فمن ذلك الحرب التي كانت بين اصحاب وصيف الخادم والبربر واصحاب موسى ابن اخت مفلح اربعه ايام تباعا، ثم اصطلحوا، وقد قتل بينهم …
بضعه عشر رجلا، وذلك في أول المحرم، ثم وقع في الجانب الشرقى حرب بين النصريين واصحاب يونس، قتل فيها رجل، ثم افترقوا.
وفيها انحدر وصيف خادم ابن ابى الساج الى واسط بأمر ابى الصقر لتكون عده له- فيما ذكر- وذلك انه اصطنعه واصحابه، واجازه بجوائز كبيره، وادر على اصحابه أرزاقهم، وكان قد بلغه قدوم ابى احمد، فخافه على نفسه لما كان من اتلافه ما كان في بيوت اموال ابى احمد، حتى لم يبق فيها شيء بالهبه التي كان يهب، والجوائز التي كان يجيز، والخلع التي كان يخلع على القواد، وانفاقه على القواد، فلما نفد ما في بيت المال، طالب ارباب الضياع بخراج سنه مبهمه عن ارضيهم، وحبس منهم بذلك جماعه، وكان الذى يتولى له القيام بذلك الزغل، فعسف على الناس في ذلك وقدم ابو احمد قبل ان يستوظف أداء ذلك منهم، فشغل عن مطالبه الناس بما كان يطالبهم به وكان انحدار وصيف في يوم الجمعه لثلاث عشره بقيت من المحرم.
ولليلتين بقيتا من المحرم منها، طلع كوكب ذو جمه، ثم صارت ألجمه ذؤابه.
ذكر الخبر عن مرض ابى احمد الموفق ثم موته
وفيها انصرف ابو احمد من الجبل الى العراق، وقد اشتد به وجع النقرس حتى لم يقدر على الركوب، فاتخذ له سرير عليه قبة، فكان يقعد عليه، ومعه خادم يبرد رجله بالأشياء البارده، حتى بلغ من امره انه كان يضع عليها الثلج، ثم صارت عله رجله داء الفيل، وكان يحمل سريره اربعون حمالا يتناوب عليه عشرون عشرون، وربما اشتد به أحيانا، فيأمرهم ان يضعوه.
فذكر انه قال يوما للذين يحملونه: قد ضجرتم بحملي، بودى انى أكون كواحد منكم احمل على راسى واكل وانى في عافيه وانه قال في مرضه هذا: اطبق دفترى على مائه الف مرتزق، ما اصبح فيهم اسوا حالا منى.
وفي يوم الاثنين لثلاث بقين من المحرم منها وافى ابو احمد النهروان، فتلقاه اكثر الناس، فركب الماء، فسار في النهروان، ثم في نهر ديالى، ثم في دجلة الى الزعفرانيه، وصار ليله الجمعه الى الفرك، ودخل داره يوم الجمعه لليلتين خلتا من صفر.
ولما كان في يوم الخميس لثمان خلون من صفر، شاع موته بعد انصراف ابى الصقر من داره، وقد كان تقدم في حفظ ابى العباس، فغلقت عليه أبواب دون أبواب، وأخذ ابو الصقر ابن الفياض معه الى داره، وكان يبقى بناحيته واقام ابو الصقر في داره يومه ذلك، وازداد الارجاف بموت ابى احمد، وكانت اعترته غشيه، فوجه ابو الصقر يوم الجمعه الى المدائن، فحمل منها المعتمد وولده، فجيء بهم الى داره، واقام ابو الصقر في داره ولم يصر الى دار ابى احمد، فلما راى غلمان ابى احمد المائلون الى ابى العباس والرؤساء من غلمان ابى العباس الذين كانوا حضورا ما قد نزل بابى احمد، كسروا أقفال الأبواب المغلقة على ابى العباس.
فذكر عن الغلام الذى كان مع ابى العباس في الحجرة انه قال لما سمع ابو العباس صوت الأقفال تكسر قال: ليس يريد هؤلاء الا نفسي.
وأخذ سيفا كان عنده، فاستله، وقعد مستوفزا والسيف في حجره، وقال لي: تنح أنت، والله لا وصلوا الى وفي شيء من الروح قال: فلما فتح الباب كان أول من دخل عليه وصيف موشكير- وهو غلام ابى العباس- فلما رآه رمى السيف من يده، وعلم انهم لم يقصدوا الا الخير، فاخرجوه حتى أقعدوه عند ابيه، وهو بعقب غشيته فلما فتح ابو احمد عينيه، وافاق رآه، فأدناه وقربه ووافى المعتمد- ذلك اليوم الذى وجه اليه في حمله، وهو يوم الجمعه نصف النهار قبل صلاه الجمعه- مدينه السلام، لتسع خلون من صفر، ومعه ابنه جعفر المفوض الى الله ولى العهد وعبد العزيز ومحمد وإسحاق بنوه، فنزل على ابى الصقر ثم بلغ أبا الصقر ان أبا احمد لم يمت، فوجه اسماعيل بن إسحاق يتعرف له الخبر، وذلك يوم السبت وجمع ابو الصقر القواد والجند، وشحن داره وما حولها بالرجال والسلاح، ومن داره الى الجسر كذلك، وقطع الجسرين، ووقف قوم على الجسر في الجانب الشرقى يحاربون اصحاب ابى الصقر، فقتل بينهم قتلى، وكانت بينهم جراحات.
وكان ابو طلحه أخو شركب مع اصحابه مقيمين بباب البستان، فرجع اسماعيل، فاعلم أبا الصقر ان أبا احمد حي، فكان أول من مضى اليه من القواد محمد بن ابى الساج، عبر من نهر عيسى، ثم جعل الناس يتسللون، منهم من يعبر الى باب ابى احمد، ومنهم من يرجع الى منزله، ومنهم من يخرج من بغداد، فلما راى ابو الصقر ذلك، وصحت عنده حياه ابى احمد، انحدر هو وابناه الى دار ابى احمد، فما ذاكره ابو احمد شيئا مما جرى، ولا ساء له عنه واقام في دار ابى احمد.
فلما راى المعتمد انه قد بقي في الدار وحده، نزل هو وبنوه وبكتمر، فركبوا زورقا، ثم لقيهم طيار ابى ليلى بن عبد العزيز بن ابى دلف، فحملهم في طيارة، ومضى بهم الى داره، وهي دار على بن جهشيار برأس الجسر، فقال له المعتمد: اريد ان امضى الى أخي فاحدره ومن معه من بيته الى دار ابى احمد وانتهبت دار ابى الصقر وكل ما حوته حتى خرج حرمه حفاه بغير إزار، وانتهبت دار محمد بن سليمان كاتبه، ودار ابن الواثقى انتهبت واحرقت، وانتهبت دور أسبابه، وكسرت أبواب السجون، ونقبت الحيطان، وخرج كل من كان فيها، وخرج كل من كان في المطبق، وانتهب مجلسا الجسر، وأخذ كل ما كان فيهما، وانتهبت المنازل التي تقرب من دار ابى الصقر وخلع ابو احمد على ابنه ابى العباس وعلى ابى الصقر، فركبا جميعا، والخلع عليهما من سوق الثلاثاء الى باب الطاق، ومضى ابو الصقر مع ابى العباس الى داره، دار صاعد ثم انحدر ابو الصقر في الماء الى منزله وهو منتهب، فاتوه من دار الشاه بحصير فقعد عليه، فولى ابو العباس غلامه بدار الشرطه، واستخلف محمد بن غانم بن الشاه على الجانب الشرقى، وعيسى النوشرى على الجانب الغربي، وذلك لاربع عشره خلت من صفر منها.
وفيها في يوم الأربعاء لثمان بقين من صفر، كانت وفاه ابى احمد الموفق ودفن ليله الخميس في الرصافه عند قبر والدته، وجلس ابو العباس يوم الخميس للناس للتعزية.
ذكر خبر البيعه للمعتضد بولاية العهد
وفيها بايع القواد والغلمان لأبي العباس بولاية العهد بعد المفوض، ولقب بالمعتضد بالله، في يوم الخميس، واخرج للجند العطاء، وخطب يوم الجمعه للمعتمد، ثم للمفوض، ثم لأبي العباس المعتضد، وذلك لسبع ليال بقين من صفر.
وفيها في يوم الاثنين لاربع بقين من صفر قبض على ابى الصقر وأسبابه وانتهبت منازلهم، وطلب بنو الفرات- وكان اليهم ديوان السواد- فاختفوا، وخلع على عبيد الله بن سليمان بن وهب يوم الثلاثاء لثلاث بقين من صفر منها، وولى الوزارة.
وفيها بعث محمد بن ابى الساج الى واسط ليرد غلامه وصيفا الى مدينه السلام، فمضى وصيف الى الاهواز، وابى الانصراف الى بغداد، وانهب الطيب، وعاث بالسوس.
وفيها ظفر بابى احمد بن محمد بن الفرات، فحبس وطولب باموال، وظفر معه بالزغل، فحبس، وظفر معه بمال.
وفيها وردت الاخبار بقتل على بن الليث، أخي الصفار، قتله رافع بن هرثمة، كان لحق به، وترك أخاه.
ووردت الاخبار فيها عن مصر ان النيل غار ماؤه وغلت الأسعار عندهم.
ذكر ابتداء امر القرامطة
وفيها وردت الاخبار بحركة قوم يعرفون بالقرامطة بسواد الكوفه، فكان ابتداء امرهم قدوم رجل من ناحيه خوزستان الى سواد الكوفه ومقامه بموضع منه يقال له النهرين، يظهر الزهد والتقشف، ويسف الخوص، ويأكل من كسبه، ويكثر الصلاة، فأقام على ذلك مده، فكان إذا قعد اليه انسان ذاكره امر الدين، وزهده في الدنيا، واعلمه ان الصلاة المفترضه على الناس خمسون صلاه في كل يوم وليله، حتى فشا ذلك عنه بموضعه، ثم اعلمهم انه يدعو الى امام من اهل بيت الرسول، فلم يزل على ذلك يقعد اليه الجماعه فيخبرهم من ذلك بما تعلق قلوبهم، وكان يقعد الى بقال في القرية، وكان بالقرب من البقال نخل اشتراه قوم من التجار، واتخذوا حظيرة جمعوا فيها ما صرموا من حمل النخل، وجاءوا الى البقال فسألوه ان يطلب لهم رجلا يحفظ عليهم ما صرموا من النخل، فاومى لهم الى هذا الرجل، وقال: ان أجابكم الى حفظ ثمرتكم فانه بحيث تحبون، فناظروه على ذلك، فأجابهم الى حفظه بدراهم معلومه، فكان يحفظ لهم، ويصلى اكثر نهاره ويصوم، ويأخذ عند إفطاره من البقال رطل تمر، فيفطر عليه، ويجمع نوى ذلك التمر.
فلما حمل التجار ما لهم من التمر، صاروا الى البقال، فحاسبوا اجيرهم هذا على اجرته، فدفعوها اليه، فحاسب الأجير البقال على ما أخذ منه من التمر، وحط من ذلك ثمن النوى الذى كان دفعه الى البقال، فسمع التجار ما جرى بينه وبين البقال في حق النوى، فوثبوا عليه فضربوه، وقالوا: الم ترض ان اكلت تمرنا حتى بعت النوى! فقال لهم البقال: لا تفعلوا، فانه لم يمس تمركم، وقص عليهم قصته، فندموا على ضربهم اياه، وسألوه ان يجعلهم في حل، ففعل وازداد بذلك نبلا عند اهل القرية لما وقفوا عليه من زهده.
ثم مرض، فمكث مطروحا على الطريق، وكان في القرية رجل يحمل على اثوار له، احمر العينين شديده حمرتهما، وكان اهل القرية يسمونه كرميته لحمره عينيه، وهو بالنبطية احمر العينين، فكلم البقال كرميته هذا، في ان يحمل هذا العليل الى منزله، ويوصى اهله بالإشراف عليه والعنايه به، ففعل واقام عنده حتى برا، ثم كان يأوي الى منزله، ودعا اهل القرية الى امره، ووصف لهم مذهبه، فأجابه اهل تلك الناحية، وكان يأخذ من الرجل إذا دخل في دينه دينارا، ويزعم انه يأخذ ذلك للإمام، فمكث بذلك يدعو اهل تلك القرى فيجيبونه واتخذ منهم اثنى عشر نقيبا، امرهم ان يدعو الناس الى دينهم، وقال لهم: أنتم كحواريى عيسى بن مريم، فاشتغل اكره تلك الناحية عن اعمالهم بما رسم لهم من الخمسين الصلاة التي ذكر انها مفترضه عليهم.
وكان للهيصم في تلك الناحية ضياع، فوقف على تقصير اكرته في العمارة، فسال عن ذلك، فاخبر ان إنسانا طرا عليهم، فأظهر لهم مذهبا من الدين، واعلمهم ان الذى افترضه الله عليهم خمسون صلاه في اليوم والليلة، فقد شغلوا بها عن اعمالهم، فوجه في طلبه، فاخذ وجيء به اليه، فسأله عن امره، فاخبره بقصته، فحلف انه يقتله.
فامر به فحبس في بيت، واقفل عليه الباب، ووضع المفتاح تحت وسادته، وتشاغل بالشرب، وسمع بعض من في داره من الجوارى بقصته، فرقت له.
فلما نام الهيصم أخذت المفتاح من تحت وسادته، وفتحت الباب واخرجته، واقفلت الباب، وردت المفتاح الى موضعه فلما اصبح الهيصم دعا بالمفتاح ففتح الباب فلم يجده، وشاع بذلك الخبر، ففتن به اهل تلك الناحية، وقالوا:
رفع ثم ظهر في موضع آخر ولقى جماعه من اصحابه وغيرهم فسألوه عن قصته، فقال: ليس يمكن أحدا ان يبدأني بسوء، ولا يقدر على ذلك منى، فعظم في اعينهم، ثم خاف على نفسه، فخرج الى ناحيه الشام، فلم يعرف له خبر، وسمى باسم الرجل الذى كان في منزله صاحب الاثوار كرميته، ثم خفف فقالوا: قرمط ذكر هذه القصة بعض أصحابنا عمن حدثه، انه حضر محمد بن داود بن الجراح، وقد دعا بقوم من القرامطة من الحبس، فسألهم عن زكرويه، وذلك بعد ما قتله، وعن قرمط وقصته، وانهم اوموا له الى شيخ منهم، وقالوا له: هذا سلف زكرويه، وهو اخبر الناس بقصته، فسله عما تريد، فسأله فاخبره بهذه القصة.
وذكر عن محمد بن داود انه قال: قرمط رجل من سواد الكوفه، كان يحمل غلات السواد على اثوار له، يسمى حمدان ويلقب بقرمط ثم فشا امر القرامطة ومذهبهم، وكثروا بسواد الكوفه، ووقف الطائي احمد بن محمد على امرهم، فوظف على كل رجل منهم في كل سنه دينارا، وكان يجبى من ذلك مالا جليلا، فقدم قوم من الكوفه فرفعوا الى السلطان امر القرامطة، وانهم قد أحدثوا دينا غير الاسلام، وانهم يرون السيف على أمه محمد الا من بايعهم على دينهم، وان الطائي يخفى امرهم على السلطان فلم يلتفت اليهم، ولم يسمع منهم، فانصرفوا، واقام رجل منهم مده طويله بمدينه السلام، يرفع ويزعم انه لا يمكنه الرجوع الى بلده خوفا من الطائي وكان فيما حكوا عن هؤلاء القرامطة من مذهبهم ان جاءوا بكتاب فيه: بسم الله الرحمن الرحيم يقول الفرج بن عثمان، وهو من قريه يقال لها نصرانه، داعيه الى المسيح، وهو عيسى، وهو الكلمه، وهو المهدى، وهو احمد بن محمد بن الحنفيه، وهو جبريل وذكر ان المسيح تصور له في جسم انسان، وقال له: انك الداعيه، وانك الحجه، وانك الناقه، وانك الدابة، وانك روح القدس، وانك يحيى بن زكرياء وعرفه ان الصلاة اربع ركعات: ركعتان قبل طلوع الشمس، وركعتان قبل غروبها، وان الاذان في كل صلاه ان يقول: الله اكبر، الله اكبر، الله اكبر، الله اكبر، اشهد ان لا اله الا الله، مرتين اشهد ان آدم رسول الله، اشهد ان نوحا رسول الله، اشهد ان ابراهيم رسول الله، اشهد ان موسى رسول الله، واشهد ان عيسى رسول الله، واشهد ان محمدا رسول الله، واشهد ان احمد بن محمد بن الحنفيه رسول الله، وان يقرا في كل ركعة الاستفتاح، وهي من المنزل على احمد بن محمد بن الحنفيه.
والقبله الى بيت المقدس، والحج الى بيت المقدس، ويوم الجمعه يوم الاثنين لا يعمل فيه شيء، والسورة الحمد لله بكلمته، وتعالى باسمه، المتخذ لأوليائه باوليائه قل ان الأهلة مواقيت للناس، ظاهرها ليعلم عدد السنين والحساب والشهور والأيام، وباطنها أوليائي الذين عرفوا عبادى سبيلى اتقون يا اولى الألباب، وانا الذى لا اسال عما افعل، وانا العليم الحكيم، وانا الذى ابلوا عبادى، وامتحن خلقى، فمن صبر على بلائي ومحنتي واختبارى القيته في جنتي، واخلدته في نعمتي، ومن زال عن امرى، وكذب رسلي، اخلدته مهانا في عذابى، واتممت اجلى، واظهرت امرى، على السنه رسلي، وانا الذى لم يعل على جبار الا وضعته، ولا عزيز الا اذللته، وليس الذى أصر على امره ودوام على جهالته، وقالوا: لن نبرح عليه عاكفين، وبه مؤمنين، أولئك هم الكافرون.
ثم يركع ويقول في ركوعه: سبحان ربى رب العزه وتعالى عما يصف الظالمون! يقولها مرتين، فإذا سجد قال: الله اعلى، الله اعلى، الله اعظم.
الله اعظم ومن شرائعه ان الصوم يومان في السنه، وهما المهرجان والنوروز، وان النبيذ حرام والخمر حلال، ولا غسل من جنابه الا الوضوء كوضوء الصلاة، وان من حاربه وجب قتله، ومن لم يحاربه ممن خالفه أخذت منه الجزية ولا يؤكل كل ذي ناب، ولا كل ذي مخلب وكان مصير قرمط الى سواد الكوفه قبل قتل صاحب الزنج، وذلك ان بعض أصحابنا ذكر عن سلف زكرويه انه قال: قال لي قرمط: صرت الى صاحب الزنج، ووصلت اليه، وقلت له: انى على مذهب، وورائي مائه الف سيف، فناظرنى، فان اتفقنا على المذهب ملت بمن معى إليك، وان تكن الاخرى انصرفت عنك وقلت له: تعطيني الامان؟ ففعل. قال: فناظرته الى الظهر، فتبين لي في آخر مناظرتي اياه انه على خلاف امرى، وقام الى الصلاة، فانسللت، فمضيت خارجا من مدينته، وصرت الى سواد الكوفه
ذكر خبر غزو الروم ووفاه يازمان في هذه الغزوة
ولخمس بقين من جمادى الآخرة من هذه السنه، دخل احمد العجيفى مدينه طرسوس، وغزا مع يازمان غزاه الصائفه، فبلغ سلندو وفي هذه الغزاة مات يازمان، وكان سبب موته ان شظية من حجر منجنيق أصاب أضلاعه وهو مقيم على حصن سلندو، فارتحل العسكر، وقد كانوا أشرفوا على فتحه، فتوفى في الطريق من غده يوم الجمعه، لاربع عشره ليله خلت من رجب، وحمل الى طرسوس على اكتاف الرجال فدفن هناك.
وحج بالناس في هذه السنة هارون بن محمد الهاشمى.