وفي ليلته كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم في #~~~المدينة المُنوَّرَة~~~#، وكان الأوس والخزرج يتذاكرون مُشْعِلِي الحروب…
ومثيري الفتن وقادة العداء لدولة المدينة المنوَّرَة ممن يعرفون من أقوامهم وحُلفاءهم، حيث يقتضي الدستور المدني الذي أقرّته قبائل المدينة بما في ذلك اليهود مبدأ المواطنة، ومبدأ المُحاسبة لكل من تسوّل له نفسه زعزعة استقرار الكيان الوطني سواء داخليًا أو خارجيًا.
وكانت قبيلة الأوس قد نفّذت حُكم الإعدام في كعب بن الأشرف بعد غزوة بدر، وهو زعيم من زُعماء اليهود بالمدينة والذي حاك المؤامرات بعد بدر لإسقاط الدولة وإبادة المُسلمين، فما كان من قبيلة الأوس -باعتبارهم حُلفاءه وحُلفاء قومه-، وباعتبار ما فوّضهم الدستور بالحُكم شبه الذاتي فيما يتعلق بالمُحاسبة وتنفيذ الأحكام القانونيّة على الخونة أن قاموا بتنفيذ حُكم الإعدام فيه.
وكان الأوس والخزرج يتنافسون كجماعات في إنفاذ القانون والتصدّي للمجرمين، وإظهار مقدرة كل فريق على التضلع بتنفيذ الأحكام الصعبة والمهمّات الجسيمة التي كُلّفوا بها دستوريًا، سواء فيما يتعلّق بالحُكم شبه الذاتي الداخلي أو العمليّات الخاصّة الخارجيّة، وكان لنجاح تنفيذ حُكم الإعدام في كعب بن الأشرف الصدى الواسع في المدينة وخارجها، وفي هذا الشهر جلسوا يتذاكرون بينهم رؤوس الأعداء وتأثيرهم على المجتمع والدولة، وظهر اسم “أبو رافع عبد الله بن سلام بن أبي الحُقيق” حليف الخزرج كأهم رأس من رؤوس المجرمين الذين يحيكون المؤامرات لتقويض المجتمع المدني، فوقع اختيارهم عليه لتصفيته ووأد شرّه، من خلال عمليّة خاصّة يقوم بها الأبطال من حُلفاءه المسلمين داخل خيبر، وكانت لا تخضع لحُكم دستور المدينة المنوَّرة، على وجود المصالح المتشابكة بينها وبين مجتمع المدينة ووجود التحالفات المشتركة.
وانتدب الخزرج لهذه العمليّة الخطرة خمسة نفر: عبد الله بن عتيك، ومسعود بن سنان، وعبد الله بن أنيس، وأبو قتادة الحارث بن ربعي، وخزاعي بن أسود -حليف لهم من قبيلة أسلم-، حيث كان عبد الله بن عتيك له علاقات قويّة مع يهود خيبر، وكانت أُمه في الرضاعة يهوديّة تعيش في خيبر وكان يزورها، وكان يتحدّث العبريّة -لغة اليهود-، واستأذنوا النبي صلى الله عليه وآله وسلَّم في الخروج لإتمام هذه المهمّة، فأذن لهم صلى الله عليه وآله وسلم وأمَّرَ عليهم عبد الله ابن عتيك رضي الله عنه.
فخرجوا ليلًا إلى طريق الشَّام قاصدين خيبر حيث قصر سلام بن أبي الحُقيق، فساروا حوالي 1.5 كم حتى #~~~ثنيّة الوداع~~~# على أطراف المدينة الشماليّة، ثم حوالي 22 كم في أربع ساعات ونصف تقريبًا حتى وصلوا #~~~الغابة~~~# وقت صلاة الصبح فصلوه بها أو قريبًا منها، ثم أكملوا المسير حوالي 15 كم في ثلاث ساعات تقريبًا حتى وصلوا #~~~البتراء~~~#، ثم حوالي 9 كم في ساعتين تقريبًا حتى وصلوا #~~~المُندَسَّة~~~# ووقفوا بها للاستراحة وغربت الشمس وهم هناك.