وكانت المؤاخاة مرتين الأولى بين المهاجرين بعضهم وبعض قبل الهجرة …
على الحق والمواساة، آخى بينهم النبي صلى الله عليه وسلم، فآخى بين أبي بكر و عمر ، وبين حمزة و زيد بن حارثة ، وبين عثمان و عبد الرحمن بن عوف ، وبين الزبير و ابن مسعود ، وبين عبيدة بن الحارث و بلال ، وبين مصعب بن عمير و سعد بن أبي وقاص، وبين أبي عبيدة و سالم مولى أبي حذيفة ، وبين سعيد بن زيد و طلحة بن عبيد الله ، وبين علي ونفسه صلى الله عليه وسلم.
مواخاة النبي لعلي
عن عبد الله بن عمر، قال: آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه، فآخى بين أبي بكر وعمر وفلان وفلان حتى بقي علي عليه
السلام، وكان رجلاً شجاعاً ماضياً على أمره، إذا أراد شيئاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أما ترضى أن أكون أخاك»؟ قال: بلى يا رسول الله رضيت، قال: «فأنت أخي في الدنيا والآخرة»، قال كثير: فقلت جميع بن عمير: أنت تشهد بهذا على عبد الله بن عمر؟ قال: «نعم، أشهد»
عن أبي أمامة، قال: لما آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين الناس آخى بينه وبين عليٍّ.
المهاجرون والأنصار يرث بعضهم بعضًا
فلما نزل عليه السلام المدينة آخى بين المهاجرين والأنصار على المواساة والحق في دار أنس بن مالك ، فكانوا يتوارثون بذلك دون القرابات، حتى نزلت وقت وقعة بدر {وَأْوْلُواْ ٱلأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ ٱللَّهِ} [الأنفال: 75] فنسخت ذلك. كانت المؤاخاة بعد بنائه عليه السلام المسجد. وقد قيل: كان ذلك والمسجد يبنى، وقال أبو عمر: بعد قدومه عليه السلام المدينة لخمسة أشهر.
المهاجرون يثنون على الأنصار
قرئ على أبي عبد الله بن أبي الفتح المقدسي بمرج دمشق وأنا أسمع، أخبركم ابن الحرستاني سماعاً، قال: أنا أبو الحسن علي بن أحمد بن منصور بن قبيس الغساني قراءة عليه وأنا أسمع، قال: أنا أبو الحسن أحمد بن عبد الواحد بن محمد بن أبي الحديد السلمي، قال: أنا جدي أبو بكر محمد بن أحمد بن عثمان، قال: أنا محمد بن جعفر بن محمد أبو بكر الخرائطي قراءة عليه، ثنا سعدان، ثنا يزيد بن هارون، قال: أنا حميد الطو يل، عن أنس بن مالك، قال: قال المهاجرون: يا رسول الله، ما رأينا مثل قوم قدمنا عليهم أحسن مواساة في قليل، ولا أحسن بذلًا من كثير، كفونا المؤنة وأشركونا في المهنأ، حتى لقد خشينا أن يذهبوا بالأجر كله، قال: «لا، ما أثنيتم عليهم ودعوتهم لهم».
إيثار الأنصار المهاجرين على أنفسهم
و عن ابن عمر قال: لقد رأيتنا وما الرجل المسلم بأحق بديناره ودرهمه من أخيه المسلم . رواه مسلم، عن أبي كريب والترمذي والنسائي، عن هناد، كليهما عن أبي معاو ية، فوقع لنا بدلًا عالياً لهم.
ذكر أخو المهاجر من الأنصار
وقال ابن إسحاق: آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه من المهاجرين والأنصار فقال: «تواخوا في الله أخوين أخوين»، ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب فقال: «هذا أخي»، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليٌّ أخوين، وحمزة وزيد بن حارثة أخوين، وإليه أوصى حمزة يوم أحد. وذكر سنيد بن داود: أن زيد بن حارثة وأسيد بن الحضير أخوان وهو حسن، إذ هما أنصاري ومهاجري، وأما المؤاخاة بين حمزة وزيد فقد ذكرناها
في المرة الأولى.
رجع إلى ابن إسحاق: و جعفر بن أبي طالب و معاذ بن جبل أخوين، وأنكره الواقدي لغيبة جعفر بالحبشة، وعند سنيد: أن المؤاخاة كانت بين ابن مسعود ومعاذ بن جبل.
رجع: أبو بكر بن أبي قحافة و خارجة بن زيد بن أبي زهير أخوين، و عمر بن الخطاب و عتبان بن مالك أخوين، و أبو عبيدة بن الجراح و سعد بن معاذ أخوين، و عبد الرحمن بن عوف و سعد بن الربيع أخوين، و الزبير بن العوام و سلمة بن سلامة بن وقش أخوين، و يقال: بل الزبير و عبد الله بن مسعود . قلت: هذا كان في المؤاخاة الأولى قبل الهجرة و عثمان بن عفان و أوس بن ثابت بن المنذر أخوين، و طلحة بن عبيد الله و كعب بن مالك أخوين، و سعيد بن زيد و أُبيَ بن كعب أخوين، و مصعب بن عمير و أبو أيوب خالد بن زيد أخوين، و أبو حذيفة بن عتبة و عباد بن بشر أخوين، و عمار بن ياسر و حذيفة بن اليمان أخوين، و يقال: بل ثابت بن قيس بن الشماس و أبو ذر و المنذر بن عمر أخوين، وأنكره الواقدي لغيبة أبي ذر عن المدينة، وقال: لم يشهد بدرًا ولا أُحدًُا ولا الخندق، وإنما قدم بعد ذلك وعنده طليب بن عمير و المنذر بن عمرو أخوين.
رجع إلى ابن إسحاق: و حاطب بن أبي بلتعة و عويم بن ساعدة أخوين، و سلمان الفارسي و أبو الدرداء أخوين، وبلال وأبو رويحة عبد الله بن عبد الرحمن الخثعمي أخوين. وعند سنيد بن داود فيما حكاه أبو عمر: المؤاخاة بين أبي مرثد و عبادة بن الصامت، وبين سعد و سعد بن معاذ، وبين عبد الله بن جحش و عاصم بن ثابت بن أبي الأفلح، وبين عتبة بن غزوان و أبي دجانة ، وبين أبي سلمة بن عبد الأسد و سعد بن خيثمة وبين عثمان بن مظعون و أبي الهيثم بن التيهان . وزاد غيره: وبين عبيدة بن الحارث و عمير بن الحمام وبين الطفيل بن الحارث أخي عبيدة و سفيان بن نسر بن زيد من بني جشم بن الحارث بن الخزرج، وبين الحصين أخيهما و عبد الله بن جبير وبين عثمان بن مظعون و العباس بن عبادة بن نضلة ، وبين صفوان بن بيضاء و رافع بن المعلى ، وبين المقداد و ابن رواحة ، وبين ذي الشِّمالين و يزيد بن الحارث من بني حارثة، وبين عمير بن أبي وقاص و خبيب بن عدي ، وبين عبد الله بن مظعون و قطبة بن عامر بن حديدة ، وبين شماس بن عثمان وحنظلة بن أبي عامر ، وبين الأرقم بن أبي الأرقم و طلحة بن زيد ، وبين زيد بن الخطاب و معن بن عدي ، وبين عمرو بن سراقة و سعد بن زيد من بني عبد الأشهل، وبين عاقل بن البكير و مبشر بن عبد المنذر ، وبين عبد الله بن مخرمة و فروة بن عمرو البياضي، وبين خنيس بن حذافة و المنذر بن محمد بن عقبة بن أحيحة بن الجلاح، وبين سبرة بن أبي رهم و عبادة بن الخشخاش، وبين مسطح بن أثاثة و زيد بن المزين، وبين عكَُّاشة بن محصن و المجذُّر بن ذِياد حليف الأنصار، وبين عامر بن فهيرة و الحارث بن الصمة وبين مهجع مولى عمر و سراقة بن عمرو بن عطية من بني غنم بن مالك بن النجار. كل هذا المزيد عن أبي عمر، وقيل: كان عددهم مائة: خمسين من المهاجرين وخمسين من الأنصار، و زيد بن المزين ، كذا وجد بخط أبي عمر بزاي مفتوحة و ياء آخر الحروف مشددة مفتوحة. وفي أصل ابن مفوز: المزِيْنَ مكسور الميم ساكنة الزاي مفتوحة الياء. وعند ابن هشام ابن المزني.
وفاء عمر بن الخطاب بالأخوة
قال ابن إسحاق: فلما دَوَّن عمر الدواوين بالشام وكان بلال قد خرج إلى الشام فأقام بها مجاهدًا، فقال عمر لبلال: إلى مَنْ تجعل ديوانك؟ قال: مع أبي رويحة ، لا أفارقه أبدًا للأخوة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عقد بيني وبينه، فضمه إليه، وضم ديوان الحبشة إلى خثعم لمكان بلال منهم، فهو في خثعم إلى هذا اليوم بالشام.
مؤاخاة عبد الرحمن بن عوف مع سعد بن الربيع
عن أنس بن مالك: أن عبد الرحمن بن عوف هاجر إلى المدينة، فآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن الربيع، فقال له سعد: يا عبد الرحمن، إني من أكثر الأنصار مالًا، وأنا مقاسمك، وعندي امرأتان فأنا مطلق إحداهما، فإذا انقضت عدتها فتزوجها، فقال له: بارك الله لك في أهلك ومالك.