وفي ليلته أمسى النبي صلى اللهّٰ عليه وآله وسلم ومن معه على طر يق الهجرة الشريفة، عند وادي القاحة، …
فصلوا المغرب والعشاء واستراحوا أوّل الليل، ثم ساروا إلى نهاية وادي القاحة حوالي 17 كم في ثلاث ساعات ونصف تقريباً، ثم إلى العرَجْ حوالي 19 كم في أربع ساعات تقريباً، وأدركهم الصبح في الطر يق فصلوا به، وهبطوا منطقة العرَجْ وكانت إحدى رواحلهم -الجمل أو الناقة التي يركبون- قد تعبت منهم وبطَّأت من سرعتهم، فتوقفوا للاستراحة بالعرَجْ وقت الضحى تقريباً واستبدال هذه الناقة أو الجمل المتُعبَ لإكمال المسير، وأيضًا للتزوّد بالمؤنَ، ووصلوا عند قرية كانت تسمى قديماً الجِحفة -وهي غير الجحُفة المعروفة- فمروّا براع يرعى إبلاً، فسأله صلى اللهّٰ عليه وآله وسلم: “لمن هذه الإبل؟“، قال: “لرجل من أسلم”، فالتفت صلى اللهّٰ عليه وآله وسلم إلى أبي بكر وقال: “سلمت إن شاء الله“، ثم سأل الراعي فقال: “ما اسمك؟”، قال: “مسعود”، فالتفت صلى اللهّٰ عليه وآله وسلم لأبي بكر وقال: “سعدت إن شاء اللهّٰ!”.
فلماّ جاء صاحب الإبل وكان اسمه أوس ابن حَجرَ الأسلمي، أعطى للنَبّي صلى اللهّٰ عليه وآله وسلم جملاً له اسمه “ابن الرداء” يكملون به الطريق إلى لمدينة وبعث معه غلُامه مسعود بن هنيدة هذا المذكور -وأسلم مسعود ومولاه أوس فيما بعد، ولهم ذكر في الصحابة-، ثم مكثوا بالعرَجْ حتى الليل.