فكان فيها فتح إصطخر في قول أبي معشر، حدثني بذلك أحمد بن ثابت الرازي، قال: حدثنا محدث، عن إسحاق بْن عيسى، عن أبي معشر، …
قال: كانت إصطخر الأولى وهمذان سنة ثلاث وعشرين وقال الواقدي مثل ذلك وقال سيف: كان فتح إصطخر بعد توج الآخرة.
كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، عَنْ شُعَيْبٍ، عن سيف، عن محمد، وطلحة والمهلب وعمرو، قالوا: خرج أهل البصرة الذين وجهوا إلى فارس أمراء على فارس، ومعهم سارية بْن زنيم ومن بعث معهم إلى ما وراء ذلك، وأهل فارس مجتمعون بتوج، فلم يصمدوا لجمعهم بجموعهم، ولكن قصد كل أمير كورة منهم قصد إمارته وكورته التي أمر بها، وبلغ ذلك أهل فارس، فافترقوا إلى بلدانهم، كما افترق المسلمون ليمنعوها، وكانت تلك هزيمتهم وتشتت أمورهم وتفريق جموعهم، فتطير المشركون من ذلك، وكأنما كانوا ينظرون إلى ما صاروا إليه، فقصد مجاشع بْن مسعود لسابور وأردشير خرة فيمن معه من المسلمين، فالتقوا بتوج وأهل فارس، فاقتتلوا ما شاء اللَّه ثم إن اللَّه عز وجل هزم أهل توج للمسلمين، وسلط عليهم المسلمين، فقتلوهم كل قتلة، وبلغوا منهم ما شاءوا، وغنمهم ما في عسكرهم فحووه، وهذه توج الآخرة، ولم يكن لها بعدها شوكة، والأولى التي تنقذ فيها جنود العلاء أيام طاوس، الوقعة التي اقتتلوا فيها، والوقعتان الأولى والآخرة كلتاهما متساجلتان.
ثم دعوا إلى الجزية والذمة، فراجعوا وأقروا، وخمس مجاشع الغنائم، وبعث بها، ووفد وفدا، وقد كانت البشراء والوفود يجازون وتقضى لهم حوائجهم، لسنة جرت بذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
كتب إلي السري عن شعيب، عن سيف، عن محمد بن سوقة، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، قال: خرجنا مع مجاشع بن مسعود غازين توج، فحاصرناها، وقاتلناهم ما شاء اللَّه، فلما افتتحناها وحوينا نهبها نهبا كثيرا، وقتلنا قتلى عظيمة، وكان علي قميص قد تخرق، فأخذت إبرة وسلكا وجعلت أخيط قميصي بها ثم إني نظرت إلى رجل في القتلى عليه قميص فنزعته، فأتيت به الماء، فجعلت أضربه بين حجرين حتى ذهب ما فيه، فلبسته، فلما جمعت الرثة، قام مجاشع خطيبا، فحمد اللَّه، وأثنى عليه، فقال: أيها الناس لا تغلوا، فإنه من غل جاء {بِمَا غَلَّ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ} [آل عمران: 161] ردوا ولو المخيط فلما سمعت ذلك نزعت القميص فألقيته في الأخماس.