وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُحِلُّ بِمَكَّةَ وَلَا يُحَرِّمُ، …
مَغْلُوبًا عَلَى أَمْرِهِ، وَكَانَ الْإِسْلَامُ قَدْ فَرَّقَ بَيْنَ زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَسْلَمَتْ وَبَيْنَ أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ، إلَّا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يَقْدِرُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا، فَأَقَامَتْ مَعَهُ عَلَى إسْلَامِهَا وَهُوَ عَلَى شِرْكِهِ، حَتَّى هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا صَارَتْ قُرَيْشٌ إِلَى بدر، صارفهم أَبُو الْعَاصِ بْنُ الرَّبِيعِ فَأُصِيبَ فِي الْأُسَارَى يَوْمَ بَدْرٍ، فَكَانَ بِالْمَدِينَةِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ عَبَّادٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَمَّا بَعَثَ أَهْلُ مَكَّةَ فِي فِدَاءِ أُسَرَائِهِمْ، بَعَثَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي فِدَاءِ أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ بِمَالٍ، وَبَعَثَتْ فِيهِ بِقِلَادَةٍ لَهَا كَانَتْ خَدِيجَةُ أَدْخَلَتْهَا بِهَا عَلَى أَبِي الْعَاصِ حِينَ بَنَى عَلَيْهَا، قَالَتْ: فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَقَّ لَهَا رِقَّةً شَدِيدَةً وَقَالَ: “إنْ رَأَيْتُمْ أَنْ تُطْلِقُوا لَهَا أَسِيرَهَا، وَتَرُدُّوا عَلَيْهَا مَالَهَا، فَافْعَلُوا“، فَقَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَأَطْلَقُوهُ، وَرَدُّوا عَلَيْهَا الَّذِي لَهَا.