قالوا: وقصد عاصم بْن عمرو لسجستان، ولحقه عبد اللَّه بْن عمير، فاستقبلوهم فالتقوا هم وأهل سجستان في أدنى أرضهم، …
فهزموهم ثم أتبعوهم، حتى حصروهم بزرنج، ومخروا أرض سجستان ما شاءوا ثم إنهم طلبوا الصلح على زرنج وما احتازوا من الأرضين، فأعطوه، وكانوا قد اشترطوا في صلحهم ان فدا فدها حمى، فكان المسلمون إذا خرجوا تناذروا خشية أن يصيبوا منها شيئا، فيخفروا فتم أهل سجستان على الخراج والمسلمون على الإعطاء، فكانت سجستان أعظم من خراسان، وأبعد فروجا، يقاتلون القندهار والترك وأمما كثيرة، وكانت فيما بين السند إلى نهر بلخ بحياله، فلم تزل أعظم البلدين، وأصعب الفرجين، وأكثرهما عددا وجندا، حتى زمان معاوية، فهرب الشاه من أخيه- واسم أخي الشاه يومئذ رتبيل- إلى بلد فيها يدعى آمل، ودانوا لسلم بْن زياد، وهو يومئذ على سجستان، ففرح بذلك وعقد لهم، وأنزلهم بتلك البلاد، وكتب إلى معاوية بذلك يري أنه قد فتح عليه فقال معاوية: إن ابن أخي ليفرح بأمر إنه ليحزنني وينبغي له أن يحزنه، قالوا: ولم يا أمير المؤمنين؟ قال: لأن آمل بلدة بينها وبين زرنج صعوبة وتضايق، وهؤلاء قوم نكر غدر، فيضطرب الحبل غدا، فأهون ما يجيء منهم أن يغلبوا على بلاد آمل بأسرها وتم لهم على عهد ابن زياد، فلما وقعت الفتنة بعد معاوية كفر الشاه، وغلب على آمل، وخاف رتبيل الشاه فاعتصم منه بمكانه الذي هو به اليوم، ولم يرضه ذلك حين تشاغل الناس عنه حتى طمع في زرنج، فغزاها فحصرهم حتى أتتهم الأمداد من البصرة، فصار رتبيل والذين جاءوا معه، فنزلوا تلك البلاد شجا لم ينتزع إلى اليوم، وقد كانت تلك البلاد مذللة إلى أن مات معاوية.