فكان فِيهَا- فِي قول أبي معشر والواقدي- فتح سابور، وَقَدْ مضى ذكر الخبر عنها فِي قول من خالفهما فِي ذَلِكَ، وَقَالَ الْوَاقِدِيّ: فِيهَا أمر عُثْمَان بتجديد أنصاب الحرم …
وَقَالَ: فِيهَا زاد عُثْمَان فِي المسجد الحرام، ووسعه وابتاع من قوم وأبى آخرون، فهدم عَلَيْهِم، ووضع الأثمان فِي بيت المال، فصيحوا بعثمان، فأمر بهم بالحبس، وَقَالَ: أتدرون مَا جرأكم علي! مَا جرأكم علي إلا حلمي، قَدْ فعل هَذَا بكم عمر فلم تصيحوا بِهِ ثُمَّ كلمه فِيهِمْ عَبْد اللَّهِ بن خَالِد بن أسيد، فأخرجوا.
قَالَ: وحج بِالنَّاسِ فِي هَذِهِ السنة عُثْمَان بن عَفَّانَ.
وفي هَذِهِ السنة عزل عُثْمَان سعدا عن الْكُوفَة، وولاها الْوَلِيد بن عُقْبَةَ فِي قول الْوَاقِدِيّ، وأما فِي قول سيف فإنه عزله عنها فِي سنة خمس وعشرين.
وفيها ولي الْوَلِيد عَلَيْهَا، وَذَلِكَ أنه زعم أنه عزل الْمُغِيرَة بن شُعْبَةَ عن الْكُوفَة حين مات عمر، ووجه سعدا إِلَيْهَا عاملا، فعمل لَهُ عَلَيْهَا سنة وأشهرا.
ذكر سبب عزل عُثْمَان عن الْكُوفَة سعدا واستعماله عَلَيْهَا الْوَلِيد
كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، عَنْ شعيب، عن سيف، عن عمرو، عن الشعبي، قَالَ: كَانَ أول مَا نزغ بِهِ بين أهل الْكُوفَة- وَهُوَ أول مصر نزغ الشَّيْطَان بينهم فِي الإِسْلام- أن سعد بن أَبِي وَقَّاص استقرض من عَبْد اللَّهِ بن مسعود من بيت المال مالا، فأقرضه، فلما تقاضاه لم يتيسر عَلَيْهِ، فارتفع بينهما الكلام حَتَّى استعان عَبْد اللَّهِ بأناس مِنَ النَّاسِ عَلَى استخراج المال، واستعان سعد بأناس مِنَ النَّاسِ عَلَى استنظاره، فافترقوا وبعضهم يلوم بعضا، يلوم هؤلاء سعدا ويلوم هَؤُلاءِ عَبْد اللَّهِ.
كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ سَيْفٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ سَعْدٍ، وَعِنْدَهُ ابْنُ أَخِيهِ هَاشِمُ بْنُ عُتْبَةَ، فَأَتَى ابْنُ مَسْعُودٍ سَعْدًا، فَقَالَ لَهُ: أَدِّ الْمَالَ الَّذِي قِبَلَكَ، فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ: مَا أَرَاكَ إِلا سَتَلْقَى شَرًّا! هَلْ أَنْتَ إِلا ابْنُ مَسْعُودٍ، عَبْدٌ مِنْ هُذَيْلٍ! فَقَالَ: أَجَلْ، وَاللَّهِ إِنِّي لابْنُ مَسْعُودٍ، وَإِنَّكَ لابْنُ حُمَيْنَةَ، فَقَالَ هَاشِمٌ: أَجَلْ وَاللَّهِ انكما لصاحبا رسول الله صلى الله عليه وسلم، يُنْظَرُ إِلَيْكُمَا فَطَرَحَ سَعْدٌ عُودًا كَانَ فِي يده- وكان رجلا فيه جده- وَرَفَعَ يَدَيْهِ، وَقَالَ: اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: وَيْلُكَ! قُلْ خَيْرًا، وَلا تَلْعَنْ، فَقَالَ سَعْدٌ عِنْدَ ذَلِكَ: أَمَا وَاللَّهِ لولا اتِّقَاءُ اللَّهِ لَدَعَوْتُ عَلَيْكَ دَعْوَةً لا تُخْطِئُكَ فَوَلَّى عَبْدُ اللَّهِ سَرِيعًا حَتَّى خَرَجَ.
وَكَتَبَ إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن الْقَاسِمِ بْنِ الْوَلِيدِ، عَنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ عَبْدِ خَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ، قَالَ: لَمَّا وَقَعَ بَيْنَ ابْنِ مَسْعُودٍ وَسَعْدٍ الْكَلامُ فِي قَرْضٍ أَقْرَضَهُ عَبْدُ اللَّهِ إِيَّاهُ، فَلَمْ يَتَيَسَّرْ عَلَى سَعْدٍ قَضَاؤُهُ، غَضِبَ عَلَيْهِمَا عُثْمَانُ، وَانْتَزَعَهَا مِنْ سَعْدٍ، وَعَزَلَهُ وَغَضِبَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ وَأَقَرَّهُ، وَاسْتَعْمَلَ الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ- وَكَانَ عَامِلا لِعُمَرَ عَلَى رَبِيعَةَ بِالْجَزِيرَةِ- فَقَدِمَ الْكُوفَةَ فَلَمْ يَتَّخِذْ لِدَارِهِ بَابًا حَتَّى خَرَجَ مِنَ الْكُوفَةِ.
وَكَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ سَيْفٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ وَطَلْحَةَ، قَالا:
لَمَّا بَلَغَ عثمان الذي كان بين عبد الله وسعد فِيمَا كَانَ، غَضِبَ عَلَيْهِمَا وَهَمََّ بِهِمَا، ثُمَّ تَرَكَ ذَلِكَ، وَعَزَلَ سَعْدًا، وَأَخَذَ مَا عَلَيْهِ، وَأَقَرَّ عَبْدَ اللَّهِ، وَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ، وَأَمَّرَ مَكَانَ سَعْدٍ الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ- وَكَانَ عَلَى عَرَبِ الْجَزِيرَةِ عَامِلا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ- فَقَدِمَ الْوَلِيدُ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ إِمَارَةِ عُثْمَانَ، وَقَدْ كَانَ سَعْدٌ عَمِلَ عَلَيْهَا سَنَةً وَبَعْضَ أُخْرَى، فَقَدِمَ الْكُوفَةَ، وَكَانَ أَحَبَّ النَّاسِ فِي النَّاسِ وَأَرْفَقَهُمْ بِهِمْ، فَكَانَ كَذَلِكَ خَمْسَ سِنِينَ وَلَيْسَ على داره باب.