قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ أَيْضًا:…
لَقَدْ عَلِمَتْ قُرَيْشٌ يَوْمَ بَدْرٍ … غَدَاةَ الْأَسْرِ وَالْقَتْلِ الشَّدِيدِ
بِأَنَّا حَيْنَ تَشْتَجِرُ الْعَوَالِي … حُمَاةُ الْحَرْبِ يَوْمَ أَبِي الْوَلِيدِ
قَتَلْنَا ابْنَيْ رَبِيعَةَ يَوْمَ سَارا … إلَيْنَا فِي مُضَاعَفَةِ الْحَدِيدِ
وَفَرَّ بِهَا حَكِيمٌ يَوْمَ جَالَتْ … بَنُو النَّجَّارِ تَخْطِرُ كَالْأُسُودِ
وَوَلَّتْ عِنْدَ ذَاكَ جَمُوعُ فِهْرٍ … وَأَسْلَمَهَا الْحُوَيْرِثُ مِنْ بِعِيدِ
لَقَدْ لَاقَيْتُمْ ذُلًّا وَقَتْلًا … جَهِيزًا نَافِذًا تَحْتَ الْوَرِيدِ
وَكُلُّ الْقَوْمِ قَدْ وَلَّوْا جَمِيعًا … وَلَمْ يَلْوُوا عَلَى الْحَسَبِ التَّلِيدِ
وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ أَيْضًا:
يَا حَارِ قَدْ عَوَّلْتَ غَيْرَ مُعَوَّلٍ … عِنْدَ الْهِيَاجِ وَسَاعَةَ الْأَحْسَابِ
إذْ تَمْتَطِي سُرُحَ الْيَدَيْنِ نَجِيبَةً … مَرْطَى الْجِرَاءِ طَوِيلَةَ الْأَقْرَابِ
وَالْقَوْمُ خَلْفَكَ قَدْ تَرَكْتَ قِتَالَهُمْ … تَرْجُو النَّجَاءَ وَلَيْسَ حَيْنَ ذَهَابِ
أَلَّا عَطَفْتُ عَلَى ابْنِ أُمِّكَ إذْ ثَوَى … قَعْصَ الْأَسِنَّةِ ضَائِعَ الْأَسْلَابِ
عَجَّلَ الْمَلِيكُ لَهُ فَأَهْلَكَ جَمْعَهُ … بِشَنَارِ مُخْزِيَةٍ وَسُوءِ عَذَابِ
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: تَرَكْنَا مِنْهَا بَيْتًا وَاحِدًا أَقْذَعَ فِيهِ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ أَيْضًا:
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَيُقَالُ: بَلْ قَالَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ السَّهْمِيُّ :
مُسْتَشْعِرِي حَلَقِ الْمَاذِيِّ يَقْدُمُهُمْ … جَلْدُ النَّحِيزَةِ مَاضٍ غَيْرُ رِعْدِيدِ
أَعْنِي رَسُولَ إلَهِ الْخَلْقِ فَضَّلَهُ … عَلَى الْبَرِّيَّةِ بِالتَّقْوَى وَبِالْجُودِ
وَقَدْ زَعَمْتُمْ بِأَنْ تَحْمُوا ذِمَارَكُمْ … وَمَاءُ بَدْرٍ زَعَمْتُمْ غَيْرُ مَوْرُودِ
ثُمَّ وَرَدْنَا وَلَمْ نَسْمَعْ لِقَوْلِكُمْ … حَتَّى شَرِبْنَا رَوَاءً غَيْرَ تَصْرِيدِ
مُسْتَعْصِمِينَ بِحَبْلٍ غَيْرِ مُنْجَذِمٍ … مُسْتَحْكَمٍ مِنْ حِبَالِ اللَّهِ مَمْدُودِ
فِينَا الرَّسُولُ وَفِينَا الْحَقُّ نَتْبَعُهُ … حَتَّى الْمَمَاتِ وَنَصْرٌ غَيْرُ مَحْدُودِ
وَافٍ وَمَاضٍ شِهَابٌ يُسْتَضَاءُ بِهِ … بَدْرٌ أَنَارَ عَلَى كُلِّ الْأَمَاجِيدِ
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: بَيْتُهُ: «مُسْتَعْصِمِينَ بِحَبْلٍ غَيْرِ مُنْجَذِمٍ»
عَنْ أَبِي زَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ أَيْضًا:
خَابَتْ بَنُو أَسَدٍ وَآبَ غُزِيِّهُمْ … يَوْم القليب بسوأة وَفُضُوحِ
مِنْهُمْ أَبُو الْعَاصِي تَجَدَّلَ مُقْعَصًا … عَنْ ظَهْرِ صَادِقَةِ النَّجَاءِ سَبُوحِ
حَيْنًا لَهُ مِنْ مَانِعٍ بِسِلَاحِهِ … لَمَّا ثَوَى بِمَقَامِهِ الْمَذْبُوحِ
وَالْمَرْءُ زَمْعَةُ قَدْ تَرَكْنَ وَنَحْرُهُ … يَدْمَى بِعَانِدٍ مُعْبَطٍ مَسْفُوحِ
مُتَوَسِّدًا حُرَّ الْجَبِينِ مُعَفَّرًا … قَدْ عُرَّ مَارِنُ أَنْفِهِ بِقُبُوحِ
وَنَجَا ابْنُ قَيْسٍ فِي بَقِيَّةَ رَهْطِهِ … بِشَفَا الرِّمَاقِ مُوَلِّيًا بِجُرُوحِ
وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ أَيْضًا:
أَلَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَتَى أَهْلَ مَكَّةَ … إبَارَتُنَا الْكُفَّارَ فِي سَاعَةِ الْعُسْرِ
قَتَلْنَا سَرَاةَ الْقَوْمِ عِنْدَ مَجَالِنَا … فَلَمْ يَرْجِعُوا إلَّا بِقَاصِمَةِ الظَّهْرِ
قَتَلْنَا أَبَا جَهْلٍ وَعُتْبَةَ قَبْلَهُ … وَشَيْبَةُ يَكْبُو لِلْيَدَيْنِ وَلِلنَّحْرِ
قَتَلْنَا سُوَيْدًا ثُمَّ عُتْبَةَ بَعْدَهُ … وَطُعْمَةَ أَيْضًا عِنْدَ ثَائِرَةِ الْقَتْرِ
فَكَمْ قَدْ قَتَلْنَا مِنْ كَرِيمٍ مُرَزَّإٍ … لَهُ حَسَبٌ فِي قَوْمِهِ نَابَهُ الذِّكْرُ
تَرَكْنَاهُمْ لِلْعَاوِيَاتِ يَنُبْنَهُمْ … وَيَصْلَوْنَ نَارًا بَعْدُ حَامِيَةَ الْقَعْرِ
لَعَمْرُكَ مَا حَامَتْ فَوَارِسُ مَالِكٍ … وَأَشْيَاعُهُمْ يَوْمَ الْتَقَيْنَا عَلَى بَدْرٍ
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: أَنْشَدَنِي أَبُو زَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ بَيْتَهُ:
قَتَلْنَا أَبَا جَهْلٍ وَعُتْبَةَ قَبْلَهُ … وَشَيْبَةُ يَكْبُو لِلْيَدَيْنِ وَلِلنَّحْرِ
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ أَيْضًا:
نَجَّى حَكِيمًا يَوْمَ بَدْرٍ شَدُّهُ … كَنَجَاءِ مُهْرٍ مِنْ بَنَاتِ الْأَعْوَجِ
لَمَّا رَأَى بَدْرًا تَسِيلُ جِلَاهُهُ … بِكَتِيبَةٍ خَضْرَاءَ مِنْ بَلْخَزْرَجِ
لَا ينكلون إِذا لقرا أَعْدَاءَهُمْ … يَمْشُونَ عَائِدَةَ الطَّرِيقِ الْمَنْهَجِ
كَمْ فِيهِمْ مِنْ مَاجِدٍ ذِي مَنْعَةٍ … بَطَلٌ بِمَهْلَكَةِ الْجَبَانِ الْمُحْرَجِ
وَمُسَوَّدٍ يُعْطِي الْجَزِيلَ بِكَفِّهِ … حَمَّالَ أَثْقَالِ الدِّيَاتِ مُتَوَّجٍ
زَيْنِ النَّدِيِّ مُعَاوِدٍ يَوْمَ الْوَغَى … ضَرْبَ الْكُمَاةِ بِكُلِّ أَبْيَضَ سَلْجَجِ
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: قَوْلُهُ سَلْجَجُ، عَنْ غَيْرِ ابْنِ إسْحَاقَ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ حَسَّانُ أَيْضًا:
فَمَا نَخْشَى بِحَوْلِ اللَّهِ قَوْمًا … وَإِنْ كَثُرُوا وَأُجْمِعَتْ الزُّحُوفُ
إذَا مَا أَلَّبُوا جَمْعًا عَلَيْنَا … كَفَانَا حَدَّهُمْ رَبٌّ رَءُوفٌ
سَمَوْنَا يَوْمَ بَدْرٍ بِالْعَوَالِي … سِرَاعًا مَا تُضَعْضِعُنَا الْحُتُوفُ
فَلَمْ تَرَ عُصْبَةً فِي النَّاسِ أَنْكَى … لِمَنْ عَادَوْا إذَا لَقِحَتْ كُشُوفٌ
وَلَكِنَّا تَوَكَّلْنَا وَقُلْنَا … مَآثِرُنَا وَمَعْقِلُنَا السُّيُوفُ
لَقِينَاهُمْ بِهَا لَمَّا سَمَوْنَا … وَنَحْنُ عِصَابَةٌ وَهُمْ أُلُوفٌ
وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ أَيْضًا، يَهْجُو بَنِي جُمَحَ وَمَنْ أُصِيبَ مِنْهُمْ:
جَمَحَتْ بَنُو جُمَحٍ لِشِقْوَةِ جَدِّهِمْ … إنَّ الذَّلِيلَ مُوَكَّلٍ بِذَلِيلٍ
قُتِلَتْ بَنُو جُمَحٍ بِبَدْرٍ عَنْوَةً … وَتَخَاذَلُوا سَعْيًا بِكُلِّ سَبِيلٍ
جَحَدُوا الْكِتَابَ وَكَذَّبُوا بِمُحَمَّدٍ … وَاَللَّهُ يُظْهِرُ دِينَ كُلِّ رَسُولٍ
لَعَنَ الْإِلَهُ أَبَا خُزَيْمَةَ وَابْنَهُ … وَالْخَالِدَيْنِ، وَصَاعِدَ بْنَ عَقِيلٍ