قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ ضِرَارُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي يَوْمِ أُحُدٍ:…
مَا بَالُ عَيْنُكَ قَدْ أَزْرَى بِهَا السُّهْدُ … كَأَنَّمَا جَالَ فِي أَجْفَانِهَا الرَّمَدُ
أَمِنْ فِرَاقِ حَبِيبٍ كُنْتَ تَأْلَفَهُ … قَدْ حَالَ مِنْ دُونِهِ الْأَعْدَاءُ وَالْبُعْدُ
أَمْ ذَاكَ مِنْ شغب قوم لاجداء بِهِمْ … إذْ الْحُرُوبُ تَلَظَّتْ نَارُهَا تَقِدُ
مَا يَنْتَهُونَ عَنْ الْغَيِّ الَّذِي رَكِبُوا … وَمَا لَهُمْ مِنْ لُؤَيٍّ وَيْحهمْ عَضُدُ
وَقَدْ نَشَدْنَاهُمْ باللَّه قَاطِبَةً … فَمَا تَرُدُّهُمْ الْأَرْحَامُ وَالنِّشَدُ
حَتَّى إذَا مَا أَبَوْا إلَّا مُحَارَبَةً … وَاسْتَحْصَدَتْ بَيْنَنَا الْأَضْغَانُ وَالْحِقَدُ
سِرْنَا إلَيْهِمْ بِجَيْشٍ فِي جَوَانِبِهِ … قَوَانِسُ الْبَيْضِ وَالْمَحْبُوكَةُ السُّرُدُ
وَالْجُرْدُ تَرْفُلُ بِالْأَبْطَالِ شَازِبَةً … كَأَنَّهَا حِدَأٌ فِي سَيْرِهَا تُؤَدُ
جَيْشٌ يَقُودُهُمْ صَخْرٌ وَيَرْأَسُهُمْ … كَأَنَّهُ لَيْثُ غَابٍ هَاصِرٌ حَرِدُ
فَأَبْرَزَ الْحَيْنَ قَوْمًا مِنْ مَنَازِلِهِمْ … فَكَانَ مِنَّا وَمِنْهُمْ مُلْتَقًى أُحُدُ
فَغُودِرَتْ مِنْهُمْ قَتْلَى مُجَدَّلَةٌ … كَالْمَعْزِ أَصْرَدَهُ بالصَّرْدحِ الْبَرَدُ
قَتْلَى كِرَامٌ بَنُو النَّجَّارِ وَسْطَهُمْ … وَمُصْعَبٌ مِنْ قَنَانَا حَوْلَهُ قِصَدُ
وَحَمْزَةُ الْقَرْمُ مَصْرُوعٌ تُطِيفُ بِهِ … ثَكْلَى وَقَدْ حُزَّ مِنْهُ الْأَنْفُ وَالْكَبِدُ
كَأَنَّهُ حِينَ يَكْبُو فِي جَدِيَّتِهِ … تَحْتَ الْعَجَاجِ وَفِيهِ ثَعْلَبٌ جَسَدُ
حُوَارُ نَابٍ وَقَدْ وَلَّى صَحَابَتُهُ … كَمَا تَوَلَّى النَّعَامُ الْهَارِبُ الشُّرُدُ
مُجَلِّحِينَ وَلَا يَلُوونَ قَدْ مُلِئُوا … رُعْبًا، فَنَجَّتْهُمْ الْعَوْصَاءُ وَالْكُؤُدُ
تَبْكِي عَلَيْهِمْ نِسَاءٌ لَا بُعُولَ لَهَا … مِنْ كُلِّ سَالِبَةٍ أَثْوَابُهَا قِدَدُ
وَقَدْ تَرَكْنَاهُمْ لِلطَّيْرِ مَلْحَمَةً … وَلِلضِّبَاعِ إلَى أَجْسَادِهِمْ تَفِدُ
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَبَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالشِّعْرِ يُنْكِرُهَا لِضِرَارِ: