرابعة من الهجرة، فحاصرهم ست ليال، وحينئذ نزل تحريم الخمر . فتحصنوا منه في الحصون، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقطع النخل وإحراقها، ودس عبد الله بن أبي ابن سلول ومن معه من المنافقين إلى بني النضير: إنا معكم، وإن قوتلتم قاتلنا معكم، وإن أخرجتم خرجنا معكم، فاغتروا بذلك. فلما جاءت الحقيقة خذلوهم وأسلموهم، فسألوا رسول اله صلى الله عليه وسلم أن يجليهم ويكف عن دمائهم، على أن لهم ما حملت الإبل من أموالهم إلا لسلاح.
فاحتملوا بذلك إلى خيبر، ومنهم من صار إلى الشام، وكان ممن سار معهم إلى خيبر أكابرهم: حيي بن أخطب، وسلام بن أبي الحقيق، وكنانة بن الربيع بن أبي الحقيق؛ فدانت لهم خيبر. فقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم أموال بني النضير بين المهاجرين الأولين خاصة، إلا أنه أعطي منها أبا دجانة سماك بن خرشة، وسهل بن حنيف، وكانا فقيرين.
ولم يسلم من بني النضير إلا رجلان: يامين بن عمير بن كعب بن عمرو بن جحاش، وأبو سعد بن وهب أسلما، فأحرزا أموالهما، وذكر أن يامين بن عمير جعل جعلا لمن قتل ابن عمه عمرو بن جحاش، لما هم به في رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفي قصة بني النضير نزلت سورة الحشر.