وفي ليلته أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالرحيل من #~~~الطائف~~~#، فساروا متجهين إلى #~~~الجعرانة~~~# …
حوالي 6 كم في ساعة ونصف تقريبًا حتى وصلوا #~~~نخب~~~#، وقال لهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم قولوا: «آيبون إن شاء الله عابدون لربنا حامدون»، وقالوا: “يا رسول الله اُدع على ثقيف”، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «اللهم اهد ثقيف وائت بهم» [^1]، ثم ساروا حوالي 14 كم في ثلاث ساعات تقريبًا حتى وصلوا #~~~وادي لِيَّة~~~# وقت صلاة الصبح فصلوه بها أو قريبًا منها.
وأثناء السير، كان أبو رُهم الغفاري رضي الله عنه يركب ناقته يسير بها بجوار ناقة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأبو رُهم يلبس في رجليه نعلان غليظتان، فتقاربت ناقته من ناقة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ووقع حرف نعله على ساق النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأوجعه، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «أوجعتني، أخِّر رِجْلَك…»، فضربه النبي صلى الله عليه وآله وسلم على رِجْله بالسّوط -الكرباج-، فخاف أبو رُهم أن يكون قد آذى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فينزل فيه قرآن.
ثم أكملوا المسير حوالي 20 كم في أربع ساعات تقريبًا حتى وصلوا #~~~المُلَيْح~~~#، وفي الطريق كان سُراقة بن مالك بن جُعشُم -وهو من سادة بني مدلج- وكان قد أسلم وكتب له النبي صلى الله عليه وآله وسلَّم كتابًا في أثناء الهجرة لمّا خرج وراء النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأبا بكر رضي الله عنه، فوجد سُراقة جيش المُسلمين وعرف بوجود النبي صلى الله عليه وآله وسلّم، فدخل في الجيش وهم يسيرون في مجموعات، فتوسّط مجموعة من خيل الأنصار -فعارض طريقهم- فجعلوا يقرعوه برماحهم ويقولون: “إليك إليك ما أنت؟” وأنكروه، فتقدم حتى أدرك أنّه قريب من النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيسمع صوته، وأخرج الكتاب الذي كتبه له أبا بكر الصديق رضي الله عنه في الهجرة بأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وجعله بين أصابعه ورفع يده عاليًا، ثم نادى بأعلى صوته: “أنا سُراقة بن جُعشُم وهذا كتابي”، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «يوم وفاء، أدنوه -قَرِّبوه-»، فاقترب سُراقة وهو ينظر إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول عن نفسه: “فكأني أنظر إلى ساق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في ركابه كأنّها جُمّارة -تشبيه لشدّة بياضها بلُب النخيل-، فلمّا وصلت إليه سلّمت، وسُقت إليه الصدقة”، ثم قال سُراقة: “يا رسول الله أرأيت الضالّة من الإبل تغشى حياضي وقد ملأتها لإبلي، هل لي من أجر إن أَسقيتها؟”، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «نعم في كل ذات كبد حَرَّى أجر»، ثم وقفوا بالمُلَيْح للاستراحة وغربت الشمس وهم هناك.
[^1]: هو صلى الله عليه وآله وسلم رحمة للعالمين، وقد استجاب المولى سبحانه لدعائه فأتى بهم مُسلمين في العام التالي كما سيأتي في الوفود.