يمثل الحج أحد أركان الإسلام الخمسة، وقد فرض في العام العاشر أو التاسع أو السادس على اختلاف الروايات، وفي العام العاشر أعلن …
النبي صلى الله عليه وسلم عزمه على الحج وهي المرة الوحيدة التي حج فيها بعد الهجرة إلى المدينة، فتقاطر الناس من أرجاء الجزيرة للحج معه، وخرج من المدينة لخمس بقين من ذي القعدة . ولما وقف في عرفة نزلت عليه الآية {ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلإِسْلٰمَ دِيناً} [المائدة:3].
وقد تعلم المسلمون مناسك الحج من النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال لهم «خذوا عني مناسككم»، فجاءت حجته حافلة بالأحكام الشرعية وخاصة ما يتعلق بالحج وبالوصايا والأحكام العامة التي ورد في خطبة عرفات، لذلك اهتم العلماء بحجة الوداع اهتماما كبيرا واستنبطوا منها الكثير من أحكام المناسك وغيرها مما تحفل به كتب الفقه وكتب شروح الحديث وخصص بعضهم مؤلفات مستقلة في حجة الوداع.
وقد شهد الموسم معه جمع غفير من المسلمين. استمعوا إلى خطبة الوداع التي ألقاها في عرفات في وسط أيام التشريق وجاء فيها: «إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، إلا أن كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي هاتين موضع، ودماء الجاهلية موضوعة، وإن أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة ابن الحارث، وربا الجاهلية موضوع وأول ربا أضع ربانا: ربا عباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كله، فاتقوا الله في النساء، فأنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله، وإن لكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف. وإني قد تركت فيكم ما لن تضلوا بعد إن اعتصمتم به كتاب الله، وأنتم تسألون عني، فما أنتم قائلون؟» قالوا: نشهد أنك قد بلغت رسالات ربك، وأديت ونصحت لأمتك، قضيت الذي عليك، فقال: بأصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس:«اللهم اشهد اللهم اشهد».
وقد ألقى خطبا أخرى في منى وذكر في إحداها:«لا ترجعوا من بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض».
وفي طريق العودة من حجة الوداع خطب الرسول صلى الله عليه وسلم الناس في غدير خم قريبا من الجحفة في اليوم الثامن عشر من ذي الحجة، وأمسك بيد علي بن أبي طالب فقال:«من كنت مولاه فعلي مولاه» وكان علي قد أقبل من اليمن وشهد حجة الوداع وقد اشتكى بعض الجند عليا وأنه اشتد في معاملتهم وكان قد استرجع منهم حللا وزعها عليهم نائبه، فأوضح لهم النبي صلى الله عليه وسلم في غدير خم مكانة علي ونبه على فضله لينتهوا عن الشكوى.