قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: كَانَ عَمْرُو بْنُ أَبِي …
سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ، وَكَانَ لِبِنْتِ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ- قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: أُمُّ عَمْرِو بْنِ أَبِي سُفْيَانَ بِنْتُ أَبِي عَمْرٍو، وَأُخْتُ أَبِي مُعَيْطِ بْنِ أَبِي عَمْرٍو- أَسِيرًا فِي يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ أَسْرَى بَدْرٍ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: أَسَرَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: فَقِيلَ لِأَبِي سُفْيَانَ: افْدِ عَمْرًا ابْنَكَ، قَالَ: أَيُجْمَعُ عَلَيَّ دَمِي وَمَالِي! قَتَلُوا حَنْظَلَةَ، وَأَفْدِي عَمْرًا! دَعُوهُ فِي أَيْدِيهِمْ يُمْسِكُوهُ مَا بَدَا لَهُمْ.
قَالَ: فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ، مَحْبُوسٌ بِالْمَدِينَةِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إذْ خَرَجَ سَعْدُ بْنُ النُّعْمَانِ بْنِ أَكَّالٍ، أَخُو بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ ثُمَّ أَحَدُ بَنِي مُعَاوِيَةَ مُعْتَمِرًا وَمَعَهُ مُرَيَّةٌ لَهُ، وَكَانَ شَيْخًا مُسْلِمًا، فِي غَنَمٍ لَهُ بِالنَّقِيعِ، فَخرج من هُنَالك مُعْتَمِرًا، وَلَا يَخْشَى الَّذِي صُنِعَ بِهِ، لَمْ يَظُنَّ أَنَّهُ يُحْبَسُ بِمَكَّةَ، إنَّمَا جَاءَ مُعْتَمِرًا. وَقَدْ كَانَ عَهِدَ قُرَيْشًا لَا يَعْرِضُونَ لِأَحَدٍ جَاءَ حَاجًّا، أَوْ مُعْتَمِرًا إلَّا بِخَيْرٍ، فَعَدَا عَلَيْهِ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ بِمَكَّةَ فَحَبَسَهُ بِابْنِهِ عَمْرٍو، ثُمَّ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ:
أَرَهْطَ ابْنِ أَكَّالٍ أَجِيبُوا دُعَاءَهُ … تَعَاقَدْتُمْ لَا تُسْلِمُوا السَّيِّدَ الْكَهْلَا
فَإِنَّ بَنِي عَمْرٍو لِئَامٌ أَذِلَّةٌ … لَئِنْ لَمْ يَفُكُّوا عَنْ أَسِيرِهِمْ الْكَبْلَا
فَأَجَابَهُ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ فَقَالَ:
لَوْ كَانَ سَعْدٌ يَوْمَ مَكَّةَ مُطْلَقًا … لَأَكْثَرَ فِيكُمْ قَبْلَ أَنْ يُؤْسَرَ الْقَتْلَا
بِعَضْبِ حُسَامٍ أَوْ بِصَفْرَاءَ نَبْعَةٍ … تَحِنُّ إذَا مَا أُنْبِضَتْ تَحْفِزُ النَّبْلَا
وَمَشَى بَنُو عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرُوهُ خَبَرَهُ وَسَأَلُوهُ أَنْ يُعْطِيَهُمْ عَمْرَو بْنَ أَبِي سُفْيَانَ فَيَفُكُّوا بِهِ صَاحِبَهُمْ، فَفَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَبَعَثُوا بِهِ إلَى أَبِي سُفْيَانَ، فَخَلَّى سَبِيلَ سَعْدٍ.