لما تكونت جماعة من المؤمنين تقوم على الأخوة والتعاون، …
وتتحمل عبء تبليغ الرسالة وتمكينها من مقامها، نزل الوحي يكلف رسول الله صلى الله عليه وسلم بمعالنة الدعوة، ومجابهة الباطل بالحسنى.
وأول ما نزل بهذا الصدد قوله تعالى: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء:214]، وقد ورد في سياق ذكرت فيه أولًا قصة موسى عليه السلام، من بداية نبوته إلى هجرته مع بني إسرائيل، وقصة نجاتهم من فرعون وقومه، وإغراق آل فرعون معه، وقد اشتملت هذه القصة على جميع المراحل التي مر بها موسى عليه السلام، خلال دعوة فرعون وقومه إلى الله .
وكأن هذا التفصيل جىء به مع أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بجهر الدعوة إلى الله؛ ليكون أمامه وأمام أصحابه مثال لما سيلقونه من التكذيب والاضطهاد حينما يجهرون بالدعوة، وليكونوا على بصيرة من أمرهم منذ البداية.
ومن ناحية أخرى تشتمل هذه السورة على ذكر مآل المكذبين للرسل، من قوم نوح، وعاد، وثمود، وقوم إبراهيم، وقوم لوط، وأصحاب الأيكة ـ عدا ما ذكر من أمر فرعون وقومه ـ ليعلم الذين سيقومون بالتكذيب عاقبة أمرهم وما سيلقونه من مؤاخذة الله إن استمروا عليه، وليعرف المؤمنون أن حسن العاقبة لهم وليس للمكذبين.