فمن ذلك ما كان من ورود الخبر لخمس بقين من صفر، بان الخليجي المتغلب على مصر واقع احمد بن كيغلغ وجماعه من القواد بالقرب من …
العريش، فهزمهم اقبح هزيمه، فندب للخروج اليه جماعه من القواد المقيمين بمدينه السلام، فيهم ابراهيم بن كيغلغ، فخرجوا.
ولسبع خلون من شهر ربيع الاول منها، وافى مدينه السلام قائد من قواد طاهر بن محمد بن عمرو بن الليث الصفار مستأمنا، يعرف بابى قابوس، مفارقا عسكر السجزيه، وذلك ان طاهر بن محمد- فيما ذكر- تشاغل باللهو والصيد، ومضى الى سجستان للصيد والنزهه، فغلب على الأمر بفارس الليث ابن على بن الليث وسبكرى مولى عمرو بن الليث، ودبر الأمر في عمل طاهر والاسم له، فوقع بينهم وبين ابى قابوس تباعد، ففارقهم وصار الى باب السلطان، فقبله السلطان، وخلع عليه وعلى جماعه معه وحباه واكرمه، فكتب طاهر بن محمد بن عمرو بن الليث الى السلطان، يسأله رد ابى قابوس اليه، ويذكر انه استكفاه بعض اعمال فارس، وانه جبى المال، وخرج به معه، ويسال ان لم يرد اليه ان يحسب له ما ذهب به من مال فارس مما صودر عليه، فلم يجبه السلطان الى شيء من ذلك.
ذكرا الخبر عن ظهور أخي الحسين بن زكرويه
وفي هذا الشهر من هذه السنه ورد الخبر ان أخا للحسين بن زكرويه المعروف بصاحب الشامة ظهر بالدالية من طريق الفرات في نفر، وانه اجتمع اليه نفر من الاعراب والمتلصصة، فسار بهم نحو دمشق على طريق البر، وعاث بتلك الناحية، وحارب أهلها، فندب للخروج اليه الحسين بن حمدان بن حمدون، فخرج في جماعه كثيره من الجند، وكان مصير هذا القرمطى الى دمشق في جمادى الاولى من هذه السنه ثم ورد الخبر ان هذا القرمطى صار الى طبرية فامتنعوا من ادخاله، فحاربهم حتى دخلها، فقتل عامه من بها من الرجال والنساء، ونهبها، وانصرف الى ناحيه البادية.
وفي شهر ربيع الآخر ورد الخبر بان الداعيه الذى بنواحي اليمن صار الى مدينه صنعاء، فحاربه أهلها، فظفر بهم، فقتل أهلها، فلم ينفلت منهم الا القليل، وتغلب على سائر مدن اليمن.
عاد الخبر الى ما كان من امر أخي ابن زكرويه
فذكر عن محمد بن داود بن الجراح انه قال: انفذ زكرويه بن مهرويه بعد ما قتل ابنه صاحب الشامة رجلا كان يعلم الصبيان بقرية تدعى الزابوقه من عمل الفلوجة، يسمى عبد الله بن سعيد، ويكنى أبا غانم، فتسمى نصرا ليعمى امره، فدار على احياء كلب يدعوهم الى رايه، فلم يقبله منهم احد سوى رجل من بنى زياد، يسمى مقدام بن الكيال، فانه استغوى له طوائف من الاصبغيين المنتمين الى الفواطم وسواقط من العليصيين وصعاليك من سائر بطون كلب، وقصد ناحيه الشام، وعامل السلطان على دمشق والأردن احمد بن كيغلغ، وهو مقيم بمصر على حرب ابن خليج، الذى كان خالف محمد بن سليمان، ورجع الى مصر، فغلب عليها، فاغتنم ذلك عبد الله بن سعيد هذا، وسار الى مدينتي بصرى واذرعات من كورتى حوران والبثنية، فحارب أهلها ثم آمنهم، فلما استسلموا قتل مقاتلتهم، وسبى ذراريهم، واستصفى أموالهم، ثم سار يؤم دمشق، فخرج اليه جماعه ممن كان مرسوما بتشحينها من المصريين كان خلفهم احمد بن كيغلغ مع صالح بن الفضل، فظهروا عليهم، واثخنوا فيهم ثم اغتروهم ببذل الامان لهم، فقتلوا صالحا، وفضوا عسكره، ولم يطمعوا في مدينه دمشق، وكانوا قد صاروا إليها، فدافعهم أهلها عنها، فقصدوا نحو طبرية مدينه جند الأردن، ولحق بهم جماعه افتتنت من الجند بدمشق، فواقعهم يوسف بن ابراهيم بن بغامردى عامل احمد بن كيغلغ على الأردن، فكسروه وبذلوا الامان له، ثم غدروا به، فقتلوه ونهبوا مدينه الأردن، وسبوا النساء، وقتلوا طائفه من أهلها، فانفذ السلطان الحسين بن حمدان لطلبهم ووجوها من القواد، فورد دمشق وقد دخل أعداء الله طبرية، فلما اتصل خبره بهم عطفوا نحو السماوه، وتبعهم الحسين يطلبهم في بريه السماوه، وهم ينتقلون من ماء الى ماء، ويعورونه حتى لجئوا الى الماءين المعروفين بالدمعانه والحاله، وانقطع الحسين من اتباعهم لعدمه الماء، فعاد الى الرحبه واسرى القرامطة مع غاويهم المسمى نصرا الى قريه هيت، فصبحوها وأهلها غارون لتسع بقين من شعبان مع طلوع الشمس، فنهب ربضها، وقتل من قدر عليه من أهلها، واحرق المنازل، وانتهب السفن التي في الفرات في غرضتها، وقتل من اهل البلد- فيما قيل- زهاء مائتي نفس ما بين رجل وامراه وصبى، وأخذ ما قدر عليه من الأموال والمتاع، واوقر- فيما قيل- ثلاثة آلاف راحله، كانت معه زهاء مائتي كر حنطه بالمعدل ومن البر والعطر والسقط جميع ما احتاج اليه، واقام بها بقية اليوم الذى دخلها والذى بعده، ثم رحل عنها بعد المغرب الى البريه وانما أصاب ذلك من ربضها، وتحصن منه اهل المدينة بسورها، فشخص محمد بن إسحاق بن كنداجيق الى هيت في جماعه من القواد في جيش كثيف بسبب هذا القرمطى، ثم تبعه بعد ايام مؤنس الخازن.
وذكر عن محمد بن داود، انه قال: ان القرامطة صبحوا هيت وأهلها غارون، فحماهم الله منه بسورها، ثم عجل السلطان محمد بن إسحاق بن كنداجيق نحوهم، فلم يقيموا بها الا ثلاثا، حتى قرب محمد بن إسحاق منهم، فهربوا منه نحو الماءين، فنهض محمد نحوهم، فوجدهم قد عوروا المياه بينه وبينهم، فانفذت اليه من الحضره الإبل والروايا والزاد وكتب الى الحسين ابن حمدان بالنفوذ من جهة الرحبه اليهم ليجتمع هو ومحمد بن إسحاق على الإيقاع بهم، فلما احس الكلبيون باشراف الجند عليهم، ائتمروا بعدو الله المسمى نصرا، فوثبوا عليه، وفتكوا به، وتفرد بقتله رجل منهم يقال له الذئب ابن القائم، وشخص الى الباب متقربا بما كان منه، ومستأمنا لبقيتهم، فأسنيت له الجائزة، وعرف له ما أتاه، وكف عن طلب قومه، فمكث أياما ثم هرب، وظفرت بطلائع محمد بن إسحاق برأس المسمى بنصر، فاحتزوه وادخلوه مدينه السلام، واقتتلت القرامطة بعده، حتى وقعت بينهما الدماء، فصار مقدام بن الكيال الى ناحيه طيّئ مفلتا بما احتوى عليه من الحطام، وصارت فرقه منهم كرهت أمورهم الى بنى اسد المقيمين بنواحي عين التمر، فجاوروهم وأرسلوا الى السلطان وفدا يعتذرون مما كان منهم، ويسألون اقرارهم في جوار بنى اسد، فأجيبوا الى ذلك، وحصلت على الماءين بقية الفسقه المستبصره في دين القرامطة.
وكتب السلطان الى حسين بن حمدان في معاودتهم باجتثاث اصولهم، فانفذ زكرويه اليهم داعيه له من اكره اهل السواد يسمى القاسم بن احمد بن على، ويعرف بابى محمد، من رستاق نهر تلحانا، فاعلمهم ان فعل الذئب بن القائم قد اتقره عنهم، وثقل قلبه عليهم، وانهم قد ارتدوا عن الدين، وان وقت ظهورهم قد حضر وقد بايع له بالكوفه اربعون الف رجل، وفي سوادها أربعمائة الف رجل، وان يوم موعدهم الذى ذكره الله في كتابه في شان موسى كليمه ص، وعدوه فرعون إذ يقول: {مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى} [طه: 59] وان زكرويه يأمرهم ان يخفوا امرهم، ويظهروا الانقلاع نحو الشام، ويسيروا نحو الكوفه حتى يصبحوها في غداه يوم النحر، وهو يوم الخميس لعشر تخلو من ذي الحجه سنه ثلاث وتسعين ومائتين، فإنهم لا يمنعون منها.
وانه يظهر لهم، وينجز لهم وعده الذى كانت رسله تأتيهم به، وان يحملوا القاسم بن احمد معهم فامتثلوا امره، ووافوا باب الكوفه، وقد انصرف الناس عن مصلاهم مع إسحاق بن عمران عامل السلطان بها، وكان الذين وافوا باب الكوفه في هذا اليوم- فيما ذكر- ثمانمائه فارس او نحوها، راسهم الذبلانى ابن مهروبه من اهل الصوعر وقيل انه من اهل جنبلاء، عليهم الدروع والجواشن والإله الحسنه، ومعهم جماعه من الرجاله على الرواحل، فاوقعوا بمن لحقوه من العوام، وسلبوا جماعه، وقتلوا نحوا من عشرين نفسا، وبادر الناس الى الكوفه فدخلوها، وتنادوا السلاح فنهض إسحاق بن عمران في اصحابه، ودخل مدينه الكوفه من القرامطة زهاء مائه فارس من الباب المعروف بباب كنده، فاجتمعت العوام وجماعه من اصحاب السلطان، فرموهم بالحجارة وحاربوهم، والقوا عليهم الستر، فقتل منهم زهاء عشرين نفسا، وأخرجوهم من المدينة، وخرج إسحاق بن عمران ومن معه من الجند، فصافوا القرامطة الحرب وامر إسحاق بن عمران اهل الكوفه بالتحارس لئلا يجد القرامطة غره منهم، فيدخلوا المدينة، فلم يزل الحرب بينهم الى وقت العصر يوم النحر، ثم انهزمت القرامطة نحو القادسية، واصلح اهل الكوفه سورهم وخندقهم، وقاموا مع اصحاب السلطان يحرسون مدينتهم ليلا ونهارا.
وكتب إسحاق بن عمران الى السلطان يستمده، فندب للخروج اليه جماعه من قواده، منهم طاهر بن على بن وزير ووصيف بن صوارتكين التركى والفضل بن موسى بن بغا، وبشر الخادم الافشينى وجنى الصفواني ورائق الخزري.
وضم اليه جماعه من غلمان الحجر وغيرهم فشخص اولهم يوم الثلاثاء للنصف من ذي الحجه، ولم يراس واحد منهم، كل واحد منهم رئيس على اصحابه.
وامر القاسم بن سيما وغيره من رؤساء الاعراب بجمع الاعراب من البوادى بديار مضر وطريق الفرات ودقوقاء وخانيجار وغيرها من النواحي، لينهضوا الى هؤلاء القرامطة إذ كان اصحاب السلطان متفرقين في نواحي الشام ومصر، فمضت الرسائل بذلك اليهم، فحضروا ثم ورد الخبر فيها بان الذين شخصوا مددا لإسحاق بن عمران خرجوا الى زكرويه في رجالهم، وخلفوا إسحاق بن عمران بالكوفه مع من معه من رجاله ليضبطها، وصاروا الى موضع بينه وبين القادسية اربعه اميال، يعرف بالصور وهي في البريه في العرض، فلقيهم زكرويه هنالك فصافوه يوم الاثنين لتسع بقين من ذي الحجه.
وقد قيل كانت الوقعه يوم الأحد لعشر بقين منه، وجعل اصحاب السلطان بينهم وبين سوادهم نحوا من ميل، ولم يخلفوا أحدا من المقاتله عنده، واشتدت الحرب بينهم وكانت الدبره أول هذا اليوم على القرمطى واصحابه حتى كادوا ان يظفروا بهم، وكان زكرويه قد كمن عليهم كمينا من خلفهم، ولم يشعروا به فلما انتصف النهار خرج الكمين على السواد فانتهبه، وراى اصحاب السلطان السيف من ورائهم، فانهزموا اقبح هزيمه، ووضع القرمطى واصحابه السيف في اصحاب السلطان، فقتلوهم كيف شاءوا، وصبر جماعه من غلمان الحجر من الخزر وغيرهم، وهم زهاء مائه غلام، وقاتلوا حتى قتلوا جميعا بعد نكاية شديده نكوها في القرامطة، واحتوت القرامطة على سواد اصحاب السلطان فحازوه، ولم يفلت من اصحاب السلطان الا من كان في دابته فضل فنجا به، او من اثخن بالجراح، فطرح نفسه في القتلى، فتحامل بعد انقضاء الوقعه حتى دخل الكوفه وأخذ للسلطان في هذا السواد، مما كان وجه به مع رجاله من الجمازات، عليها السلاح والإله زهاء ثلاثمائة جمازه، ومن البغال خمسمائة بغل.
وذكر ان مبلغ من قتل من اصحاب السلطان في هذه الوقعه سوى غلمانهم والحمالين ومن كان في السواد الف وخمسمائة رجل، فقوى القرمطى واصحابه بما أخذوا في هذه الوقعه، وتطرف بيادر كانت الى جانبه، فاخذ منها طعاما وشعيرا، وحمله على بغال السلطان الى عسكره، وارتحل من موضع الوقعه نحوا من خمسه اميال في العرض الى موضع يقرب من الموضع المعروف بنهر المثنية، وذلك ان روائح القتلى آذتهم.
وذكر عن محمد بن داود بن الجراح انه قال: وافى باب الكوفه الاعراب الذين كان زكرويه راسلهم، وقد انصرف المسلمون عن مصلاهم مع إسحاق بن عمران، فتفرقوا من جهتين، ودخلوا ابيات الكوفه، وقد ضربوا على القاسم بن احمد داعيه زكرويه قبة، وقالوا: هذا ابن رسول الله ص، ودعوا: يا لثارات الحسين! يعنون الحسين بن زكرويه المصلوب بباب جسر مدينه السلام، وشعارهم: يا احمد يا محمد- يعنون ابنى زكرويه المقتولين.
وأظهروا الاعلام البيض، وقدروا ان يستغووا رعاع الكوفيين بذلك القول، فاسرع إسحاق بن عمران ومن معه المبادره نحوهم، ودفعهم وقتل من ثبت له منهم، وحضر جماعه من آل ابى طالب، فحاربوا مع إسحاق بن عمران، وحضر جماعه من العامه، فحاربوا فانصرف القرامطة خاسئين، وصاروا الى قريه تدعى العشيره من آخر عمل طسوج السالحين ونهر يوسف مما يلى البر من يومهم، وانفذوا الى عدو الله زكرويه بن مهرويه من استخرجه من نقير في الارض، كان متطمرا فيه سنين كثيره بقرية الدرية واهل قريه الصوعر يتلفونه على ايديهم، ويسمونه ولى الله فسجدوا له لما راوه، وحضر معه جماعه من دعاته وخاصته، واعلمهم ان القاسم بن احمد اعظم الناس عليهم منه، وانه ردهم الى الدين بعد خروجهم منه، وانهم إذا امتثلوا امره انجز مواعيدهم، وبلغهم آمالهم.
ورمز لهم رموزا، وذكر فيها آيات من القرآن، نقلها عن الوجه الذى انزلت فيه، واعترف لزكرويه جميع من رسخ حب الكفر في قلبه، من عربي ومولى ونبطي وغيرهم انه رئيسهم المقدم، وكهفهم وملاذهم، وأيقنوا بالنصر وبلوغ الأمل وسار بهم وهو محجوب عنهم يدعونه السيد، ولا يبرزونه لمن في عسكرهم، والقاسم يتولى الأمور دونه، ويمضيها على رايه الى مؤاخر سقى الفرات من عمل الكوفه واعلمهم ان اهل السواد قاطبه خارجون اليه، فأقام هنالك نيفا وعشرين يوما، يبث رسله في السواديين مستلحقين، فلم يلحق بهم من السواديين الا من لحقته الشقوة، وهم زهاء خمسمائة رجل بنسائهم وأولادهم، وسرب اليه السلطان الجنود، وكتب الى كل من كان نفذ نحو الأنبار وهيت لضبطها خوفا من معاوده المقيمين، كانوا بالمائين إليها بالانصراف نحو الكوفه، فعجل اليهم جماعه من القواد منهم، بشر الافشينى وجنى الصفواني ونحرير العمرى، ورائق فتى امير المؤمنين والغلمان الصغار المعروفين بالحجريه، فاوقعوا بأعداء الله بقرب قريه الصوعر، فقتلوا رجالتهم وجماعه من فرسانهم، وأسلموا بيوتهم في ايديهم، فدخلوها، وتشاغلوا بها، فعطفت القرامطة عليهم فهزموهم وذكر عن بعض من ذكر انه حضر مجلس محمد بن داود بن الجراح، وقد ادخل اليه قوم من القرامطة، منهم سلف زكرويه، فكان مما حدثه ان قال: كان زكرويه مختفيا في منزلي في سرداب في دارى عليه باب حديد، وكان لنا تنور ننقله، فإذا جاءنا الطلب وضعنا التنور على باب السرداب، وقامت امراه تسجره، فمكث كذلك اربع سنين، وذلك في ايام المعتضد وكان يقول: لا اخرج والمعتضد في الأحياء ثم انتقل من منزلي الى دار قد جعل فيها بيت وراء باب الدار، إذا فتح باب الدار انطبق على باب البيت، فيدخل الداخل فلا يرى باب البيت الذى هو فيه، فلم يزل هذه حاله حتى مات المعتضد، فحينئذ انفذ الدعاه، وعمل في الخروج.
ولما ورد خبر الوقعه التي كانت بين القرمطى واصحاب السلطان بالصوعر على السلطان والناس، اعظموه، وندب للخروج الى الكوفه من ذكرت من القواد، وجعلت الرئاسة لمحمد بن إسحاق بن كنداج، وضم اليه جماعه من اعراب بنى شيبان والنمر زهاء الفى رجل، وأعطوا الأرزاق.
[أخبار متفرقة]
ولاثنتى عشره بقيت من جمادى الاولى قدم بغداد من مكة جماعه نحو العشرة، فصاروا الى باب السلطان، وسألوه توجيه جيش الى بلدهم، لانهم على خوف من الخارج بناحيه اليمن ان يطأ بلدهم، إذ كان قد قرب منها بزعمهم.
وفي يوم الجمعة لاثنتي عشرة ليلة خلت من رجب، قرئ على المنبر ببغداد كتاب ورد على السلطان، ان اهل صنعاء وغيرهم من مدن اليمن اجتمعوا على الخارجي الذى كان تغلب عليها، فحاربوه وهزموه، وفلوا جموعه، فانحاز الى موضع من نواحي اليمن، ثم خلع السلطان لثلاث خلون من شوال على مظفر ابن حاج، وعقد له على اليمن، فخرج ابن حاج لخمس خلون من ذي القعده، ومضى الى عمله باليمن، فأقام بها حتى مات.
ولسبع بقين من رجب من هذه السنه، اخرج مضرب المكتفي، فضرب بباب الشماسيه على ان يخرج الى الشام بسبب ابن الخليج، فوردت خريطة لست بقين منه من مصر من قبل فاتك، يذكر انه والقواد زحفوا الى الخليجي، وكانت بينهم حروب كثيره، وان آخر حرب جرت بينهم وبينه قتل فيها اكثر اصحابه، ثم انهزم الباقون، فظفروا بهم، واحتووا على معسكرهم، فهرب الخليجي حتى دخل الفسطاط، فاستتر بها عند رجل من اهل البلد، ودخل الأولياء الفسطاط.
فلما استقروا بها دل على الخليجي، وعلى من كان استتر معه ممن شايعه، فقبض عليهم وحبسهم قبله، فكتب الى فاتك في حمل الخليجي ومن أخذ معه الى مدينه السلام، فردت مضارب المكتفي التي اخرجت الى باب الشماسه، ووجه في رد خزائنه، فردت وقد كانت جاوزت تكريت.
ثم وجه فاتك بالخليجى من مصر وجماعه ممن اسر معه مع بشر مولى محمد بن ابى الساج الى مدينه السلام.
فلما كان في يوم الخميس للنصف من شهر رمضان من هذه السنه ادخل مدينه السلام من باب الشماسيه، وقدم بين يديه احدى وعشرون رجلا على جمال، وعليهم برانس ودراريع حرير، منهم ابنا بينك- فيما قيل- وابن اشكال الذى كان صار الى السلطان من عسكر عمرو الصفار في الامان، وصندل المزاحمى الخادم الأسود.
فلما وصل الخليجي الى المكتفي، فنظر اليه امر بحبسه في الدار، وامر بحبس الآخرين في الحديد، فوجه بهم الى ابن عمرويه، وكانت اليه الشرطه ببغداد، ثم خلع المكتفي على وزيره العباس بن الحسن خلعا، لحسن تدبيره في هذا الفتح، وخلع على بشر الافشينى.
ولخمس خلون من شوال ادخل بغداد راس القرمطى المسمى نصرا الذى كان انتهب هيت منصوبا على قناه ولسبع خلون من شوال ورد الخبر مدينه السلام ان الروم أغاروا على قورس، فقاتلهم أهلها، فهزموهم، وقتلوا اكثرهم، وقتلوا رؤساء بنى تميم، ودخلوا المدينة، واحرقوا مسجدها، واستاقوا من بقي من أهلها.
وحج بالناس في هذه السنة الفضل بْن عبد الملك الهاشمى.