قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: …
وَحَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ الْعَبَّاسِ، عَنْ أَبِيهِ الْعَبَّاسِ ابْن عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، قَالَ: إنِّي لَمَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آخِذٌ بِحَكَمَةِ بَغْلَتِهِ الْبَيْضَاءِ قَدْ شَجَرْتُهَا بِهَا، قَالَ: وَكُنْتُ امْرَأً جَسِيمًا شَدِيدَ الصَّوْتِ، قَالَ: وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ حِينَ رَأَى مَا رَأَى مِنْ النَّاسِ: “أَيْنَ أَيُّهَا النَّاسُ؟”
فَلَمْ أَرَ النَّاسَ يَلْوُونَ عَلَى شَيْءٍ، فَقَالَ: “يَا عَبَّاسُ، اُصْرُخْ، يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ:
يَا مَعْشَرَ أَصْحَابِ السَّمُرَةِ“، قَالَ: فَأَجَابُوا: لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ! قَالَ: فَيَذْهَبُ الرَّجُلُ لِيُثْنِيَ بَعِيرَهُ، فَلَا يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ، فَيَأْخُذُ دِرْعَهُ، فَيَقْذِفُهَا فِي عُنُقِهِ، وَيَأْخُذُ سَيْفَهُ وَتُرْسَهُ، وَيَقْتَحِمُ عَنْ بَعِيرِهِ، وَيُخَلِّي سَبِيلَهُ، فَيَؤُمُّ الصَّوْتَ، حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. حَتَّى إذَا اجْتَمَعَ إِلَيْهِ مِنْهُم مائَة، اسْتَقْبَلُوا النَّاسَ، فَاقْتَتَلُوا، وَكَانَتْ الدَّعْوَى أَوَّلَ مَا كَانَتْ: يَا لَلْأَنْصَارِ. ثُمَّ خَلَصَتْ أَخَيْرًا:
يَا لَلْخَزْرَجِ. وَكَانُوا صُبْرًا عِنْدَ الْحَرْبِ، فَأَشْرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَكَائِبِهِ. فَنَظَرَ إلَى مُجْتَلَدِ الْقَوْمِ وَهُمْ يَجْتَلِدُونَ، فَقَالَ: “الْآنَ حَمِيَ الْوَطِيسُ“.