فَأَجَابَهُ أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ، فَقَالَ: …
عَجِبْتُ لِأَسْبَابِ الْحَفِيظَةِ وَالْجَهْلِ … وَلِلشَّاغِبِينَ بِالْخِلَافِ وَبِالْبُطْلِ
وَلِلتَّارِكِينَ مَا وَجَدْنَا جُدُودَنَا … عَلَيْهِ ذَوِي الْأَحْسَابِ وَالسُّؤْدُدِ الْجَزْلِ
أَتَوْنَا بِإِفْكٍ كَيْ يُضِلُّوا عُقُولَنَا … وَلَيْسَ مُضِلًّا إفْكُهُمْ عَقْلَ ذِي عَقْلِ
فَقُلْنَا لَهُمْ: يَا قَوْمَنَا لَا تُخَالِفُوا … عَلَى قَوْمِكُمْ إنَّ الْخِلَافَ مُدَى الْجَهْلِ
فَإِنَّكُمْ إنْ تَفْعَلُوا تَدْعُ نِسْوَةٌ … لَهُنَّ بَوَاكٍ بِالرَّزِيَّةِ وَالثُّكْلِ
وَإِنْ تَرْجِعُوا عَمَّا فَعَلْتُمْ فَإِنَّنَا … بَنُو عَمِّكُمْ أَهْلُ الْحَفَائِظِ وَالْفَضْلِ
فَقَالُوا لَنَا: إنَّا وَجَدْنَا مُحَمَّدًا … رِضًا لِذَوِي الْأَحْلَامِ مِنَّا وَذِي الْعَقْلِ
فَلَمَّا أَبَوْا إلَّا الْخِلَافَ وَزَيَّنُوا … جِمَاعَ الْأُمُورِ بِالْقَبِيحِ مِنْ الْفِعْلِ
تَيَمَّمْتُهُمْ بِالسَّاحِلَيْنِ بِغَارَةٍ … لِأَتْرُكَهُمْ كَالْعَصْفِ لَيْسَ بِذِي أصل
فورّعنى مَجْدِيٌّ عَنْهُمْ وَصُحْبَتِي … وَقَدْ وَازَرُونِي بِالسُّيُوفِ وَبِالنَّبْلِ
لِإِلٍّ عَلَيْنَا وَاجِبٍ لَا نُضَيِّعُهُ … أَمِينٌ قَوَاهُ غَيْرُ مُنْتَكِثِ الْحَبْلِ
فَلَوْلَا ابْنُ عَمْرٍو كُنْتُ غَادَرْتُ مِنْهُمْ … مَلَاحِمَ لِلطَّيْرِ الْعُكُوفِ بِلَا تَبْلِ
وَلَكِنَّهُ آلَى بِإِلٍّ فَقَلَّصَتْ … بِأَيْمَانِنَا حَدُّ السُّيُوفِ عَنْ الْقَتْلِ
فَإِنْ تُبْقِنِي الْأَيَّامُ أَرْجِعْ عَلَيْهِمْ … بِبِيضٍ رِقَاقِ الْحَدِّ مُحْدَثَةِ الصُّقْلِ
بِأَيْدِي حُمَاةٍ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ … كِرَامٍ الْمَسَاعِي فِي الْجُدُوبَةِ وَالْمَحْلِ
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالشِّعْرِ يُنْكِرُ هَذَا الشِّعْرَ لِأَبِي جَهْلٍ.