فمن ذلك ما كان من أخذ المعتضد عبد الله بن المهتدى ومحمد بن الحسن بن سهل المعروف بشيلمه وكان شيلمه هذا مع صاحب الزنج الى آخر …
ايامه، ثم لحق بالموفق في الامان فآمنه وكان سبب اخذه إياهما ان بعض المستأمنة سعى به الى المعتضد، واعلمه انه يدعو الى رجل لم يوقف على اسمه، وانه قد استفسد جماعه من الجند وغيرهم، وأخذ معه رجل صيدنانى وابن أخ له من المدينة، فقرره المعتضد فلم يقر بشيء، وساله عن الرجل الذى يدعو اليه، فلم يقر بشيء، وقال: لو كان تحت قدمي ما رفعتهما عنه، ولو عملتنى كردناك لما اخبرتك به، فامر بنار فاوقدت، ثم شد على خشبة من خشب الخيم، وادير على النار حتى تقطع جلده، ثم ضربت عنقه، وصلب عند الجسر الأسفل في الجانب الغربي.
وحبس ابن المهتدى الى ان وقف على براءته، فاطلق، وكان صلبه لسبع خلون من المحرم.
فذكر ان المعتضد قال لشيلمه: قد بلغنى انك تدعو الى ابن المهتدى، فقال: الماثور عنى غير هذا، وانى اتولى آل ابن ابى طالب- وقد كان قرر ابن أخيه فاقر- فقال له: قد اقر ابن أخيك، فقال له: هذا غلام حدث تكلم بهذا خوفا من القتل، ولا يقبل قوله ثم اطلق ابن أخيه والصيدناني بعد مده طويله.
ذكر خبر قصد المعتضد بنى شيبان وصلحه معهم
ولليلة خلت من صفر يوم الأحد شخص المعتضد من بغداد يريد بنى شيبان، فنزل بستان بشر بن هارون، ثم سار يوم الأربعاء منه، واستخلف على داره وبغداد صالحا الامين حاجبه، فقصد الموضع الذى كانت شيبان تتخذه معقلا من ارض الجزيرة، فلما بلغهم قصده إياهم، ضموا اليهم أموالهم وعيالاتهم.
ثم ورد كتاب المعتضد انه اسرى الى الاعراب من السن، فاوقع بهم، فقتل منهم مقتلة عظيمة، وغرق منهم خلق كثير في الزابين، وأخذ النساء والذراري، وغنم اهل العسكر من أموالهم ما اعجزهم حمله، وأخذ من غنمهم وابلهم ما كثر في أيدي الناس حتى بيعت الشاه بدرهم والجمل بخمسه دراهم، وامر بالنساء والذراري ان يحفظوا حتى يحدروا الى بغداد ثم مضى المعتضد الى الموصل، ثم الى بلد، ثم رجع الى بغداد، فلقيه بنو شيبان يسالونه الصفح عنهم، وبذلوا له الرهائن، فاخذ منهم خمسمائة رجل- فيما قيل ورجع المعتضد يريد مدينه السلام، فوافاه احمد بن ابى الأصبغ بما فارق عليه احمد ابن عيسى بن الشيخ من المال الذى اخذه من مال إسحاق بن كنداج، وبهدايا ودواب وبغال في يوم الأربعاء لسبع خلون من شهر ربيع الاول.
[أخبار متفرقة]
وفي شهر ربيع الاول ورد الخبر بان محمد بن ابى الساج افتتح المراغه بعد حصار شديد وحرب غليظه كانت بينهم، وانه أخذ عبد الله بن الحسين بعد ان آمنه واصحابه، فقيده وحبسه، وقرره بجميع أمواله، ثم قتله بعد وفي شهر ربيع الآخر ورد الخبر بوفاه أحمد بن عبد العزيز بن أبي دلف.
وكانت وفاته في آخر شهر ربيع الاول، فطلب الجند أرزاقهم، وانتهبوا منزل اسماعيل بن محمد المنشئ، وتنازع الرئاسة عمر وبكر ابنا عبد العزيز، ثم قام بالأمر عمر، ولم يكتب اليه المعتضد بالولاية.
وفيها افتتح محمد بن ثور عمان، وبعث برءوس جماعه من أهلها.
وذكر ان جعفر بن المعتمد توفى في يوم الأحد لاثنتى عشره خلت من شهر ربيع الآخر منها، وانه كان مقامه في دار المعتضد لا يخرج ولا يظهر، وقد كان المعتضد نادمه مرارا وفيها انصرف المعتضد الى بغداد من خرجته الى الاعراب.
وفيها، في جمادى الآخرة ورد الخبر بدخول عمرو بن الليث نيسابور، في جمادى الاولى منها.
وفيها وجه يوسف بن ابى الساج اثنين وثلاثين نفسا من الخوارج، من طريق الموصل، فضربت اعناق خمسه وعشرين رجلا منهم، وصلبوا، وحبس سبعه منهم في الحبس الجديد.
وفيها دخل احمد بن أبا طرسوس لغزاه الصائفه، لخمس خلون من رجب من قبل خمارويه، ودخل بعده بدر الحمامي، فغزوا جميعا مع العجيفى امير طرسوس حتى بلغوا البلقسور وفيها ورد الخبر بغزو اسماعيل بن احمد بلاد الترك وافتتاحه- فيما ذكر- مدينه ملكهم، واسره اياه وامراته خاتون ونحوا من عشره آلاف، وقتل منهم خلقا كثيرا، وغنم من الدواب دواب كثيره لا يوقف على عددها، وانه أصاب الفارس من المسلمين من الغنيمه في المقسم الف درهم ولليلتين بقيتا من شهر رمضان منها، توفى راشد مولى الموفق بالدينور، وحمل في تابوت الى بغداد.
ولثلاث عشره خلت من شوال منها مات مسرور البلخى وفيها- فيما ذكر- في ذي الحجه ورد كتاب من دبيل بانكساف القمر في شوال لاربع عشره خلت منها، ثم تجلى في آخر الليل، فأصبحوا صبيحة تلك الليلة والدنيا مظلمه، ودامت الظلمه عليهم، فلما كان عند العصر هبت ريح سوداء شديده، فدامت الى ثلث الليل، فلما كان ثلث الليل زلزلوا، فأصبحوا وقد ذهبت المدينة فلم ينج من منازلها الا اليسير، قدر مائه دار، وانهم دفنوا الى حين كتب الكتاب ثلاثين الف نفس يخرجون من تحت الهدم، ويدفنون، وانهم زلزلوا بعد الهدم خمس مرات.
وذكر عن بعضهم ان جمله من اخرج من تحت الهدم خمسون ومائه الف ميت.
وحج بالناس في هذه السنة أبو بكر محمد بن هارون المعروف بابن ترنجه.