وعبد المطلب اسمه شيبة، سمي بذلك، لأنه فِيمَا حدثت عن هِشَام بن مُحَمَّدٍ، عن أبيه: كان في رأسه شيبة وقيل له عبد المطلب، …
وذلك أن أباه هاشما كان شخص في تجارة له الى الشام، فسلك طريق المدينة إليها، فلما قدم المدينة نزل- فيما حَدَّثَنَا ابن حميد، قال: حَدَّثَنَا سلمة، عن ابن إسحاق وفيما حدثت عن هشام ابن محمد عن أبيه وفيما حدثني الحارث، عن محمد بن سعد، عن محمد بن عمر، ودخل حديث بعضهم في بعض، وبعضهم يزيد على بعض- على عمرو بن زيد بن لبيد الخزرجي، فرأى ابنته سلمى بنت عمرو- وأما ابن حميد فقال في حديثه عن سلمة، عن ابن إسحاق: سلمى بنت زيد بن عمرو- ابن لبيد بن حرام بن خداش بن جندب بن عدي بن النجار فأعجبته، فخطبها إلى أبيها عمرو، فأنكحه إياها، وشرط عليه ألا تلد ولدا إلا في أهلها، ثم مضى هاشم لوجهته قبل أن يبني بها، ثم انصرف راجعا من الشام، فبنى بها في أهلها بيثرب، فحملت منه ثم ارتحل إلى مكة وحملها معه، فلما أثقلت ردها إلى أهلها، ومضى إلى الشام فمات بها بغزة، فولدت له سلمى عبد المطلب، فمكث بيثرب سبع سنين أو ثماني سنين ثم إن رجلا من بني الحارث بن عبد مناة مر بيثرب، فإذا غلمان ينتضلون، فجعل شيبة إذا خسق قال: أنا ابن هاشم، أنا ابن سيد البطحاء، فقال له الحارثي: من أنت؟ قال: أنا شيبة بن هاشم بن عبد مناف فلما أتى الحارثي مكة، قال للمطلب وهو جالس في الحجر:
يا أبا الحارث، تعلم أني وجدت غلمانا ينتضلون بيثرب، وفيهم غلام إذا خسق قال: أنا ابن هاشم، أنا ابن سيد البطحاء فقال المطلب: والله لا أرجع إلى أهلي حتى آتي به، فقال له الحارثي: هذه ناقتي بالفناء فاركبها، فجلس المطلب عليها، فورد يثرب عشاء، حتى أتى بني عدي بن النجار، فإذا غلمان يضربون كرة بين ظهري مجلس، فعرف ابن أخيه فقال للقوم: أهذا ابن هاشم؟ قالوا: نعم، هذا ابن أخيك، فإن كنت تريد أخذه فالساعة قبل أن تعلم به أمه، فإنها إن علمت لم تدعه، وحلنا بينك وبينه فدعاه، فقال: يا بن أخي، أنا عمك، وقد أردت الذهاب بك الى قومك- واناخ راحلته- فما كذب أن جلس على عجز الناقة، فانطلق به، ولم تعلم به أمه حتى كان الليل، فقامت تدعو بحربها على ابنها، فأخبرت أن عمه ذهب به، وقدم به المطلب ضحوة، والناس في مجالسهم، فجعلوا يقولون: من هذا وراءك؟
فيقول: عبد لي، حتى أدخله منزله على امرأته خديجة بنت سعيد بن سهم، فقالت: من هذا؟ قال: عبد لي، ثم خرج المطلب حتى أتى الحزورة، فاشترى حلة فألبسها شيبة، ثم خرج به حين كان العشي إلى مجلس بني عبد مناف، فجعل بعد ذلك يطوف في سكك مكة في تلك الحلة، فيقال:
هذا عبد المطلب، لقوله: هذا عبدي حين سأله قومه، فقال المطلب:
عرفت شيبة والنجار قد جعلت *** ابناؤها حوله بالنبل تنتضل
وقد حدثني هذا الحديث علي بن حرب الموصلي، قال: حدثني أبو معن عيسى- من ولد كعب بن مالك- عن محمد بن أبي بكر الأنصاري، عن مشايخ الأنصار، قالوا: تزوج هاشم بن عبد مناف امرأة من بني عدي بن النجار، ذات شرف، تشرط على من خطبها المقام بدار قومها، فتزوجت بهاشم، فولدت له شيبة الحمد، فربى في أخواله مكرما، فبينا هو يناضل فتيان الأنصار إذ أصاب خصلة، فقال: أنا ابن هاشم وسمعه رجل مجتاز فلما قدم مكة، قال لعمه المطلب بن عبد مناف: قد مررت بدار بني قيلة فرأيت فتى من صفته ومن صفته يناضل فتيانهم، فاعتزى إلى أخيك، وما ينبغي ترك مثله في الغربة فرحل المطلب حتى ورد المدينة، فأراده على الرحلة، فقال: ذاك إلى الوالدة، فلم يزل بها حتى أذنت له، وأقبل به قد أردفه، فإذا لقيه اللاقي وقال: من هذا يا مطلب؟ قال: عبد لي، فسمي عبد المطلب فلما قدم مكة وقفه على ملك أبيه، وسلمه إليه، فعرض له نوفل بن عبد مناف في ركح له، فاغتصبه إياه، فمشى عبد المطلب إلى رجالات قومه، فسألهم النصرة على عمه، فقالوا: لسنا بداخلين بينك وبين عمك، فلما رأى ذلك كتب إلى أخواله يصف لهم حال نوفل، وكتب في كتابه:
أبلغ بني النجار إن جئتهم *** إني منهم وابنهم والخميس
راحلته- فما كذب أن جلس على عجز الناقة، فانطلق به، ولم تعلم به أمه حتى كان الليل، فقامت تدعو بحربها على ابنها، فأخبرت أن عمه ذهب به، وقدم به المطلب ضحوة، والناس في مجالسهم، فجعلوا يقولون: من هذا وراءك؟
فيقول: عبد لي، حتى أدخله منزله على امرأته خديجة بنت سعيد بن سهم، فقالت: من هذا؟ قال: عبد لي، ثم خرج المطلب حتى أتى الحزورة، فاشترى حلة فألبسها شيبة، ثم خرج به حين كان العشي إلى مجلس بني عبد مناف، فجعل بعد ذلك يطوف في سكك مكة في تلك الحلة، فيقال:
هذا عبد المطلب، لقوله: هذا عبدي حين سأله قومه، فقال المطلب:
عرفت شيبة والنجار قد جعلت *** ابناؤها حوله بالنبل تنتضل
وقد حدثني هذا الحديث علي بن حرب الموصلي، قال: حدثني أبو معن عيسى- من ولد كعب بن مالك- عن محمد بن أبي بكر الأنصاري، عن مشايخ الأنصار، قالوا: تزوج هاشم بن عبد مناف امرأة من بني عدي بن النجار، ذات شرف، تشرط على من خطبها المقام بدار قومها، فتزوجت بهاشم، فولدت له شيبة الحمد، فربى في أخواله مكرما، فبينا هو يناضل فتيان الأنصار إذ أصاب خصلة، فقال: أنا ابن هاشم وسمعه رجل مجتاز فلما قدم مكة، قال لعمه المطلب بن عبد مناف: قد مررت بدار بني قيلة فرأيت فتى من صفته ومن صفته يناضل فتيانهم، فاعتزى إلى أخيك، وما ينبغي ترك مثله في الغربة فرحل المطلب حتى ورد المدينة، فأراده على الرحلة، فقال: ذاك إلى الوالدة، فلم يزل بها حتى أذنت له، وأقبل به قد أردفه، فإذا لقيه اللاقي وقال: من هذا يا مطلب؟ قال: عبد لي، فسمي عبد المطلب فلما قدم مكة وقفه على ملك أبيه، وسلمه إليه، فعرض له نوفل بن عبد مناف في ركح له، فاغتصبه إياه، فمشى عبد المطلب إلى رجالات قومه، فسألهم النصرة على عمه، فقالوا: لسنا بداخلين بينك وبين عمك، فلما رأى ذلك كتب إلى أخواله يصف لهم حال نوفل، وكتب في كتابه:
أبلغ بني النجار إن جئتهم *** إني منهم وابنهم والخميس
رأيتهم قوما إذا جئتهم *** هووا لقائي وأحبوا حسيس
فإن عمي نوفلا قد أبى *** إلا التي يغضي عليها الخسيس
قال: فخرج أبو أسعد بن عدس النجاري في ثمانين راكبا، حتى أتى الأبطح، وبلغ عبد المطلب، فخرج يتلقاه، فقال: المنزل يا خال! فقال: أما حتى ألقى نوفلا فلا قال: تركته جالسا في الحجر في مشايخ قريش، فأقبل حتى وقف على رأسه، ثم استل سيفه، ثم قال: ورب هذه البنية، لتردن على ابن أختنا ركحه أو لأملأن منك السيف، قال: فإني ورب هذه البنية أرد ركحه فأشهد عليه من حضر، ثم قال: المنزل يا بن أختي، فأقام عنده ثلاثا واعتمر، وأنشأ عبد المطلب يقول:
تأبى مازن وبنو عدي *** ودينار بن تيم اللات ضيمي
وساده مالك حتى تناهى *** ونكب بعد نوفل عن حريمي
بهم رد الإله علي ركحي *** وكانوا في التنسب دون قومي
وقال في ذلك سمرة بن عمير، أبو عمرو الكناني:
لعمري لأخوال لشيبة قصرة *** من أعمامه دنيا أبر وأوصل
أجابوا على بعد دعاء ابن أختهم *** ولم يثنهم إذ جاوز الحق نوفل
جزى الله خيرا عصبة خزرجية *** تواصوا على بر، وذو البر أفضل
قال: فلما رأى ذلك نوفل، حالف بني عبد شمس كلها على بني هاشم.
قال محمد بن أبي بكر: فحدثت بهذا الحديث موسى بن عيسى، فقال:
يا بن أبي بكر، هذا شيء ترويه الأنصار تقربا إلينا، إذ صير الله الدولة فينا! عبد المطلب كان أعز في قومه من أن يحتاج إلى أن تركب بنو النجار من المدينة إليه قلت: أصلح الله الأمير! قد احتاج إلى نصرهم من كان خيرا من عبد المطلب قال: وكان متكئا فجلس مغضبا، وقال: من خير من عبد المطلب! قلت: محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: صدقت، وعاد إلى مكانه، وقال لبنيه: اكتبوا هذا الحديث من ابن أبي بكر.
وقد حدثت هذا الحديث في أمر عبد المطلب وعمه نوفل بن عبد مناف، عن هشام بن محمد، عن أبيه، قال: حدثنا زياد بن علاقة التغلبي- وكان قد أدرك الجاهلية- قال: كان سبب بدء الحلف الذي كان بين بني هاشم وخزاعة الذي افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم بسببه مكة، وقال: لتنصب هذه السحابة بنصر بني كعب، أن نوفل بن عبد مناف- وكان آخر من بقي من بني عبد مناف- ظلم عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف على أركاح له- وهي الساحات- وكانت أم عبد المطلب سلمى بنت عمرو النجارية من الخزرج، قال: فتنصف عبد المطلب عمه، فلم ينصفه، فكتب إلى أخواله:
يا طول ليلي لأحزاني وأشغالي *** هل من رسول الى النجار اخوالى!
بنى عديا ودينارا ومازنها *** ومالكا عصمة الجيران عن حالي
قد كنت فيكم ولا أخشى ظلامة ذي *** ظلم عزيزا منيعا ناعم البال
حتى ارتحلت إلى قومي وأزعجني *** عن ذاك مطلب عمي بترحال
وكنت ما كان حيا ناعما جذلا *** امشى لعرضنه سحابا لأذيالي
فغاب مطلب في قعر مظلمة *** وقام نوفل كي يعدو على مالي
أإن رأى رجلا غابت عمومته *** وغاب أخواله عنه بلا وال
أنحى عليه ولم يحفظ له رحما *** ما أمنع المرء بين العم والخال!
فاستنفروا وامنعوا ضيم ابن أختكم *** لا تخذلوه وما أنتم بخذال
ما مثلكم في بني قحطان قاطبة *** حي لجار وإنعام وإفضال
أنتم ليان لمن لانت عريكته *** سلم لكم وسمام الأبلخ الغالي
قال: فقدم عليه منهم ثمانون راكبا، فأناخوا بفناء الكعبة، فلما رآهم نوفل بن عبد مناف، قال لهم: أنعموا صباحا! فقالوا له: لا نعم صباحك أيها الرجل! أنصف ابن أختنا من ظلامته قال: أفعل بالحب لكم والكرامة، فرد عليه الأركاح وأنصفه.
قال: فانصرفوا عنه إلى بلادهم قال: فدعا ذلك عبد المطلب إلى الحلف، فدعا عبد المطلب بسر بن عمرو وورقاء بن فلان ورجالا من رجالات خزاعة، فدخلوا الكعبة وكتبوا كتابا.
وكان إلى عبد المطلب بعد مهلك عمه المطلب بن عبد مناف ما كان إلى من قبله من بني عبد مناف من أمر السقاية والرفادة، وشرف في قومه، وعظم فيهم خطره، فلم يكن يعدل به منهم أحد، وهو الذي كشف عن زمزم، بئر إسماعيل بن إبراهيم، واستخرج ما كان فيها مدفونا، وذلك غزالان من ذهب، كانت جرهم دفنتهما- فيما ذكر- حين أخرجت من مكة، وأسياف قلعية، وأدراع، فجعل الأسياف بابا للكعبة، وضرب في الباب الغزالين صفائح من ذهب، فكان أول ذهب حليته- فيما قيل- الكعبه.
وكانت كنيه عبد المطلب أبا الحارث، كني بذلك لأن الأكبر من ولده الذكور كان اسمه الحارث، وهو شيبة.