فمن ذلك ما كان من خلع عبد السلام وابن جليس بمصر في القيسية واليمانيه و وثوبهما بها ،وفيها مات طلحة بْن طاهر بخراسان …
وفيها ولى المأمون أخاه أبا إسحاق الشام ومصر، وولى ابنه العباس بن المأمون الجزيرة والثغور والعواصم، وأمر لكل واحد منهما ومن عبد الله بن طاهر بخمسمائة ألف دينار.
وقيل: إنه لم يفرق في يوم من المال مثل ذلك.
ذكر الخبر عن ولايه غسان بن عباد السند
وفيها ولى غسان بْن عباد السند.
ذكر الخبر عن سبب توليته إياه السند:
وكان السبب في ذلك- فيما بلغني- أن بشر بن داود بن يزيد خالف المأمون، وجبى الخراج فلم يحمل إلى المأمون شيئا منه، فذكر أن المأمون قَالَ يوما لأصحابه: أخبروني عن غسان بْن عباد، فإني أريده لأمر جسيم- وكان قد عزم على أن يوليه السند لما كان من أمر بشر بْن داود- فتكلم من حضر، وأطنبوا في مدحه، فنظر المأمون إلى أحمد بن يوسف وهو ساكت، فقال له: ما تقول يا أحمد؟ قَالَ: يا أمير المؤمنين ذاك رجل محاسنه أكثر من مساويه، لا تصرف به إلى طبقة إلا انتصف منهم، فمهما تخوفت عليه، فإنه لن يأتي أمرا يعتذر منه، لأنه قسم أيامه بين أيام الفضل، فجعل لكل خلق نويه، إذا نظرت في أمره لم تدر أي حالاته أعجب! أما هداه إليه عقله، أم أما اكتسبه بالأدب، قَالَ: لقد مدحته على سوء رأيك فيه! قَالَ:
لأنه فيما قلت كما قَالَ الشاعر:
كفى شكرا بما أسديت أني *** مدحتك في الصديق وفي عداتي
قَالَ: فأعجب المأمون كلامه، واسترجح أدبه.
وحج بِالنَّاسِ فِي هَذِهِ السنة عَبْد اللَّهِ بْن عبيد الله بْن العباس بْن محمد.