بَعثه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي جُمَادَى الأولى وَعقد لَهُ لِوَاء كم بلغ فِي الدَّاريْنِ سولا وعضده بِجَعْفَر بن أبي طَالب وَعبد الله بن رَوَاحَة وجهز …
مَعَه ثَلَاثَة آلَاف من الْمُسلمين الَّذين يشْكر الدّين لكل مِنْهُم غدوه ورواحه وَأمرهمْ بِالدُّعَاءِ إِلَى الْإِسْلَام وقتال من لم يطع بعد الْإِنْذَار والإعلام وأكد عَلَيْهِم الْوَصِيَّة وَخرج مشيعا لَهُم إِلَى الثَّنية.
وَسَار الْمُسلمُونَ حَتَّى نزلُوا بمعان ثمَّ مضوا إِلَى مُؤْتَة قَرْيَة من البلقاء بمَكَان وَكَانَ بَلغهُمْ أَن هِرقل قد دنا مِنْهُم واقترب وَظهر فِي جَيش يزِيد على مائَة ألف من الرّوم وَالْعرب فتوقفوا ونكلوا ثمَّ تقدمُوا وتوكلوا وجاءهم مَا لَا قبل بِهِ لأحد من الكراع وَالْمَتَاع وَالْعدَد وَالْعدَد.
والتقى الْفَرِيقَانِ وَاخْتلف الطريقان وحمي الْوَطِيس وبرز حَتَّى الراهب والقسيس وَاشْتَدَّ الْأَمر ووطىء الْمُسلمُونَ على الْجَمْر وَأطلق الْعَدو سيوفه ورماحه وَقتل زيد وجعفر وَعبد الله بن رَوَاحَة ثمَّ انحاز النَّاس مَعَ خَالِد بن الْوَلِيد يتبعهُم الْعَدو المخذول فَمضى من فَازَ بالرضى وَتَلَقَّتْهُ الْمَلَائِكَة بِالْقبُولِ.
وَفِي أَصْحَاب مُؤْتَة يَقُول حسان بن ثَابت من أَبْيَات:
فَلَا يبعدن الله قَتْلَى تواردوا *** بمؤتة مِنْهُم ذُو الجناحين جَعْفَر
وَزيد وَعبد الله حِين تتابعوا *** جَمِيعًا وَأَسْبَاب الْمنية تخطر
وَكُنَّا نرى فِي جَعْفَر من مُحَمَّد *** وَفَاء وحزما حازما حِين يَأْمر
وَمَا زَالَ فِي الْإِسْلَام من آل هَاشم *** دعائم عز لَا يزلن ومفخر
وَفِيهِمْ يَقُول كَعْب بن مَالك من أَبْيَات:
واعتادني حزن فَبت كأنني *** ببنات نعش والسماك مُوكل
فِي لَيْلَة وَردت على همومها *** طورا أجن وَتارَة أتململ
وجدا على النَّفر الَّذين تتابعوا *** يَوْمًا بمؤتة أسندوا لم ينقلوا
صلى الْإِلَه عَلَيْهِم من فتية *** وَسَقَى عظامهم الْغَمَام المسبل