وَقَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ، يَرْثِي مَنْ أُصِيبَ مِنْ قُرَيْشٍ يَوْمَ بَدْرٍ:…
أَلَّا بَكَيْتِ على الْكِرَام … بَنِي الْكِرَامِ أُولِي الْمَمَادِحْ
كَبُكَا الْحمام على فروع … الْأَيْكِ فِي الْغُصْنِ الْجَوانِحْ
يبْكين حرّى مستكينا … ت يَرُحْنَ مَعَ الرّوائح
أمثالهنّ الباكيات … الْمُعْوِلَاتُ مِنْ النَّوَائِحْ
مَنْ يَبْكِهِمْ يَبْكِ عَلَى … حُزْنٍ وَيَصْدُقُ كُلَّ مَادِحْ
مَاذَا ببدر فالعقنقل … مِنْ مَرَازِبَةٍ جَحَاجِحْ
فمدافع البرقين … فالحنان مِنْ طَرَفِ الْأَوَاشِحْ
شُمْطٍ وَشُبَّانٍ بِهَا … لَيْلٍ مَغَاوِيرَ وَحَاوِحْ
أَلَا تَرَوْنَ لِمَا أَرَى … وَلَقَدْ أَبَانَ لِكُلِّ لَامِحْ
أَنْ قَدْ تَغَيَّرَ بَطْنُ مَكَّةَ … فَهِيَ مُوحِشَةُ الْأَبَاطِحْ
مِنْ كُلِّ بِطْرِيقٍ لِبِطْرِيقٍ … نَقِيِّ الْقَوْنِ وَاضِحْ
دعموص أَبْوَاب الْمُلُوك … وَجَائِبٌ لِلْخَرْقِ فَاتِحْ
من السّراطمة الخلاجمة … الْمَلَاوِثَةِ الْمَنَاجِحْ
الْقَائِلِينَ الْفَاعِلِينَ … الْآمِرِينَ بِكُلِّ صَالِحْ
الْمُطْعِمِينَ الشَّحْمَ فَوْ … قَ الْخُبْزِ شَحْمًا كَالْأَنَافِحْ
نُقُلُ الجفان مَعَ الْجِفَانِ … إلَى جِفَانٍ كَالْمَنَاضِحْ
لَيْسَتْ بأصفار لمن … يعفوه وَلَا رَحَّ رَحَارِحْ
لِلضَّيْفِ ثُمَّ الضَّيْفِ بَعْدَ … [الضَّيْفِ] وَالْبُسُطِ السَّلَاطِحْ
وُهُبُ الْمِئيِنَ مِنْ الْمِئيِنَ … إلَى الْمِئيِنَ مِنْ اللَّوَاقِحْ
سَوْقُ الْمُؤَبَّلِ لِلْمُؤَبَّلِ … صَادِرَاتٌ عَنْ بَلَادِحْ
لكرامهم فَوق الْكِرَام … مَزِيَّةٌ وَزْنَ الرَّوَاجِحْ
كَتَثَاقُلِ الْأَرْطَالِ بِالْقِسْطَاسِ … فِي الْأَيْدِي الْمَوَائِحْ
خَذَلَتْهُمْ فِئَةٌ وَهُمْ … يَحْمُونَ عَوْرَاتِ الْفَضَائِحْ
الضَّارِبِينَ التَّقُدُمِيَّةَ … بِالْمُهَنَّدَةِ الصَّفَائِحْ
وَلَقَدْ عَنَانِي صَوْتُهُمْ … مِنْ بَيْنِ مُسْتَسْقٍ وَصَائِحْ
للَّه درّ بنى … عليّ أَيِّمٍ مِنْهُمْ وَنَاكِحْ
إنْ لَمْ يُغِيرُوا غَارَةً … شَعْوَاءَ تُجْحِرُ كُلَّ نابح
بالمقربات، المبعدات … ، الطَّامِحَاتِ مَعَ الطَّوَامِحْ
مُرْدًا عَلَى جُرْدٍ إلَى … أَسَدٍ مُكَالِبَةٍ كَوَالِحْ
وَيُلَاقِ قِرْنٌ قِرْنَهُ … مَشْيَ الْمُصَافِحِ لِلْمُصَافِحْ
بِزُهَاءِ أَلْفٍ ثُمَّ أَلْفٍ … بَيْنَ ذِي بَدَنٍ وَرَامِحْ
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: تَرَكْنَا مِنْهَا بَيْتَيْنِ نَالَ فِيهِمَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَأَنْشَدَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالشِّعْرِ بَيْتَهُ:
وَيُلَاقِ قِرْنٌ قِرْنَهُ … مَشْيَ الْمُصَافِحِ لِلْمُصَافِحْ
وَأَنْشَدَنِي أَيْضًا :
وُهُبُ الْمِئيِنَ مِنْ الْمِئيِنَ … إلَى المئين من الدّواقح
سَوْقُ الْمُؤَبَّلِ لِلْمُؤَبَّلِ … صَادِرَاتٌ عَنْ بَلَادِحْ
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ، يَبْكِي زَمْعَةَ بْنَ الْأَسْوَدِ، وَقَتْلَى بَنِي أَسَدٍ:
عَيْنُ بَكِّي بالمسبلات أَبَا … الْحَارِث لَا تَذْخَرِي عَلَى زَمْعَهْ
وَابْكِي عَقِيلَ بْنَ أسود أَسد … الْبَأْس ليَوْم الْهِيَاجِ وَالدَّفَعَهْ
تِلْكَ بَنُو أَسد إخْوَة الجوزاء … لَا خَانَةٌ وَلَا خَدَعَهْ
هُمْ الْأُسْرَةُ الْوَسِيطَةُ مِنْ كَعْبٍ … وَهُمْ ذِرْوَةُ السَّنَامِ وَالْقَمَعَهْ
أَنْبَتُوا مِنْ معاشر شعر … الرَّأْس وَهُمْ أَلْحَقُوهُمْ الْمَنَعَهْ
أَمْسَى بَنُو عَمِّهِمْ إِذا حضر الْبَأْس … أَكْبَادُهُمْ عَلَيْهِمْ وَجِعَهْ
وَهُمْ الْمُطْعِمُونَ إِذْ قحط الْقطر … وَحَالَتْ فَلَا تَرَى قَزَعَهْ
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: هَذِهِ الرِّوَايَةُ لِهَذَا الشِّعْرِ مُخْتَلِطَةٌ، لَيْسَتْ بِصَحِيحَةِ الْبِنَاءِ، لَكِنْ أَنْشَدَنِي أَبُو مُحْرِزٍ خَلَفُ الْأَحْمَرُ وَغَيْرُهُ، رَوَى بَعْضٌ مَا لَمْ يَرْوِ بَعْضٌ:
عَيْنُ بَكِّي بالمسبلات أَبَا … الْحَارِث لَا تَذْخَرِي عَلَى زَمْعَهْ
وَعَقِيلَ بْنَ أسود أَسد الْبَأْس … لِيَوْمِ الْهِيَاجِ وَالدَّفَعَهْ
فَعَلَى مِثْلِ هلكهم خوت الجوزاء … ، لَا خَانَةٌ وَلَا خَدَعَهْ
وهُمْ الْأُسْرَةُ الْوَسِيطَةُ مِنْ كَعْبٍ … ، وَفِيهِمْ كَذِرْوَةِ الْقَمَعَهْ
أَنْبَتُوا مِنْ معاشر شعر الرَّأْس … ، وَهُمْ أَلْحَقُوهُمْ الْمَنَعَهْ
فَبَنُو عَمِّهِمْ إِذا حضر الْبَأْس … عَلَيْهِمْ أَكْبَادُهُمْ وَجِعَهْ
وَهُمْ الْمُطْعِمُونَ إذْ قَحَطَ الْقَطْرُ … وَحَالَتْ فَلَا تَرَى قَزَعَهْ