وركب صلى الله عليه وآله وسلَّم راحلته وتتابع المسلمون خلفه، وتبعته عِمارة بنت حمزة بن عبد المطّلب رضي الله عنهما، وهي تقول: …
“يا عمّ، يا عمّ”، وقال علي للنبي صلى الله عليه وآله وسلَّم: “علام نترك بنت عمّنا يتيمة بين ظهري المشركين؟”، ثم أخذها عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه إلى فاطمة الزهراء رضي الله عنها تجعلها معها وقال: “خذي ابنة عمّك”، فركبت معها رضي الله عنهنّ، فلم ينهَهُ النبي صلى الله عليه وآله وسلّم عن إخراجها معهم وأخذ متاعها وساعدها عليّ رضي الله عنه على ذلك.
فجاء زيد بن حارثة رضي الله عنه وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد آخى بينه وبين حمزة رضي الله عنه في أوّل الهجرة، وكان وصيَّه، فقال زيد: “أنا أحقُّ بها، ابنة أخي!”، فلمّا سمع ذلك جعفر رضي الله عنه قال: “الخالة والدة!، وأنا أحق بها، فخالتها عندي -زوجته- أسماء بنت عُمَيْس”، فقال عليّ رضي الله عنه: “ألا أراكم في ابنة عمّي، وأنا أخرجتها من بين أظهر المشركين وليس لكم إليها نسب دوني، وأنا أحق بها منكم”، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسَّلَم: “أنا أحكم بينكم، أما أنت يا زيد فمولى الله ورسوله، وأمّا أنت يا عليّ فأخي وصاحبي، وأمّا أنت يا جعفر فتُشبه خَلقي وخُلُقي، وأنت يا جعفر أحق بها تحتك خالتها، ولا تُنكح المرأة على خالتها ولا على عمّتها”، وقضى بها لجعفر رضي الله عنه، فلمّا قضى بها له قام جعفر رضي الله عنه فحَجَلَ -الرّقص والقفز على قدم واحدة- حول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «ما هذا يا جعفر؟»، قال: “يا رسول الله، كان النّجاشي إذا أرضى أحدًا قام فحَجَل حوله”، ثم قيل للنبي صلى الله عليه وآله وسلَّم: “تتزوجها يا رسول الله؟”، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «ابنة أخي من الرّضاعة»، وزوّجها سلمة بن أبي سلمة رضي الله عنه، فكان يقول لسلمة: “هل جزيت سَلَمة؟” -يعني هل جزيتك خيرًا على تزويجك لي بأمّك أم سلمة رضي الله عنها بأن زوّجتك ابنة أخي وعمّي حمزة؟-.
ثم سار صلى الله عليه وآله وسلم خارجًا من مكّة حوالي 10 كم في ساعتين حتى وصل #~~~شِعْب يَأجِج~~~#، فأمر المسلمين الذين كانوا يحرسون السِّلاح أن يسيروا فيلحقوا به بعد خروج المسلمين من مكَّة، وأكمل صلى الله عليه وآله وسلم المسير ومن معه حوالي 6 كم في ساعة تقريبًا حتى نزل #~~~سَرِف~~~# وغربت الشمس وهو هناك.