وفي ليلته جاءت الطلائع إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومن معه من المُسلمين عند #~~~وادي الشُّقرة~~~#، فقالوا: “يا رسول الله، …
لم نر أحدًا، لكن وجدنا آثارًا حديثة”، فصلوا المغرب والعشاء وأقاموا أوّل الليل، ثم سار النّبي صلى الله عليه وآله وسلَّم بالجيش حوالي 16 كم في ثلاث ساعات حتى وصلوا #~~~بطن نخل~~~#، وقت صلاة الصُّبح فصلوه بها أو قريبًا منها.
ثم ساروا حوالي 18 كم في ثلاث ساعات ونصف تقريبًا حتى وصلوا #~~~ذات الرِّقاع~~~# عند منازل قبائل بني ثعلبة ومُحارب الغطفانيّة، فلم يجدوا عندها أحد، وقد هرب الأعراب إلى رؤوس الجبال وهم مُطلّون على النبي صلى الله عليه وآله وسلَّم والمسلمين، وهم يخافون أن ينزلوا فيستأصلهم المسلمون، والمسلمون مترقّبون يخافون أن يهجم عليهم الأعراب أو يرمونهم بالنِّبال.
ولمّا جاء وقت صلاة الظُّهر، صلّى النّبي صلى الله عليه وآله وسلَّم بالمُسلمين صلاة الخوف حتى لا ينزل الأعراب فيقتلونهم وهم يُصلّون، ,وقف المسلمون صفوفًا، فجزء من الصّفوف يسجد ويركع مع النّبي صلى الله عليه وآله وسلَّم، والبقيّة تحرسهم، ثم يركعوا ويسجدوا ثم يقوم من ركعوا وسجدوا للحراسة، وهكذا حتى يُتمّوا الصلاة [^1].
وأقام المُسلمون حتّى صلّوا العصر، وصلّاها بهم النبي صلى الله عليه وآله وسلَّم على هيئة الخوف أيضًا، ثم أمر بالرّحيل وقد حقّق التحرك العسكري مُراده من فضّ الجُمُوع وإخافة الأعرب حتى لا يُغيروا على المدينة المنوَّرة، فساروا حوالي 18 كم في ثلاث ساعات ونصف تقريبًا حتى وصلوا بطن نخل بعد غروب الشَّمس.
[^1]: صلاة الخوف وكيفيّتها الإجماليّة مذكورة في قوله تعالى في سورة النّساء: {وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ ٱلصَّلَٰوةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُمْ مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُوۤاْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَىٰ لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَّيْلَةً وَاحِدَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُمْ مَّرْضَىۤ أَن تَضَعُوۤاْ أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُواْ حِذْرَكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً} [النساء:102]، وقد ورد تفصيل كيفيّتها بطُرُق كثيرة في روايات السُنّة المُشرّفة مُفَصَّلة في كُتُب الفقه، ووصلت لحوالي 16 كيفيّة، وأوّل تشريعها في الطَّريق إلى الحُديبية ومذكورة بيوميّاتها تفصيلًا، والخُلاصة أنّ المُسلم لا يترك صلاته مهما كانت الأسباب، قال تعالى: {إِنَّ ٱلصَّلَٰوةَ كَانَتْ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ كِتَٰباً مَّوْقُوتاً} [النساء:103]، فشرع الله هيئة الخوف لإقامة الصلوات الخمس في وقتها إذا كان الإنسان في حالة خوف من عدو أو ما يُخشى منه الهلاك، فتكون حركاتها أحوط ما يكون لمصلحة الصَّلاة، وأبلغ ما يكون في الحراسة حسب الحال.