لم يحج الرسول صلى الله عليه وسلم عام فتح مكة، بل اعتمر ورجع إلى المدينة، وقد حج المشركون والمسلمون معا في عام 8 هـ، فلما كان…
العام التاسع، أمر أبا بكر علي الحج، فخرج في ذي الحجة إلى مكة، وقد انفرد الواقدي بذكر عدد من حج معه فقال: إنهم ثلثمائة من الصحابة ومعهم عشرون بدنة .
ولما خرج أبو بكر بالناس من المدينة نزلت سورة براءة، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب بصدر سور براءة ليعلنها على الناس في موسم الحج يوم النحر وهو العاشر من ذي الحجة وقال النبي «لا يؤدي عني إلا رجل من أهل بيتي» ولما رأى أبو بكر علياً سأله: أأمير أم مأمور؟ قال: بل مأمور، فمضيا ؛ أبو بكر أمير على الحج وعلي يبلغ صدر سورة براءة، ويساعده عدد من الصحابة في النداء بها منهم أبو هريرة. والطفيل بن عمرو الدوسي، وقد ذكر علي بن أبي طالب أنه بعث بأربع: (لا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة، ولا يطوف بالبيت عريان، ولا يحج بعد العام مشرك، ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد فعهده إلى مدته).
وقد تضمن صدر سورة براءة مفاصلة مع الوثنية وأتباعها حيث منعت حج المشركين بعد التاسع وأعلنت الحرب عليهم، لكنها أمهلت المعاهدين منهم إلى انتهاء مدتهم، وأمهلت من له عهد إلى أجل غير محدود – أو إلى أجل محدود قد نقضه – أربعة أشهر متتابعة تبتدئ في العاشر من ذي الحجة وتنتهي في نهاية العاشر من ربيع الآخر وأمهل من لا عهد له من المشركين إلى انسلاخ الأشهر الحرم أي خمسين يوما تنتهي بنهاية المحرم، فإذا انتهت مددهم صاروا في حالة حرب مع المسلمين.
{بَرَآءَةٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى ٱلَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ} [التوبة:1]
{فَسِيحُواْ فِي ٱلأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي ٱللَّهِ وَأَنَّ ٱللَّهَ مُخْزِي ٱلْكَافِرِينَ} [التوبة:2] {وَأَذَانٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى ٱلنَّاسِ يَوْمَ ٱلْحَجِّ ٱلأَكْبَرِ أَنَّ ٱللَّهَ بَرِيۤءٌ مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِن تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ} [التوبة:3].
لقد مضت على دعوة الإسلام اثنتان وعشرون سنة، بذل المسلمون خلالها كل جهد وسلكوا كل طريق مشروع لتبليغ الدعوة، ومع ذلك أصر بعض المشركين على عبادة الأصنام، والطواف بالبيت العتيق وفق طقوس الجاهلية، وقد آن الأوان لمفاصلتهم ووضع حد لعنادهم وتجاهلهم لدعوة الحق.
ولم يقتصر الأمر على ذلك بل ساندته حملة للتوعية والدعوة إلى الإسلام وتنظيم المناطق النائية التي انضمت للدولة الإسلامية فقد أرسل النبي صلى الله عليه وسلم أبا موسى الأشعري ومعاذ بن جبل قبل حجة الوداع كلا منهما على أحد مخلافيها وأوصاهما بقوله:«يسرا ولا تعسرا وبشرا ولا تنفرا».
وقال لمعاذ:«إنك ستأتي قوما أهل كتاب، فإذا جئتهم فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فإن هم أطاعوا لك ذلك فأخبرهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم، فإن هم أطاعوا لك بذلك فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب»
ثم أرسل خالد بن الوليد إلى اليمن ثم أرسل علي بن أبي طالب مكانه فمكث بها ثم رجع فحج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع وقد نجح على في نشر الإسلام في صفوف قبيلة همدان.