قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: … وَأَمَّا هُبَيْرَةُ بْنُ أَبِي وَهْبٍ الْمَخْزُومِيُّ فَأَقَامَ بِهَا حَتَّى مَاتَ كَافِرًا، وَكَانَتْ عِنْدَهُ أُمُّ هَانِئٍ بِنْتُ أَبِي طَالِبٍ، وَاسْمُهَا هِنْدٌ، وَقَدْ قَالَ حِينَ بَلَغَهُ إسْلَامُ أُمِّ هَانِئٍ:
أَشَاقَتْكَ هِنْدٌ أَمْ أَتَاكَ سُؤَالُهَا … كَذَاكَ النَّوَى أَسْبَابُهَا وَانْفِتَالُهَا
وَقَدْ أَرَّقَتْ فِي رَأْسِ حِصْنٍ مُمَنَّعٍ … بِنَجْرَانَ يُسْرِي بَعْدَ لَيْلٍ خَيَالُهَا
وَعَاذِلَةٍ هَبَّتْ بِلَيْلٍ تَلُومُنِي … وَتَعْذِلُنِي بِاللَّيْلِ ضَلَّ ضَلَالُهَا
وَتَزْعُمُ أَنِّي إنْ أَطَعْتُ عَشِيرَتِي … سَأُرْدَى وَهَلْ يُرْدِينِ إلَّا زِيَالُهَا
فَإِنِّي لَمِنْ قَوْمٍ إذَا جَدَّ جِدُّهُمْ … عَلَى أَيِّ حَالٍ أَصْبَحَ الْيَوْمَ حَالُهَا
وَإِنِّي لَحَامٍ مِنْ وَرَاءِ عَشِيرَتِي … إذَا كَانَ مِنْ تَحْتِ الْعَوَالِي مَجَالُهَا
وَصَارَتْ بِأَيْدِيهَا السُّيُوفُ كَأَنَّهَا … مَخَارِيقُ وِلْدَانٍ وَمِنْهَا ظِلَالُهَا
وَإِنِّي لَأَقْلَى الْحَاسِدِينَ وَفِعْلَهُمْ … عَلَى اللَّهِ رِزْقِي نَفْسُهَا وَعِيَالُهَا
وَإِنَّ كَلَامَ الْمَرْءِ فيَ غَيْرِ كُنْهِهِ … لَكَالنَّبْلِ تَهْوِي لَيْسَ فِيهَا نِصَالُهَا
فَإِنْ كُنْتِ قَدْ تَابَعْتُ دِينَ مُحَمَّدٍ … وَعَطَّفَتْ الْأَرْحَامَ مِنْكَ حِبَالُهَا
فَكُونِي عَلَى أَعْلَى سَحِيقٍ بِهَضْبَةٍ … مُلَمْلَمَةٍ غَبْرَاءَ يَبْسٍ بِلَالُهَا
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَيُرْوَى: « وَقَطَّعَتْ الْأَرْحَامَ مِنْكَ حِبَالُهَا» .