وسار عليه الصلاة والسلام بمن معه إلى الطائف، ليجهز على بقية حياة ثقيف، …
ومن تجمّع معهم من هوازن، وجعل على مقدمته خالد بن الوليد، ومرّ عليه الصلاة والسلام بحصن لعوف بن مالك النّصري فأمر بهدمه، ومرّ ببستان لرجل من ثقيف قد تمنّع فيه، فأرسل إليه أن أخرج، وإلّا حرّقنا عليك بستانك، فامتنع الرجل فأمر عليه الصلاة والسلام بحرقه. ولما وصل المسلمون إلى الطائف وجدوا الأعداء قد تحصّنوا به، وأدخلوا معهم قوت سنتهم. فعسكر المسلمون قريب الحصن، فرماهم المشركون بالنّبل رميا شديدا حتى أصيب منهم كثيرون بجراحات منهم عبد الله بن أبي بكر. وقد طاوله جرحه حتى أماته في خلافة أبيه، ومنهم أبو سفيان بن حرب فقئت عينه، وقد مات بالجراحات اثنا عشر رجلا من المسلمين. ولمّا رأى رسول الله أنّ العدو متمكّن من رميهم، ارتفع إلى محل مسجد الطائف الان، وضرب لأم سلمة وزينب قبتين هناك، واستمرّ الحصار ثمانية عشر يوما، كان فيها ينادي خالد بن الوليد بالبراز فلم يجبه أحد، وناداه عبد ياليل عظيم ثقيف لا ينزل إليك منّا أحد. ولكن نقيم في حصننا، فإنّ فيه من الطعام ما يكفينا سنين، فإن أقمت حتى يفنى هذا الطعام خرجنا إليك بأسيافنا جميعا حتى نموت عن اخرنا، فأمر عليه الصلاة والسلام بأن ينصب عليهم المنجنيق فنصب. ودخل جمع من الأصحاب تحت دبابتين لينقبوا الحصن، فأرسلت عليهم ثقيف سكك الحديد محماة بالنار حتى أرجعوهم. فأمر عليه الصلاة والسلام أن تقطع أعنابهم ونخيلهم، فقطع المسلمون فيها قطعا ذريعا، فناداه أهل الحصن أن دعها لله وللرحم، فقال: «أدعها لله وللرحم». ثم أمر من ينادي بأن كل من ترك الحصن ونزل فهو امن، فخرج إليه بضعة عشر رجلا. ولما رأى عليه الصلاة والسلام أن تمنّع ثقيف شديد، وأن الفتح لم يؤذن فيه استشار نوفل بن معاوية الديلي في الذهاب أو المقام، فقال: يا رسول الله ثعلب في جحر إن أقمت أخذته وأن تركته لم يضرّك، فأمر عليه الصلاة والسلام بالرحيل وطلب منه بعض الصحابة أن يدعو على ثقيف فقال: «اللهم أهد ثقيفا وائت بهم مسلمين».