وفي ليلته أمسى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وجيش المسلمين عند #~~~نخلة اليمانيّة~~~# عائدين من #~~~الطائف~~~# …
باتجاه #~~~الجعرانة~~~#، فصلوا المغرب والعشاء وأقاموا أول الليل، ثم ساروا حوالي 25 كم في خمس ساعات حتى وصلوا #~~~حُنين~~~# وقت صلاة الصبح فصلوه بها أو قريبًا منها، ثم أكملوا المسير حوالي 11 كم في ساعتين تقريبًا حتى نزلوا الجعرانة، وقت الضُّحى تقريبًا.
ولمّا وصل النبي صلى الله عليه وآله وسلم وجد السبي والغنائم وقد أقعدوهم في حظائر يستظلون من الشمس، فلمّا نظر النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى تلك الحظائر سأل عنها، فقالوا: “يا رسول الله هذا سبي هوازن استظلوا من الشمس”، وكانوا 6 آلاف إنسان، والغنائم24 ألف بعير، والغنم عدد كبير لعلّه 40 ألفًا يزيدون أو ينقصون، وأمر صلى الله عليه وآله وسلم بُسر بن سفيان الخُزاعي -وكان استعمله على الأسرى والغنائم عند خروجه صلى الله عليه وآله وسلم للطائف- أن يذهب لمكّة فيشتري للسبي ثيابًا جديدة يكسوهم، ثياب المعقد فلا يخرج منهم أحد إلا كاسيًا -وكأنّه صلى الله عليه وآله وسلّم لمّا سأل عنهم لم يعجبه الهيئة التي تركوهم عليها، فلا تصح لمعاملة الإنسان ولو كان أسيرًا، فكان أمره بشراء الكسوة وإكرام الأسرى-.
ولمّا نزلوا الجِعرانة، خرج أبو رُهم الغِفاري، وعبد الله بن أبي حدرد الأسلمي يرعيان الإبل التي يسافر عليها الجيش -وكانوا يرعونها بالتناوب-، خوفًا أن يلتقيا النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يبحث عنهما وهما لا يدريان.
فلمّا كان وقت العصر تقريبًا عاد أبو رُهم فقالوا: “طلبك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم”، فأسرع أبو رُهم إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو يترقبّ ما يكون في شأنه، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إنك أوجعتني برجلك فقرعتك -ضربتك- بالسّوط، فخُذ هذه الغنم عِوَضًا من ضربتي»، قال أبو رُهم يحكي عن نفسه: “فرضاه عني كان أحب إليّ من الدنيا وما فيها”.
وعاد عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي فقال لأصحابه: “هل سأل عني أحد؟”، قالوا: “طلبك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم”، قال: “من جاء يطلبني؟”، قالوا: “رجل من الأنصار”، يقول عبد الله بن أبي حدرد: “فقُلت في نفسي: هي والله هي -يعني نزل فيّ عذاب-، وكرهت أن طلبني رجل من الأنصار فقد كانت فيهم غلظة علينا”، ثم جاء رجل من قُريش يطلُبه، فخرج خائفًا حتى واجه النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يتبسم في وجهه ويقول: «أوجعتك بمحجني -عصاتي- البارحة، فخذ هذه القطعة من الغنم»، قال عبد الله: “فأخذتها فوجدتها ثمانين شاة ضائنة”.
وسأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «أين أبو زُرعة؟»، قال أبو زُرعة: “ها أنا ذا”، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «خذ هذه الغنم بالذي أصابك من السوط أمس»، يقول أبو زُرعة: “فعددتها فوجدتها عشرين ومائة رأس، واستثمرتُها فاغتنيت بها”. [^1]
[^1]: وقسمة هذه العطايا كالتالي: من الغنم لأبي رُهم (حوالي 100 غنمة تقريبًا)، ولعبد الله بن أبي حدرد (80 غنمة)، ولأبي زرعة (120 غنمة) كلها من الخُمس، والخُمس فيما غنموا من الغنَم حوالي 8000 غنمة تقريبًا، فيكون النبي صلى الله عليه وآله وسلم أعطى منها كما هو مذكور هنا حوالي 300 غنمة تقريبًا، والله أعلم.