ومنها الشجاعة والنجدة، …
فكان عليه الصلاة والسلام منهما بالمكان الذي لا يجهل، قد حضر المواقف الصعبة، وفرّ الكماة والأبطال عنه غير مرّة، وهو ثابت لا يبرح، ومقبل لا يدبر ولا يتزحزح. وما من شجاع إلّا أحصيت له فرّة، وحفظت عنه جولة، سواه. وحسبك ما فعله في حنين وأحد مما ذكرناه مستوفى.
وقال ابن عمر: ما رأيت أشجع، ولا أنجد، ولا أجود ولا أرضى من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وقال عليّ: إنا كنّا إذا اشتدّ البأس واحمرّت الحدق اتّقينا برسول الله، فما يكون أحد أقرب إلى العدو منه، ولقد رأيتني يوم بدر، ونحن نلوذ بالنبي صلّى الله عليه وسلّم، وهو أقربنا إلى العدو، وكان أشدّ الناس يومئذ بأسا، وقال أنس: كان عليه السلام أحسن الناس، وأجود الناس، وأشجع الناس، ولقد فزع أهل المدينة ليلة، فانطلق ناس قبل الصوت، فتلقاهم عليه الصلاة والسلام راجعا. قد سبقهم إلى الصوت، واستبرأ الخبر على فرس لأبي طلحة عري، والسيف في عنقه، وهو يقول: “لن تراعوا“.