فيها اصطلح نصربن سيار وابن الكرماني واسم الكرماني جميع بن علي بن شبيب بن عامر بن نواري بن ضييم بن مليح بن شرطان بن معن …
بن مالك من الأزد على أن يقاتلوا أبا مسلم، فإذا فرغوا نظروا في أمورهم، فدس أبو مسلم إلى علي بن الكرماني إني معك فصالح ابن الكرماني وبايعه، فساروا إلى نصر جميعا، وأرسل أبو مسلم إلى ابن الكرماني أن أنشب الحرب بينكما فاقتتلوا يومهم وليلتهم فأصبح أبو مسلم غاديا عليهم من ورائهم، فلما رأى ذلك نصر أرسل إلى أبي مسلم إني معك وأنا أحق بك من ابن الكرماني، وأنا أبايعك، فسار أبو مسلم في أكثر من عشرة آلاف حتى أتى الدار، وأرسل أصحابه فضربوا وجوه الأزد وبني تميم، فانصرفوا واصطلح الناس، وأرسل أبو مسلم إلى نصر أن أجب.
فقال: أتوضأ.
فخرج من باب له آخر، فركب برذونا وخرج وترك رسل أبي مسلم قعودا وذلك بعد العصر، فأرسلوا إلى أبي مسلم أنه قد هرب، وهرب أصحابه يمينا وشمالا، وسار أبو مسلم من ليلته حتى أتى موضع ثقل نصر بأقصى مرو، فأخذ أهله وولده الصغار، وهرب ولده الكبار، فانتهى نصر إلى سرخس فأقام بها، وبعث أبو مسلم إلى سرخس إبراهيم بن بسام مولى بني ليث، فقاتله شيبان الحروري ومن كان بها من ربيعة، فهزمهم وقتل شيبان وجمعا كثيرا من ربيعة، وأرسل أهل طوس إلى نصر أنا معك وبايعوه، فأرسل نصر ابنه تميما مددا لهم في قريب من ثلاثة آلاف، وأرسل أبو مسلم قحطبة واسمه زياد بن شبيب وقحطبة لقب، فأتاهم قحطبة من أعلى طوس، وأتتهم جنود من قبل أبي الورد، وأتاهم القاسم بن مجاشع في المسودة من قبل سرخس، فسار عاصم بن عمير ومعه عظم الناس إلى قحطبة، فهزمه قحطبة فسار عاصم بن عمير حتى لحق بنصر فارتحل نصر فنزل بقومس.
فحدثني عمرو بن عبيدة قال: حدثني قزعة مولى نصر بن سيار قال: بعث أبو مسلم إلى نصر أن أجب، فخرج نصر من باب له آخر حتى خرج من المدينة، وأخذ سلم بن أحوز، وكان على شرطة نصر فقتل.
وحدثني محمد بن معاوية قال: حدثني بيهس بن حبيب الرام قال: ظهر أبو مسلم في رمضان سنة تسع وعشرين ومائة، فحبس عبد الله بن معاوية وأخويه، ثم قتله وخلى عن أخويه في سنة ثلاثين ومائة، وهرب نصر بن سيار، فبعث أبو مسلم قحطبة بن شبيب، فلقي نباتة بن قحطبة أحد بني أبي بكر بن كلاب بجرجان في ذي الحجة سنة ثلاثين ومائة، فقتل نباتة وابنه حبة بن نباتة.
قال أبو الذيال: قتل يومئذ أهل خراسان وأهل جرجان من بها من بني تميم وأهل المساجد، فلما بلغ ذلك نصرا ارتحل من قومس فانتبذ ناحية، وكتب إلى ابن هبيرة والى مروان يستمدهم.
وفي هذه السنة وهي سنة ثلاثين ومائة كانت وقعة قديد.
فحدثني علي بن محمد عن إسحاق بن إبراهيم الأزدي قال: لما صدر الناس عن مكة وذلك آخر سنة تسع وعشرين ومائة مضى عبد الواحد بن سليمان إلى المدينة، وكتب إلى مروان يخبره بخذلان أهل مكة، فعزله مروان وكتب إلى عبد العزيز بن عمر واليه على المدينة أن يوجه جيشا، وسار أبو حمزة في أول سنة ثلاثين ومائة يريد المدينة، واستخلف على مكة أبرهة بن الصباح الحميري، وجعل على مقدمته بلج بن عقبة السعدي، وخرج أهل المدينة فالتقوا بقديد يوم الخميس لتسع خلون من صفر سنة ثلاثين ومائة، وبلج في ثلاثين ألف فارس، فقال لهم: خلوا طريقنا نأتي هؤلاء الذين بغوا علينا، وجاروا في الحكم، ولا تجعلوا حدنا بكم فإنا لا نريد قتالكم فأبوا وقاتلوهم، فانهزم أهل المدينة، وجاءهم أبو حمزة فقال له علي بن الحصين بن الحر: اتبع هؤلاء القوم وأجهز على جريحهم فإن لكل زمان حكما والإثخان في هؤلاء أمثل، قال: ما أرى ذلك وما أرى أن أخالف سيرة من مضى قبلي، ومضى أبو حمزة إلى المدينة فدخلها يوم الإثنين لثلاث عشرة ليلة خلت من صفر سنة ثلاثين ومائة.
قال أبو الحسن: عن شيخ من الأنصار والمصعبي وغيرهم قال: استعمل عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز عبد العزيز بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان، وراية قريش مع إبراهيم بن عبد الله بن مطيع، وأقبل أبو حمزة فنزل بإزائهم، فاقتتلوا وصبر الفريقان، فأصيب من قريش ثلاث مائة رجل، وأبلى يومئذ آل الزبير فأصيب منهم اثنا عشر رجلا.
تسمية من قتل بقد يد
من آل الزبير بن العوام: حمزة بن مصعب بن الزبير، وابنه عمارة بن حمزة، ومصعب بن عكاشة بن مصعب، وعتيق بن عامر بن عبد الله بن الزبير، وابنه عمرو بن عتيق، وصالح بن عبد الله بن عروة بن الزبير، والحكم بن يحيى بن عروة بن الزبير، والحكم بن يحيى بن عروة بن الزبير.
والمنذر بن عبد الله بن المنذر، وقتل أربعة من ولد خالد بن الزبير: سعيد بن محمد بن خالد وابن لموسى بن خالد، ورجل منهم يقال: له بهبنذا، ورجل آخر.
وقتل أربعون رجلا من بني أسد، وقتل يومئذ أمية بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان، وهرب عبد العزيز بن عبد الله وهو أمير القوم، وقتل يومئذ سمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام.
فحدثني اسماعيل بن ابراهيم قال: أخبرني جويرية بن أسماء قال: خرج عبد العزيز بن عبد الله يريد قديدا، فسقط لواؤه فتطير الناس.
قال اسماعيل: وحدثني غسان بن عبد الحميد قال: خرج أمية بن عبد الله بن عمرو بن عثمان مقنعا يوم قديد لا يلتفت إلى أحد ولا يكلم أحدا مقبلا على بثه حتى قتل.
قال أبو الحسن: ما سمع الناس بواكي أوجع للقلوب من بواكي قديد، ما بقي بالمدينة أهل بيت إلا وفيهم بكي، قالت نائحة تبكيهم:
ما للزمان وما ليه *** أفنى قديد رجاليه
فلأبكين سريرة *** ولأبكين علانية
حدثنا اسماعيل بن اسحاق قال: بعث مروان بن محمد بن مروان محمد بن عطية السعدي سعد بن بكر في أربعة آلاف من جنده، عامتهم رابطة، فشرطوا على مروان إذا قتلنا الأعور قفلنا لا سلطان لك علينا، فأعطاهم ذلك، فأقبل ابن عطية فلقي بلجا بوادي القرى، وقد سار يريد الشام، فاقتتلوا فقتل بلج وعامة أصحابه، ولم يزل يقتلهم حتى دخلوا المدينة ولحق نحو من ألف رجل منهم، عليهم رجل منهم يقال له: الصباح من همدان فتحصن في جبل من جبال المدينة، فقاتلهم فيه ثلاثة أيام، ثم انحاز ليلا في نحو من ثلاث مائة، فرقى في الجبال حتى لحق بمكة، ودخل ابن عطية المدينة، ثم سار إلى مكة، فلقي أبي حمزة بالأبطح ومع أبي حمزة خمسة عشر ألفا، ففرق عليه ابن عطية الخيل فأتته خيل من أسفل مكة وخيل من منى وأتى هو بنفسه من أعلى الثنية، فاقتتلوا حتى كاد النهار أن ينتصف، وخرجت الخيل إليهم ببطن الأبطح، فألجؤوهم إلى عسكرهم وقتل أبرهة بن الصباح عند بئر ميمون، وقتلت معه امرأته، وقتل أبو حمزة، واستباح العسكر وقتل منهم مقتلة عظيمة.
وبلغ عبد الله بن يحيى الأعور، فسار في نحو من ثلاثين ألفا فنزل ابن عطية تبالة، ونزل الأعور صعدة ثم التقوا فانهزم الأعو فسار إلى جرش، وسار ابن عطية والتقوا فاقتتلوا حتى حال بينهم الليل، وأصبح ابن عطية مكانه، فنزل الأعور في نحو من ألف رجل من أهل حضرموت فقاتل حتى قتل ومن معه، وبعث برأس الأعور إلى مروان، وسار ابن عطية حتى أتى صنعاء فثار به رجل من حمير يقال له: يحيى بن عبد الله بن عمير بن السباق، فأخذ الجند، فبعث إليه ابن عطية ابن أخيه عبد الرحمن بن يزيد، فانهزم يحيى بن عبد الله وأصيب ناس من أصحابه، ومضى يحيى حتى أتى عدن أبين فجمع نحوا من ألفين، فسار إليه ابن عطية بنفسه فلقيه بواد من أوديتهم فقتل يحيى ومن معه ورجع ابن عطية إلى صنعاء، ثم خرج رجل يقال له: يحيى بن حرب من حمير بساحل البحر، فبعث إليه ابن عطية رجلا من كندة يكنى أبا أمية كان على الوضاحية فقتل يحيى وناس من أصحابه ثم سار ابن عطية إلى عبد الله بن سعيد خليفة الأعور، وهو في جماعة حضرموت في عدد كثير، فصبحهم ابن عطية فقاتلهم حتى آواه الليل، ثم أتاه كتاب مروان يأمره بالصلاة بالموسم، فدعا أهل حضرموت إلى الصلح، فصالحوه، فانطلق ابن عطية في خمسة عشر رجلا من وجوه أصحابه مبادرا، وخلف ابن أخيه عبد الرحمن بن يزيد، وأقبل ابن عطية متعجلا فنزل واديا من أودية مراد بقرية يقال لها: شبام، فشدوا عليه فقتلوه وأصحابه واحتزوا رأسه، وجاء ناس من همدان، فدفنوا جسده في قرية يقال لها: خيوان على طريق حاج اليمن، وبلغ عيد الرحمن بن يزيد فأرسل رجلا من الوضاحية يقال له: شعيب البارقي في الخيل، وأمره أن يقتل كل من وجد من الناس، فقتل شعيب الرجال، وبقر النساء، وقتل الصبيان، وأخذ الأموال، وعقر النخل، وحرق القرى، ثم انصرف حتى أتى عبد الرحمن.
وأقام الحج محمد بن عبد الملك بن محمد بن عطية السعدي.
وفيها أقبل الصقر بن أيوب الفزاري في شهر رمضان سنة ثلاثين ومائة في عدد كثير إلى تلمسين، فخرج إليه عبد الرحمن بن حبيب فقتل الصقر بن أيوب وانهزمت البربر، وأقبل سليمان بن ذراق المرعبي وكان صفريا، وخرج إليه ابن حبيب، ثم انصرف سليمان من غير قتال.
وفي هذه السنة وهي سنة ثلاثين ومائة: مات محمد بن المنكدر بالمدينة، ومحمد بن عمرو بن حزم بالمدينة، ويزيد بن رومان، وأبو الزناد، واسماعيل بن أبي حكيم، كلهم بالمدينة.
ومات مالك بن دينار، وشعيب بن الحبحاب ويزيد الرشك.
وأبو التياح، وكلثوم بن جبر، وحبيب المعلم، ويحيى البكاء، كل هؤلاء بالبصرة.
وعبد العزيز بن صهيب، وعامر الأحول، وعلي بن الحكم البناني.
وحميد بن قيس الأعرج، ويزيد بن عبد الله بن قسيط بالمدينة.
وأبو وجزة السعدي.