منهن سوده ابنه زمعه بن قَيْسِ بْنِ عُبْدُودِ بْنِ نَصْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ حِسْلِ بْنِ عامر ابن لؤي وأمها الشموس ابنه قيس بن عمرو بْنِ زَيْدِ بْنِ لَبِيدِ بْنِ …
خِدَاشِ بْنِ عامر ابن غنم بن عدى بن النجار من الانصار، تزوجها السكران بن عمرو، وخرجا جميعا مهاجرين الى ارض الحبشه في الهجره الثانيه.
قال ابن عمر: حدثنى مخرمه بن بكير، عن ابيه، قال: قدم السكران ابن عمرو مكة من ارض الحبشه، ومعه امراته سوده بنت زمعه، فتوفى عنها بمكة. فلما حلت ارسل إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فخطبها، فقالت: امرى إليك يا رسول الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مرى رجلا من قومك يزوجك»، فأمرت حَاطِبِ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ ود فزوجها، فكانت أول امراه تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد خديجه.
قال ابن عمر: وحدثنا محمد بن عبد الله بن مسلم، قال: سمعت ابى يقول: تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم سوده في رمضان سنه عشر من النبوه، بعد وفاه خديجه، وقبل ان يتزوج عائشة، فدخل بها مكة وهاجر الى المدينة، وتوفيت سوده ابنه زمعه في شوال سنه اربع وخمسين بالمدينة، في خلافه معاويه بن ابى سفيان.
قال ابن عمر: وهذا الثبت عندنا قال هشام بن محمد، عن أبيه، عن أبي صالح عن ابن عباس، قال: كانت سوده بنت زمعه عند السكران بن عمرو أخي سهيل بن عمرو، فرات في المنام كان النبي صلى الله عليه وسلم اقبل يمشى حتى وطيء على عنقها، فاخبرت زوجها بذلك، فقال: وابيك لئن صدقت رؤياك لأموتن وليتزوجك محمد، فقالت: حجرا وسترا، قال هشام: والحجر تنفى عنها ذاك، ثم رات في المنام ليله اخرى ان قمرا انقض عليها من السماء وهي مضطجعه، فاخبرت زوجها، فقال: وابيك لا البث الا يسيرا حتى اموت، وتزوجيه من بعدي، فاشتكى السكران من يومه ذلك، فلم يلبث الا قليلا حتى مات، وتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال الحارث: حدثنا داود بن المحبر، قال: حدثنا عبد الحميد بن بهرام، عن شهر، قال: حدثنى ابن عباس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب امراه من قومه، يقال لها سوده، وكانت مصبية، لها خمسه صبيه او سته من بعل لها مات، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما يمنعك منى؟» قالت: يا نبى الله، ما يمنعني منك الا ان تكون أحب البريه الى، ولكن اكرمك ان تضغو هؤلاء الصبية عند راسك بكره وعشيه، فقال: «هل يمنعك منى من شيء غير ذلك؟» قالت: لا والله، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ان خير نساء ركبن اعجاز الإبل صالح نساء قريش، احناه على ولد في صغره، وارعاه على بعل في ذات يد»
وعائشة بنت ابى بكر، وأمها أم رومان بنت عمير بن عامر من بنى دهمان ابن الحارث بْن غنم بْن مالك بْن كنانة، تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم في شوال سنه عشر من النبوه قبل الهجره بثلاث سنين، وعرس بها في شوال على راس ثمانية اشهر من الهجره، وكانت يوم ابتنى بها ابنه تسع سنين.
قال ابن عمر: حدثنا موسى بن محمد بن عبد الرحمن، عن ريطة، عن عمره عن عائشة، انها سئلت: متى بنى بك رسول الله؟ فقالت: لما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم الى المدينة خلفنا وخلف بناته، فلما قدم المدينة بعث إلينا زيد بن حارثة، وبعث معه أبا رافع مولاه، وأعطاهما بعيرين وخمسمائة درهم، أخذها رسول الله من ابى بكر، يشتريان بها ما يحتاجان اليه من الظهر، وبعث ابو بكر معهما عبد الله ابن اريقط الديلى ببعيرين او ثلاثة، وكتب الى عبد الله بن ابى بكر يأمره ان يحمل اهله أم رومان، وانا وأختي أسماء امراه الزبير، فخرجوا مصطحبين فلما انتهوا الى قديد، اشترى زيد بن حارثة بتلك الخمسمائة درهم ثلاثة أبعرة، ثم دخلوا مكة جميعا، وصادفوا طلحه بن عبيد الله يريد الهجره بال ابى بكر، فخرجنا جميعا، وخرج زيد ابن حارثة وابو رافع وفاطمه وأم كلثوم وسوده بنت زمعه، وحمل زيد أم ايمن واسامه ابن زيد، وخرج عبد الله بن ابى بكر بام رومان وأختيه، وخرج طلحه بن عبيد الله واصطحبا جميعا حتى إذا كنا بالبيض من تمنى نفر بعيري، وانا في محفه معى فيها أمي، فجعلت أمي تقول: وا بنتاه وا عروساه! حتى ادرك بعيرنا، وقد هبط من لفت، فسلم ثم انا قدمنا المدينة، فنزلت مع عيال ابى بكر، ونزل الى رسول الله ص ورسول الله يومئذ يبنى المسجد، وأبياتنا حول المسجد، فانزل فيها اهله، ومكثنا أياما في منزل ابى بكر، ثم قال ابو بكر: يا رسول الله ما يمنعك ان تبنى باهلك؟
قال رسول الله: «الصداق»، فاعطاه ابو بكر الصداق اثنى عشر أوقية ونشا، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلينا وبنى بي رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتى، هذا الذى انا فيه، وهو الذى توفى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجعل رسول الله لنفسه بابا في المسجد، وجاه باب عائشة.
وقال: وبنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بسوده في احد تلك البيوت التي الى جنبي، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون عندها، وتوفيت سنه ثمان وخمسين في شهر رمضان.
ذكر من قال ذلك:
ذكر ابن عمر، عن عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ عَبْدِ الله بْن ابى بكر ابن محمد بن عمرو بن حزم، قال: صلى ابو هريرة على عائشة في رمضان سنه ثمان وخمسين وتوفيت بعد الايتار.
وقال محمد بن عمر: توفيت عائشة ليله الثلاثاء لسبع عشره مضت من رمضان سنه ثمان وخمسين، ودفنت من ليلتها بعد الوتر، وهي يومئذ ابنة ست وستين سنه.
قال ابن عمر: وحدثنا ابن ابى سبره، عن موسى بن ميسره، عن سالم سبلان.
قال: ماتت عائشة ليله سبع عشره من شهر رمضان، بعد الوتر، فأمرت ان تدفن من ليلتها فاجتمع الانصار وحضروا، فلم تر ليله اكثر ناسا منها، نزل اهل العوالي، فدفنت بالبقيع.
قال ابن عمر: حدثنى ابن جريح، عن نافع، قال: شهدت أبا هريرة صلى على عائشة بالبقيع، وابن عمر في الناس لا ينكره، وكان مروان اعتمر تلك السنه فاستخلف أبا هريرة وحفصة ابنه عمر بن الخطاب، وأمها زينب ابنه مطعون، اخت عثمان بن مظعون.
وذكر ابن عمر أَنَّ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، حَدَّثَهُ، عن ابيه عن جده، عن عمر قال: ولدت حفصة وقريش تبنى البيت قبل مبعث النبي ص بخمس سنين.
قال: وحدثنى أبو بكر بْن عبد الله بْن أبي سبرة، عن حسين بن ابى حسين، قال: تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم حفصة في شعبان على راس ثلاثين شهرا، قبل احد، قال ابن عمر: توفيت حفصة في شعبان سنه خمس واربعين في خلافه معاويه، وهي يومئذ ابنه ستين سنه.
قال ابن عمر: حدثنا معمر، عن الزهري، عن سالم عن ابيه، قال توفيت حفصة، فصلى عليها مروان بن الحكم، وهو يومئذ عامل المدينة.
قال: وحدثنى على بن مسلم عن المقبري عن ابيه، قال: رايت مروان حمل بين عمودى سريرها من عند دار آل حزم الى دار المغيره بن شعبه، وحملها ابو هريرة من دار المغيره الى قبرها.
قَالَ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ عَنْ ابيه قال: نزل في قبر حفصة عبد الله وعاصم ابنا عمر وسالم وعبد الله وحمزه بنو عبد الله بن عمر.
وأم سلمه، واسمها هند بنت ابى اميه، واسمه سهيل زاد الركب بن المغيره بن عبد الله ابن عمر بن مخزوم، وأمها عاتكه بنت عامر بن ربيعه بن مالك بن جذيمة بن علقمه جذل الطعان ابن فراس بن غنم بن مالك بن كنانه تزوجها ابو سلمه، واسمه عبد الله ابن عبد الأسد بن هلال، وهاجر بها الى ارض الحبشه في الهجرتين جميعا، فولدت له هناك زينب بنت ابى سلمه، وولدت له بعد ذلك سلمه، وعمر ودره بنى ابى سلمه.
قال ابن عمر: حدثنا عمر بن عثمان عن عبد الملك بن عبيد عن سعيد بن عبد الرحمن بن يربوع عن عمر بن ابى سلمه، قال خرج ابى الى احد، فرماه ابو اسامه الجشمى في عضده بسهم، فمكث شهرا يداوى جرحه، ثم برا الجرح، وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ابى الى قطن في المحرم على راس خمسه وثلاثين شهرا، فغاب تسعا وعشرين ليله، ثم رجع فدخل المدينة لثمان خلون من صفر سنه اربع، والجرح منتقض، فمات منها لثمان خلون من جمادى الآخرة سنه اربع من الهجره، فاعتدت أمي وحلت لعشر ليال بقين من شوال سنه اربع، وتزوجها رسول الله ص في ليال بقين من شوال سنه اربع، وتوفيت في ذي القعده سنه تسع وخمسين.
قال ابن عمر: حدثنا كثير بن زيد عن المطلب بْن عبد اللَّه بْن حنطب، قال:
دخلت ايم العرب على سيد المسلمين أول العشاء عروسا، وقامت من آخر الليل، تطحن- يعنى أم سلمه.
قال ابن عمر: وحدثنا معمر عن الزهري عن هند ابنه الحارث الفراسية، قالت: قال رسول الله ص: ان لعائشة منى شعبه ما نزلها احد، فلما تزوج أم سلمه سئل رسول الله، فقيل: يا رسول الله ما فعلت الشعبه، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعلم ان أم سلمه قد نزلت عنده.
وقال ابن عمر: ماتت أم سلمه رحمها الله في شوال سنه تسع وخمسين.
قال ابن عمر: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ قال: صلى ابو هريرة على أم سلمه بالبقيع، وكان الوالي الوليد بن عتبة بن ابى سفيان، وكان ركب في حاجه الى الغابة، وامر أبا هريرة ان يصلى بالناس، فصلى عليها قال: انما ركب لأنها اوصت الا يصلى عليها الوالي، فكره ان يحضر ولا يصلى، فركب عمدا وامر أبا هريرة.
حدثنى الحارث، قال: حدثنا ابن سعد في موضع آخر، قال: قال الواقدى:
ماتت أم سلمه حين دخلت سنه تسع وخمسين في خلافه معاويه، وصلى عليها ابن أخيها عبد الله بن عبد الله بن أبي اميه.
قال الحارث: وحدثنى محمد بن سهيل عن أبي عبيدة معمر بن المثنى، قال:
تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة قبل وقعه بدر في سنه ثنتين من التاريخ أم سلمه، واسمها هند ابنه أبي أمية بْن المغيرة بْن عبد الله بْن عمر بن مخزوم.
وقال ابو معشر: زينب أول من مات من ازواج النبي ص، وأم سلمه آخر من مات منهن.
وأم حبيبه واسمها رمله بنت ابى سفيان بن حرب، وأمها صفيه بنت ابى العاص ابن اميه بن عبد شمس عمه عثمان بن عفان، تزوجها عبيد الله بن جحش بن رئاب حليف حرب بن اميه، فولدت له حبيبه، فكنيت بها، فتزوج حبيبه داود بن عروه ابن مسعود الثقفى، وكان عبيد الله بن جحش هاجر بام حبيبه معه الى ارض الحبشه في الهجره الثانيه، فتنصر وارتد عن الاسلام، وتوفى بأرض الحبشه، وثبتت أم حبيبه على دينها الاسلام وهجرتها، وكانت قد خرجت بابنتها حبيبه بنت عبيد الله معها في الهجره الى ارض الحبشه، ورجعت بها معها الى مكة وقال ابن عمر: حدثنا عبد الله بن جعفر عن عثمان بن محمد الاخنسى ان أم حبيبه بنت ابى سفيان ولدت حبيبه ابنتها من عبيد الله بن جحش بمكة قبل ان تهاجر الى ارض الحبشه، قال ابن عمر: فأخبرني أبو بكر بن إسماعيل بن محمد بن سعد عن ابيه:
قال: خرجت من مكة وهي حامل بها، فولدتها بأرض الحبشه.
قال ابن عمر: وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ زُهَيْرٍ عن اسماعيل بن عمرو بن سعيد ابن العاص، قال: قالت أم حبيبه: رايت في النوم كان عبيد الله بن جحش زوجي باسوا صوره وأشوهها، ففزعت، فقلت: تغيرت والله حاله، فإذا هو يقول حين اصبح، يا أم حبيبه، انى نظرت في الدين فلم أر دينا خيرا من النصرانية، وكنت قد دنت بها، ثم فقلت في دين محمد ثم رجعت الى النصرانية، فقلت: والله ما خير لك، واخبرته بالرؤيا التي رايت له، فلم يحفل بها وأكب على الخمر حتى مات، فأرى في النوم كان أتاني آت يقول يا أم المؤمنين، ففزعت وأولتها ان رسول الله يتزوجني، قالت: فما هو الا ان انقضت عدتى، فما شعرت الا برسول النجاشى على بابى، يستأذن فإذا جاريه له يقال لها أبرهة، كانت تقوم على ثيابه ودهنه، فدخلت على فقالت: ان الملك يقول لك: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب الى ان أزوجكه، فقلت: بشرك الله بخير، وقالت: يقول لك الملك وكلى من يزوجك، فأرسلت الى خالد ابن سعيد بن العاص فوكلته واعطت أبرهة سوارين من فضه وخدمتين كانتا في رجليها، وخواتيم فضه كانت في أصابع رجليها سرورا بما بشرتها به فلما كان العشى امر النجاشى جعفر بن ابى طالب ومن هناك من المسلمين، فحضروا فخطب النجاشى فقال: الحمد لله الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وان محمدا عبده ورسوله، وانه الذى بشر به عيسى بن مريم ع.
اما بعد، فان رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب الى ان ازوجه أم حبيبه بنت ابى سفيان فاجبت الى ما دعا اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أصدقتها أربعمائة دينار ثم سكب الدنانير بين يدي القوم، فتكلم خالد بن سعيد، فقال: الحمد لله احمده واستعينه واستنصره، وأشهد أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عبده ورسوله، أرسله {بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [التوبة: 33] .
اما بعد، فقد اجبت الى ما دعا اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وزوجته أم حبيبه ابنه ابى سفيان، فبارك الله لرسوله، ودفع الدنانير الى خالد بن سعيد فقبضها، ثم أرادوا ان يقوموا، فقال: اجلسوا، فان سنه الأنبياء إذا تزوجوا ان يؤكل طعام على التزويج، فدعا بطعام فأكلوا ثم تفرقوا.
قالت أم حبيبه: فلما وصل الى المال أرسلت الى أبرهة التي بشرتني، فقلت لها:
انى كنت اعطيتك ما اعطيتك يومئذ ولا مال بيدي، فهذه خمسون مثقالا فخذيها، واستغنى بها، فأخرجت الى حقا فيه كل ما أعطيتها، فردته الى، وقالت: عزم على الملك الا أرزأك شيئا، وانا التي اقوم على ثيابه ودهنه، وقد اتبعت دين رسول الله ص، واسلمت لله، وَقَدْ أَمَرَ الْمَلِكُ نِسَاءَهُ أَنْ يَبْعَثْنَ إِلَيْكِ بكل ما عندهن من العطر، فلما كان الغد جاءتني بعود وورس وعنبر وزباد كثير، فقدمت بذلك كله على رسول الله ص، وكان يراه على وعندي فلا ينكر ثم قالت أبرهة: فحاجتي إليك ان تقرئى رسول الله منى السلام، وتعليمه انى قد اتبعت دينه، قالت: ثم لطفت بي، وكانت التي جهزتني، وكانت كلما دخلت على تقول: لا تنسى حاجتي إليك، قالت: فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم اخبرته، كيف كانت الخطبه، وما فعلت بي أبرهة، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم واقراته منها، فقال: وعليها السلام ورحمه الله.
قال ابن عمر، وحدثنا إسحاق بن محمد، عن جعفر بن محمد، عن ابيه، قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن اميه الضمرى الى النجاشى يخطب عليه أم حبيبه بنت ابى سفيان، وكانت تحت عبيد الله بن جحش، فزوجها اياه وأصدقها النجاشى من عنده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعمائة دينار قال ابن عمر: فحدثني مُحَمَّدُ بْنُ صالح، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، قَالَ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ قالا: كان الذى زوجها وخطب اليه النجاشى خالد بن سعيد بن العاص وذلك سنه سبع من الهجره، وكان لها يوم قدم بها المدينة بضع وثلاثون سنه، وتوفيت سنه اربع واربعين في خلافه معاويه.
وزينب بنت جحش بن رئاب اخت عبد الرحمن بن جحش، وأمها اميمه بنت عبد المطلب بن هاشم.
قال ابن عمر: حدثنى عمر بن عثمان الجحشى، عن ابيه، قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، وكانت زينب ابنه جحش ممن هاجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت امراه جميله، فخطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم على زيد ابن حارثة، فقالت: يا رسول الله لا ارضاه لنفسي، وانا ايم قريش، قال: «فانى قد رضيت لك»، فتزوجها زيد بن حارثة.
قال ابن عمر: وحدثنى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ الأَسْلَمِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بن يحيى ابن حبان: قال: جاء رسول الله ص بيت زيد بن حارثة يطلبه، وَكَانَ زَيْدٌ إِنَّمَا يُقَالُ لَهُ: زَيْدُ بْنُ محمد، فربما فقده رسول الله السَّاعَةَ، فَيَقُولُ: «أَيْنَ زَيْدٌ؟»
فَجَاءَ مَنْزِلَهُ يَطْلُبُهُ فلم يجده، وتقوم اليه زينب، فتقول: هاهنا يا رسول الله فولى يهمهم بشيء لا يكاد يفهم منه الا سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ، سُبْحَانَ اللَّهِ مُصَرِّفِ الْقُلُوبِ، فَجَاءَ زَيْدٌ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَأَخْبَرَتْهُ امْرَأَتُهُ أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أَتَى مَنْزِلَهُ، فَقَالَ زَيْدٌ: أَلا قُلْتِ لَهُ: يدخل! قالت: قد عرضت ذلك عليه وابى، قال: فسمعتيه يقول شيئا؟ قالت: سمعته حين ولى يكلم بكلام لا افهمه وسمعته يقول: سبحان الله العظيم، سبحان مصرف القلوب! قال: فخرج زيد حتى اتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، انه بَلَغَنِي أَنَّكَ جِئْتَ مَنْزِلِي، فَهَلا دَخَلْتَ بِأَبِي أنت وأمي يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَعَلَّ زَيْنَبَ أَعْجَبَتْكَ فَأُفَارِقُهَا، فيقول رسول الله: «أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ»، فَمَا اسْتَطَاعَ زَيْدٌ إِلَيْهَا سبيلا بعد ذلك، وياتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيخبره، فيقول: «امسك عليك زوجك»، فيقول: يا رسول الله أفارقها، فيقول رسول الله: «احبس عليك زوجك»، ففارقها زيد واعتزلها وحلت قال: فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحدث مع عائشة الى ان أخذت رسول الله صلى الله عليه وسلم غميه فسرى عنه وهو يبتسم وهو يقول: من يذهب الى زينب يبشرها ان الله عز وجل زوجنيها من السماء، وتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِيۤ أَنعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ} [الأحزاب:37] القصة كلها.
قالت عائشة: وأخذني مَا قَرُبَ وَمَا بَعُدَ لِمَا يَبْلُغُنَا مِنْ جَمَالِهَا، وَأُخْرَى هِيَ أَعْظَمُ الأُمُورِ وَأَشْرَفُهَا مَا صنع لها، زوجها الله عز وجل من السماء وقلت: هي تَفْخَرُ عَلَيْنَا بِهَذَا.
قَالَتْ عَائِشَةُ: فَخَرَجَتْ سَلْمَى خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم تشتد، فتحدثها بذلك، وأعطتها اوضاحا عليها.
قال: وحدثنى عمر بن عثمان بن عبد الله الجحشى، عن ابيه قال: تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش لهلال ذي القعده سنه خمس من الهجره.
قال: وحدثنى عمر بن عثمان الجحشى عن ابيه، قال: ما تركت زينب ابنه جحش دينارا ولا درهما، كانت تصدق بكل ما قدرت عليه، وكانت تأوي المساكين، وتركت منزلها، فباعوه من الوليد بن عبد الملك حين هدم المسجد بخمسين الف درهم.
قال: حدثنا عمر بن عثمان الجحشى عن ابراهيم بن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سئلت أم عكاشة بن محصن: كم بلغت زينب ابنه جحش يوم توفيت؟ فقالت: قدمنا المدينة للهجره، وهي بنت بضع وثلاثين، وتوفيت سنه عشرين.
قال عمر بن عثمان: كان ابى يقول: توفيت زينب بنت جحش، وهي ابنه ثلاث وخمسين.
قال الحارث: حضرت مجلس على بن عاصم، وهو يحدث الناس، فحدث عن داود بن ابى هند، عن عامر قال: كانت زينب تقول للنبي صلى الله عليه وسلم : انا اعظم نسائك عليك حقا، انا خيرهن منكحا، واكرمهن سترا، واقربهن رحما. ثم تقول: زوجنيك الرحمن من فوق عرشه، وكان جبريل ع هو السفير بذاك، وانا بنت عمتك، وليس لك من نسائك قريبه غيرى.
وجويرية بنت الحارث بْن أبي ضرار بْن حبيب بن عائذ بن مالك بن جذيمة المصطلق، من خزاعة تزوجها مسافع بْن صفوان ذي الشفر بْن أبي سرح بن مالك ابن جذيمة فقتل يوم المريسيع.
قال ابن عمر: حدثنا يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ ابيه عن محمد ابن عبد الرحمن بن ثوبان، عن عائشة، قالت: أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم نساء من بنى المصطلق، فاخرج الخمس منه، ثم قسمه بين الناس، واعطى الفارس سهمين، والراجل سهما، فوقعت جويرية بنت الحارث بن ابى ضرار في سهم ثابت ابن قيس بن شماس الأنصاري، وكانت تحت ابن عم لها يقال له صفوان بن مالك ابن جذيمة ذي الشفر، فقتل عنها، وكاتبها ثابت بن قيس على نفسها على تسع اواق، وكانت امراه حلوه، لا يكاد يراها احد الا أخذت بنفسه، فبينا النبي صلى الله عليه وسلم عندي، إذ دخلت جويرية تسأله في كتابتها، فو الله ما هو الا ان رايتها، فكرهت دخولها على النبي صلى الله عليه وسلم، وعرفت ان سيرى فيها مثل الذى رايت، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الحارث سيد قومه، وقد أصابني من الأمر ما قد علمت، فوقعت في سهم ثابت بن قيس، فكاتبني على تسع اواق، فاعنى على فكاكي، فقال: «او خير من ذلك؟» قالت: وما هو؟ قال: «أؤدي عنك كِتَابَتَكِ وَأَتَزَّوَجُكِ»، قَالَتْ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فقد فعلت وخرج الخبر الى الناس، فقالوا: اصهار رسول الله يسترقون، فاعتقوا ما كان في ايديهم من سبى بنى المصطلق، فبلغ عتقهم مائه اهل بيت بتزويجه إياها، فلا أَعْلَمُ امْرَأَةً كَانَتْ أَعْظَمَ بَرَكَةً عَلَى قَوْمِهَا منها، وذلك منصرفه من غزوه المريسيع.
قال ابن عمر: وحدثنى عبد الله بن ابى الأبيض مولى جويرية عن ابيه، قال:
سبى رسول الله صلى الله عليه وسلم بنى المصطلق، فوقعت جويرية في السبى، فجاء أبوها فافتداها وانكحها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد.
قال: وحدثنا إسحاق بن يحيى بن طلحه، عن الزهري، عن مالك بن أوس، عن عمر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب على جويرية الحجاب، وكان يقسم لها كما يقسم لنسائه قال: وحدثنى عبد الله بن عبد الرحمن عن زيد بن ابى عتاب، عن محمد بن عمرو، عن عطاء، عن زينب بنت ابى سلمه، عن جويرية ابنه الحارث، ان اسمها كانت بره، فغيره رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسماها جويرية، وكان يكره ان يقال: خرج من عند بره.
قال: وحدثنى عبد الله بن ابى الأبيض عن ابيه، قال: توفيت جويرية بنت الحارث زوج النبي صلى الله عليه وسلم في شهر ربيع الاول سنه ست وخمسين في خلافه معاويه بن ابى سفيان، وصلى عليها مروان بن الحكم وهو يومئذ والى المدينة.
قال: وأخبرني محمد بن يزيد، عن جدته- وكانت مولاه جويرية بنت الحارث عن جويرية: قالت: تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم وانا ابنه عشرين سنه، قالت: وتوفيت جويرية سنه خمسين، وهي يومئذ ابنه خمس وستين سنه، وصلى عليها مروان بن الحكم.
قال ابن عمر: وحدثنى حزام بن هشام عن ابيه، قال: قالت جويرية:
رأيت قبل قدوم النبي ص بثلاث ليال، كان القمر اقبل يسير من يثرب، حتى وقع في حجري فكرهت ان اخبر بها أحدا من الناس حتى قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما سبينا رجوت الرؤيا، فلما اعتقنى وتزوجني، والله ما كلمته في قدومى، حتى كان المسلمون هم الذين أرسلوهم، وما شعرت الا بجاريه من بنات عمى تخبرني الخبر، فحمدت الله عز وجل.
وصفيه بنت حيي بْن أخطب بْن سعية بْن عامر بن عبيد بن كعب بن ابى الخزرج ابن ابى حبيب بن النضير بن النحام بن تنحوم، من بنى إسرائيل، من سبط هارون بن عمران، وأمها بره بنت سموءل اخت رفاعة بن سموءل، من بنى قريظة أخو النضير وكانت صفيه تزوجها سلام بن مشكم القرظى، ثم فارقها، فتزوجها كنانه بن الربيع ابن ابى الحقيق النضري، فقتل عنها يوم خيبر.
قال ابن عمر: حَدَّثَنِي كَثِيرُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ رباح عن ابى هريرة، قال:
لما دخل رسول الله ص بصفيه بات ابو أيوب على باب النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما اصبح فراى رسول الله صلى الله عليه وسلم كبر، ومع ابى أيوب السيف، فقال: يا رسول الله كانت جاريه حديثه عهد بعرس، وكنت قتلت أباها وأخاها وزوجها، فلم آمنها عليك فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال له خيرا.
قال: وحدثنى محمد بن موسى، عن عماره بن المهاجر، عن آمنه ابنه ابى قيس الغفارية، قالت: انا احدى النساء اللاتي زففن صفيه إلى رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ، فسمعتها تقول: ما بلغت سبع عشره او جهدي ان بلغت سبع عشره سنه- ليله دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وتوفيت صفيه سنه ثنتين وخمسين في خلافه معاويه وقبرت بالبقيع.
وميمونه بنت الحارث بن حزن الهلالي، وأمها هند بنت عوف بن زهير بن الحارث ابن حماطه بن جرش، كانت تزوجت مسعود بن عمرو بن عمير الثقفى في الجاهلية، ثم فارقها فخلف عليها ابو رَهْمِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ أَبِي قَيْسِ من بني مَالِكِ بْنِ حِسْلِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ، فتوفى عنها فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، زوجها اياه العباس ابن عبد المطلب، وكان يلى امرها، وهي اخت أم ولده الفضل ابنه الحارث الهلالية لأبيها، وأمها، وتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلم بسرف على عشره اميال من مكة، وكانت آخر امراه تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك سنه سبع في عمره القضية قال ابن عمر: حدثنا ابن جريج عن ابى الزبير، عن عكرمه، ان ميمونه ابنه الحارث وهبت نفسها لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: وحدثنى موسى بن محمد بن عبد الرحمن، عن ابيه عن عمره، قال: قيل لها: ان ميمونه وهبت نفسها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم على مهر خمسمائة درهم، وولى انكاح رسول الله إِيَّاهَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ.
قَالَ ابْنُ عمر: وتوفيت ميمونه سنه احدى وستين في خلافه يزيد بن معاويه، وهي آخر من مات من ازواج النبي صلى الله عليه وسلم، وكان لها يوم توفيت ثمانون او احدى وثمانون سنه، وكانت جلده.
والكلابية، واختلف في اسمها، فقال بعضهم: هي فاطمه ابنه الضحاك بن سفيان الكلابى، وقال بعضهم: هي عمره بنت يزيد بن عبيده بن رواس بن كلاب ابن ربيعه بن عامر، وقال بعضهم: هي عاليه بنت ظبيان بن عمرو بن عوف بن كعب بن عبد بن ابى بكر بن كلاب وقال بعضهم: هي سنا ابنه سفيان بن عوف بن كعب بن عبد بن ابى بكر بن كلاب وقال بعضهم: لم يكن الا كلابيه واحده، غير انه اختلف في اسمها وقال بعضهم: بل كن جميعا، ولكن لكل واحده منهن قصه غير قصه صاحبتها قال ابن عمر: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عروه، عن عائشة قالت: تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم الكلابية، فلما دخلت عليه فدنا منها، قالت انى اعوذ بالله منك، فقال رسول الله: لقد عذت بعظيم، الحق باهلك قال:
وحدثنا عبد الله بن جعفر، عن عبد الواحد بن ابى عون، عن ابن مناح قال:
استعاذت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت قد ذهلت وذهب عقلها.
وتقول إذا استأذنت على ازواج رسول الله: انا الشقيه، وتقول: انما خدعت قال: وحدثنا محمد بن عبد الله عن الزهري، قال: هي فاطمه بنت الضحاك بن سفيان، استعاذت منه، فطلقها، وكانت تلقط البعر، وتقول: انا الشقيه وتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذي القعده سنه ثمان من الهجره وتوفيت سنه ستين.
قال: وحدثنا عبد الله بن سليمان عن عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد دخل بها ولكنه لما خير نساءه اختارت قومها، ففارقها، فكانت تلقط البعر، وتقول: انا الشقيه.
قال: وحدثنا عبد الله بن جعفر، عن موسى بن سعيد وابن ابى عون، قالا:
انما طلقها رسول الله صلى الله عليه وسلم لبياض كان بها.
قال: وحدثنا عبد الله بن جعفر وابن ابى سبره وعبد العزيز بن محمد عن ابن الهاد عن ثعلبه بن ابى مالك، عن حسين بن على ع، قال: تزوج رسول الله ص امراه من بنى عامر، فكان إذا خرج تطلعت الى اهل المسجد، فاخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ازواجه فقال: «انكن تبغين عليها»، فقلن: نحن نريكها، وهي تطلع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نعم فارينه إياها وهي تطلع»، ففارقها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال ابن عمر: فحدثت بهذا الحديث عبيد الله بن سعيد بن ابى هند فأخبرني عن ابيه قال: انما استعاذت منه، فاعاذها ولم يتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بنى عامر غيرها، ولم يتزوج من كنده غير الجونيه.
قال ابن عمر: وحدثنا ابراهيم بن وثيمه عن ابى وجزة قال: تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذي القعده سنه ثمان منصرفه من الجعرانة قال: وحدثنى ابو مصعب اسماعيل بن مصعب عن شيخ من رهطها انها توفيت سنه ستين.
وأما هِشَام بن مُحَمَّد، فإنه ذكر أن العرزمي حدثه عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ:
كَانَ في نساء رسول الله ص سنا بنت سفيان بن عوف بن كعب بن ابى بكر بن كلاب قال: قال ابن عمر: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا سيد الساعدي يخطب عليه امراه من بنى عامر، يقال لها: عمره ابنه يزيد بن عبيد ابن رواس بن كلاب، فتزوجها، فبلغه ان بها بياضا فطلقها.
قال هشام: وحدثنى رجل من بنى ابى بكر بن كلاب ان رسول الله ص تزوج العاليه بنت ظبيان بن عمرو بن عوف بن كعب بن عبد بن ابى بكر ابن كلاب، فمكثت عنده دهرا ثم طلقها.
وأسماء ابنه النعمان بن ابى الجون الأسود بن الحارث بن شراحيل بن الجون بن آكل المرار الكندى.
قال ابن عمر: حدثنا محمد بن يعقوب بن عتبة، عن عبد الواحد بن ابى عون الدوسي قال: قدم النعمان بن ابى الجون الكندى، وكان ينزل وبنو ابيه نجدا مما يلى الشربه فقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم مسلما، فقال: يا رسول الله، الا ازوجك اجمل ايم في العرب كانت تحت ابن عم لها، فتوفى عنها فتاهت، وقد رغبت فيك، وحطت إليك؟ فتزوجها رسول الله ص على اثنتى عشره أوقية ونش فقال: يا رسول الله لا تقصر بها في المهر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما اصدقت أحدا من نسائي فوق هذا، ولا اصدق أحدا من بناتي فوق هذا»، فقال النعمان: ففيك الاسى، قال: فابعث يا رسول الله الى اهلك من يحملهم إليك، فانى خارج مع رسولك، فنرسل اهلك معه، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم معه أبا اسيد الساعدي، فلما قدما عليها جلست في بيتها فأذنت له ان يدخل، فقال ابو اسيد: ان نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يراهن الرجال.
قال ابو اسيد: وذلك بعد ان نزل الحجاب، فأرسلت اليه فيسرني لأمري، قال: حجاب بينك وبين من تكلمين من الرجال الا ذا محرم منك ففعلت، فقال ابو اسيد: فاقمت ثلاثة ايام، ثم تحملت معى على جمل ظعينة في محفه، واقبلت بها حتى قدمت المدينة، فأنزلتها في بنى ساعده، فدخل عليها نساء الحى فرحين بها، وسهلن وخرجن من عندها فذكرن جمالها، فشاع بالمدينة قدومها.
قال ابو اسيد الساعدي: ووجهت الى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو في بنى عمرو بن عوف فاخبرته، ودخل عليها داخل من النساء، قد بين لها لما بلغهن من جمالها، وكانت من اجمل النساء، فقالت: انك من الملوك، فان كنت تريدين ان تحظى عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستعيذى عنه، فإنك تحظين عنده، ويرغب فيك.
قَالَ: وحدثني عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ ابن ابى عون، قال: تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم الكندية في شهر ربيع الاول سنه سبع من الهجره.
قال: وحدثنى عبد الرحمن بن أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ الوليد بن عبد الملك كتب اليه يسأله: هل تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم اخت الاشعث بن قيس؟ فسأله فقال: ما تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم قط، ولا تزوج كنديه الا اخت بنى الجون، فملكها، فلما اتى بها وقدمت المدينة نظر إليها وطلقها ولم يبن بها.
قال: وحدثنى معمر عن الزهري قال: لم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم كنديه الا اخت بنى الجون ولم يبن بها وفارقها.
وذكر هشام بن محمد ان ابن الغسيل حدثه عن حمزه بن ابى اسيد الساعدي عن ابيه- وكان بدريا- قال: تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أسماء ابنه النعمان الجونيه، وأرسلني، فجئت بها، فقالت حفصة لعائشة او عائشة لحفصة: اخضبيها أنت وانا امشطها، ففعلتا ثم قالت لها إحداهما: ان النبي يعجبه من المرأة إذا ادخلت عليه ان تقول: اعوذ بالله منك، فلما دخلت عليه واغلق الباب، وارخى الستر مد يده إليها، فقالت: اعوذ بالله منك فقال بكمه على وجهه فاستتر به، وقال: عذت معاذا ثلاث مرات قال ابو اسيد: ثم خرج على وقال: يا أبا اسيد ألحقها بأهلها، ومتعها برازقيتين- يعنى كرباسين- فكانت تقول: ادعوني الشقيه.
قال هشام: وحدثنى زهير بن معاويه الجعفى انها ماتت كمدا.
قال ابن عمر: فحدثني سلمان بن الحارث، عن عباس بن سهل، قال: سمعت أبا اسيد الساعدي يقول: لما طلعت بها على الصرم تصايحوا، وقالوا: انك لغير مباركه، ما دهاك؟ فقالت خدعت، فقيل لي كيت وكيت للذي قيل لها، فقال أهلها: لقد جعلتنا في العرب شهره، فنادت أبا اسيد، فقالت: قد كان ما كان، فالذي اصنع ما هو؟ قال: أقيمي في بيتك فاحتجبى الا من ذي محرم، ولا يطمع فيك طامع بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنك من أمهات المؤمنين فاقامت لا يطمع فيها طامع، ولا يراها الا ذو محرم، حتى توفيت في خلافه عثمان ابن عفان عند أهلها بنجد.
وذكر هشام بن محمد الكلبى، ان زهير بن معاويه الجعفى حدثه انها ماتت كمدا.
قال الحارث: وحدثنى محمد بن سهيل، عن أبي عبيدة معمر بن المثنى، قال: تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليمن أسماء بنت النعمان بن الجون بن شراحيل بن النعمان، من كنده، فلما دخل عليها، فدعاها اليه، فقالت: تعال أنت، وأبت ان تجيء فطلقها.
وقال آخرون: بل كانت اجمل النساء، فخاف نساؤه ان تغلبهن عليه، فقلن لها: انا نرى إذا دنا منك ان تقولي: اعوذ بالله منك، فلما دنا منها قالت: اعوذ بالرحمن منك ان كنت تقيا، فقال: «قد عذت بمعاذ، وان عائذ الله عز وجل اهل ان يجار، وقد أعاذك الله منى» فطلقها، وامر الساقط بن عمرو الأنصاري فجهزها، ثم سرحها الى أهلها، فكانت تسمى نفسها الشقيه.