وفي ذلك الوقت أسلم الشهم الهمام عمربن الخطاب العدوي القرشي بعد ما كان عليه من كراهية المسلمين وشدة أذاهم. …
قالت ليلى ــــ إحدى المهاجرات لأرض الحبشة مع زوجها ــــ: كان عمر بن الخطاب من أشد الناس علينا في إسلامنا، فلما ركبتُ بعيري أُريد أن أتوجه إلى أرض الحبشة إذا أنا به، فقال لي: إلى أين يا أُم عبد الله؟ فقلت: قد آذيتمونا في ديننا، نذهبُ في أرض الله حيث لا نؤذى، فقال: صحبكم الله، فلما جاء زوجي عامر أخبرته بما رأيت من رِقَّةِ عمر، فقال: ترجين أن يُسْلم؟ والله لا يسلم حتى يسلم حمار الخطاب وذلك لما كان يراه من قسوته وشدته على المسلمين، ولكن حصلت له بركة دعوة المصطفى صلى الله عليه وسلم، فإنه قال قبيل إسلامه: «اللهم أعِزّ الإسلام بعمر». وكان إسلامه في دار الأرقم بن أبي الأرقم التي كان المسلمون يجتمعون فيها وقد حقق الله بإسلامه ما رجاه عليه الصلاة والسلام، فقد قال عبد الله بن مسعود من رواية البخاري: ما زلنا أعزّة منذ أسلم عمر. فإنه طلب من رسول الله أن يعلن صلاته في المسجد ففعل وقد أدرك الكفارَ كآبةٌ شديدة حينما رأوا عمر أسلم، وكانوا قد أرادوا قتله حتى اجتمع جمع حول داره ينتظرونه، فجاء العاص بن وائل السَّهْمي وهو من بني سهم حلفاء بني عدي قوم عمر وعليه حُلَّة حِبَرَة، وقميص مكفوف بحرير، فقال لعمر: ما بالُكَ؟ فقال: زعم قومك أنهم سيقتلونني إنْ أسلمتُ. قال: لا سبيل إليك فأنا لك جار، فأمِنَ عمر، وخرج العاص فوجد الناس قد سال بهم الوادي، فقال: أين تريدون؟ قالوا: نريد هذا ابن الخطاب الذي صبأ. قال: لا سبيل إليه. فرجع الناس من حيث أتوا.