وَقَالَ حَسَّانٌ أَيْضًا يَهْجُو هُذَيْلًا فِيمَا صَنَعُوا بِخُبَيْبِ بْنِ عَدِيٍّ:…
أَبْلِغْ بَنِي عَمْرٍو بِأَنَّ أَخَاهُم … شراه أَمر وَقد كَانَ لِلْغَدْرِ لَازِمَا
شَرَاهُ زُهَيْرُ بْنُ الْأَغَرِّ وَجَامِعٌ … وَكَانَا جَمِيعًا يَرْكَبَانِ الْمَحَارِمَا
أَجَرْتُمْ فَلَمَّا أَنْ أَجَرْتُمْ غَدَرْتُمْ … وَكُنْتُمْ بِأَكْنَافِ الرَّجِيعِ لَهَاذِمَا
فَلَيْتَ خُبَيْبًا لَمْ تَخُنْهُ أَمَانَةٌ … وَلَيْتَ خُبَيْبًا كَانَ بِالْقَوْمِ عَالِمَا
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: زُهَيْرُ بْنُ الْأَغَرِّ وَجَامِعٌ: الْهُذَلِيَّانِ اللَّذَانِ بَاعَا خُبَيْبًا.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ أَيْضًا:
إنْ سَرَّكَ الْغَدْرُ صِرْفًا لَا مِزَاجَ لَهُ … فَأْتِ الرَّجِيعَ فَسَلْ عَنْ دَارِ لِحْيَانَ
قَوْمٌ تَوَاصَوْا بِأَكْلِ الْجَارِ بَيْنَهُمْ … فَالْكَلْبُ وَالْقِرْدُ وَالْإِنْسَانُ مِثْلَانِ
لَوْ يَنْطِقُ التَّيْسُ يَوْمًا قَامَ يَخْطُبُهُمْ … وَكَانَ ذَا شَرَفٍ فِيهِمْ وَذَا شَانِ
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَأَنْشَدَنِي أَبُو زَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ قَوْلَهُ:
لَوْ يَنْطِقُ التَّيْسُ يَوْمًا قَامَ يَخْطُبُهُمْ … وَكَانَ ذَا شَرَفٍ فِيهِمْ وَذَا شَانِ
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ أَيْضًا يَهْجُو هُذَيْلًا:
سَالَتْ هُذَيْلٌ رَسُولَ اللَّهِ فَاحِشَةً … ضَلَّتْ هُذَيْلٌ بِمَا سَالَتْ وَلَمْ تُصِبْ
سَالُوا رَسُولَهُمْ مَا لَيْسَ مُعْطِيَهُمْ … حَتَّى الْمَمَاتِ، وَكَانُوا سُبَّةَ الْعَرَبِ
وَلَنْ تَرَى لِهُذَيْلٍ دَاعِيًا أَبَدًا … يَدْعُو لِمَكْرُمَةٍ عَنْ مَنْزِلِ الْحَرْبِ
لَقَدْ أَرَادُوا خِلَالَ الْفُحْشِ وَيْحَهُمْ … وَأَنْ يُحِلُّوا حَرَامًا كَانَ فِي الْكُتُبِ
وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ أَيْضًا يَهْجُو هُذَيْلًا:
لَعَمْرِي لَقَدْ شَانَتْ هُذَيْلَ بْنَ مُدْرِكٍ … أَحَادِيثُ كَانَتْ فِي خُبَيْبٍ وَعَاصِمِ
أَحَادِيثُ لِحْيَانٍ صَلَوْا بِقَبِيحِهَا … وَلِحْيَانُ جَرَّامُونَ شَرَّ الْجَرَائِمِ
أُنَاسٌ هُمْ مِنْ قَوْمِهِمْ فِي صَمِيمِهِمْ … بِمَنْزِلَةِ الزَّمْعَانِ دُبْرَ الْقَوَادِمِ
هُمْ غَدَرُوا يَوْمَ الرَّجِيعِ وَأَسْلَمَتْ … أَمَانَتُهُمْ ذَا عِفَّةٍ وَمَكَارِمِ
رَسُولَ رَسُولِ اللَّهِ غَدْرًا وَلَمْ تَكُنْ … هُذَيْلٌ تَوَقَّى مُنْكَرَاتِ الْمَحَارِمِ
فَسَوْفَ يَرَوْنَ النَّصْرَ يَوْمًا عَلَيْهِمْ … بِقَتْلِ الَّذِي تَحْمِيهِ دُونَ الْحَرَائِمِ
أَبَابِيلُ دَبْرٍ شُمَّسٍ دُونَ لَحْمِهِ … حَمَتْ لَحْمَ شَهَّادٍ عِظَامَ الْمَلَاحِمِ
لَعَلَّ هُذَيْلًا أَنْ يَرَوْا بِمَصَابِّهِ … مَصَارِعَ قَتْلَى أَوْ مَقَامًا لِمَأْتَمِ
وَنُوقِعَ فِيهِمْ وَقْعَةً ذَاتَ صَوْلَةٍ … يُوَافِي بِهَا الرُّكْبَانُ أَهْلَ الْمَوَاسِمِ
بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ إنَّ رَسُولَهُ … رَأَى رَأْيَ ذِي حَزْمٍ بِلِحْيَانَ عَالِمِ
قُبَيِّلةٌ لَيْسَ الْوَفَاءُ يُهِمُّهُمْ … وَإِنْ ظُلِمُوا لَمْ يَدْفَعُوا كَفَّ ظَالِمِ
إذَا النَّاسُ حَلُّوا بِالْفَضَاءِ رَأَيْتهمْ … بِمَجْرَى مَسِيلِ الْمَاءِ بَيْنَ الْمَخَارِمِ
مَحَلُّهُمْ دَارُ الْبَوَارِ وَرَأْيُهُمْ … إذَا نَابَهُمْ أَمْرٌ كَرَأْيِ الْبَهَائِمِ
وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ يَهْجُو هُذَيْلًا:
لَحَى اللَّهُ لِحْيَانًا فَلَيْسَتْ دِمَاؤُهُمْ … لَنَا مِنْ قَتِيلَيْ غَدْرَةٍ بِوَفَاءِ
هُمُو قَتَلُوا يَوْمَ الرَّجِيعِ ابْنَ حُرَّةٍ … أَخَا ثِقَةٍ فِي وُدِّهِ وَصَفَاءِ
فَلَوْ قُتِلُوا يَوْمَ الرَّجِيعِ بِأَسْرِهِمْ … بِذِي الدَّبْرِ مَا كَانُوا لَهُ بِكِفَاءِ
قَتِيلٌ حَمَتْهُ الدَّبْرُ بَيْنَ بُيُوتِهِمْ … لَدَى أَهْلِ كُفْرٍ ظَاهِرٍ وَجَفَاءِ
فَقَدْ قَتَلَتْ لِحْيَانُ أَكْرَمَ مِنْهُمْ … وَبَاعُوا خُبَيْبًا وَيْلَهُمْ بِلَفَاءِ
فَأُفٍّ لِلِحْيَانٍ عَلَى كُلِّ حَالَةٍ … عَلَى ذِكْرِهِمْ فِي الذِّكْرِ كُلَّ عَفَاءِ
قُبَيِّلةٌ بِاللُّؤْمِ وَالْغَدْرِ تَغْتَرِي … فَلَمْ تُمْسِ يَخْفَى لُؤْمُهَا بِخَفَاءِ
فَلَوْ [4] قُتِلُوا لَمْ تُوفِ مِنْهُ دِمَاؤُهُمْ … بَلَى إنَّ قَتْلَ الْقَاتِلِيهِ شِفَائِي
فَالَّا أَمُتْ أَذْعَرُ هُذَيْلًا بِغَارَةٍ … كَغَادِي الْجَهَامِ الْمُغْتَدِي بَافَاءِ
بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ وَالْأَمْرُ أَمْرُهُ … يَبِيتُ لِلِحْيَانَ الْخَنَا بِفَنَاءِ
يُصَبِّحُ قَوْمًا بِالرَّجِيعِ كَأَنَّهُمْ … جِدَاءُ شِتَاءٍ بِتْنَ غَيْرَ دِفَاءِ
وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ أَيْضًا يَهْجُو هُذَيْلًا:
فَلَا وَاَللَّهِ، مَا تَدْرِي هُذَيْلٌ … أَصَافٍ مَاءُ زَمْزَمَ أَمْ مَشُوبُ
وَلَا لَهُمْ إذَا اعْتَمَرُوا وَحَجُّوا … مِنْ الْحِجْرَيْنِ وَالْمَسْعَى نَصِيبُ
وَلَكِنَّ الرَّجِيعَ لَهُمْ مَحَلٌّ … بِهِ اللُّؤْمُ الْمُبَيَّنُ وَالْعُيُوبُ
كَأَنَّهُمْ لَدَى الكَّنَّاتُ أُصْلًا … تُيُوسٌ بِالْحِجَازِ لَهَا نَبِيبُ
هُمْ غَرَوْا بِذِمَّتِهِمْ خُبَيْبًا … فَبِئْسَ الْعَهْدُ عَهْدُهُمْ الْكَذُوبُ
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: آخِرُهَا بَيْتًا عَنْ أَبِي زَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ.