وَقَالَ زَيْدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ فِي فِرَاقِ دِينِ قَوْمِهِ،…
وَمَا كَانَ لَقِيَ مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ:
أَرَبًّا وَاحِدًا أَمْ أَلْفَ رَبٍّ … أَدِينُ إذَا تُقُسِّمَتْ الْأُمُورُ
عَزَلْتُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى جَمِيعًا … كَذَلِكَ يَفْعَلُ الْجَلْدُ الصَّبُورُ
فَلَا الْعُزَّى أَدِينُ وَلَا ابْنَتَيْهَا … وَلَا صَنَمَيْ بَنِي عَمْرٍو أَزُورُ
وَلَا هُبَلًا أَدِينُ وَكَانَ رَبًّا … لَنَا فِي الدَّهْرِ إذْ حِلْمِي يَسِيرُ
عَجِبْتُ وَفِي اللَّيَالِي مُعْجَبَاتٌ … وَفِي الْأَيَّامِ يَعْرِفُهَا الْبَصِيرُ
بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَفْنَى رِجَالًا … كَثِيرًا كَانَ شَأْنَهُمْ الْفُجُورُ
وَأَبْقَى آخَرِينَ بِبِرِّ قَوْمٍ … فَيَرْبِلُ مِنْهُمْ الطِّفْلُ الصَّغِيرُ
وَبَيْنَا الْمَرْءُ يَفْتَرُّ ثَابَ يَوْمًا … كَمَا يُتَرَوَّحُ الْغُصْنُ الْمَطِيرُ
وَلَكِنْ أَعْبُدُ الرَّحْمَنَ رَبِّي … لِيَغْفِرَ ذَنْبِي الرَّبُّ الْغَفُورُ
فَتَقْوَى الله ربّكم احفظ هَا … مَتَى مَا تَحْفَظُوهَا لَا تَبُورُوا
تَرَى الْأَبْرَارَ دَارُهُمْ جِنَانٌ … وَلِلْكَفَّارِ حَامِيَةً سَعِيرُ
وَخِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ وَإِنْ يَمُوتُوا … يُلَاقُوا مَا تَضِيقُ بِهِ الصُّدُورُ
وَقَالَ زَيْدُ بْنُ عَمْرِو بْنُ نُفَيْلٍ أَيْضًا- قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: هِيَ لِأُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ، إلَّا الْبَيْتَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ وَالْبَيْتَ الْخَامِسَ وَآخِرَهَا بَيْتًا. وَعَجُزُ الْبَيْتِ الْأَوَّلِ عَنْ غَيْرِ ابْنِ إسْحَاقَ-:
إلَى اللَّهِ أُهْدِي مِدْحَتِي وَثَنَائِيَا … وَقَوْلًا رَصِينًا لَا يَنِي الدَّهْرَ بَاقِيَا
إلَى الْمَلِكِ الْأَعْلَى الَّذِي لَيْسَ فَوْقه … إِلَه وَلَا رَبٌّ يَكُونُ مُدَانِيَا
أَلَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إيَّاكَ وَالرَّدَى … فَإِنَّكَ لَا تُخْفِي مِنْ اللَّهِ خَافِيَا
وَإِيَّاكَ لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ غَيْرَهُ … فَإِنَّ سَبِيلَ الرُّشْدِ أَصْبَحَ بَادِيَا
حَنَانَيْكَ إنَّ الْحِنَّ كَانَتْ رجاءهم … وَأَنت إلهي رَبَّنَا وَرَجَائِيَا
رَضِيتُ بِكَ اللَّهمّ رَبًّا فَلَنْ أرى … أدين إِلَهًا غَيْرَكَ اللَّهُ ثَانِيَا
(أَدِينُ لِرَبٍّ يُسْتَجَابُ وَلَا أَرَى … أَدِينُ لِمَنْ لَمْ يَسْمَعْ الدَّهْرَ دَاعِيَا)
وَأَنْتَ الَّذِي مِنْ فَضْلِ مَنٍّ وَرَحْمَةٍ … بَعَثْتَ إلَى مُوسَى رَسُولًا مُنَادِيَا
فَقُلْتُ لَهُ يَا اذْهَبْ وَهَارُونَ فَادْعُوَا … إلَى اللَّهِ فِرْعَوْنَ الَّذِي كَانَ طَاغِيَا
وَقُولَا لَهُ: أَأَنْتَ سَوَّيْتَ هَذِهِ … بِلَا وَتَدٍ حَتَّى اطْمَأَنَّتْ كَمَا هِيَا
وَقُولَا لَهُ: أَأَنْتَ رَفَّعْتَ هَذِهِ … بِلَا عُمُدٍ أَرْفِقْ إذَا بِكَ بَانِيَا
وَقُولَا لَهُ: أَأَنْتَ سَوَّيْتَ وَسْطَهَا … مُنِيرًا إذَا مَا جَنَّهُ اللَّيْلُ هَادِيَا
وَقُولَا لَهُ: مَنْ يُرْسِلُ الشَّمْسَ غُدْوَةً … فَيُصْبِحُ مَا مَسَّتْ مِنْ الْأَرْضِ ضَاحِيَا
وَقُولَا لَهُ: مَنْ يُنْبِتُ الْحَبَّ فِي الثَّرَى … فَيُصْبِحُ مِنْهُ الْبَقْلُ يَهْتَزُّ رَابِيَا
وَيُخْرِجُ مِنْهُ حَبَّهُ فِي رُءُوسِهِ … وَفِي ذَاكَ آيَاتٌ لِمَنْ كَانَ وَاعِيَا
وَأَنْتَ بِفَضْلٍ مِنْكَ نَجَّيْتَ يُونُسَا … وَقَدْ بَاتَ فِي أَضْعَافِ حُوتٍ لَيَالِيَا
وَإِنِّي(وَ) لَوْ سَبَّحْتُ بِاسْمِكَ رَبَّنَا … لَأُكْثِرُ، إلَّا مَا غَفَرْتَ، خَطَائِيَا
فَرَبَّ الْعِبَادِ أَلْقِ سَيْبًا وَرَحْمَةً … عَلَيَّ وَبَارِكْ فِي بَنِيَّ وَمَالِيَا
وَقَالَ زَيْدُ بْنُ عَمْرٍو يُعَاتِبُ امْرَأَتَهُ صَفِيَّةَ بِنْتَ الْحَضْرَمِيِّ-