وفي ليلته أمسى أبا قتادة بن ربعي الأنصاري ومن معه عند #~~~خَضِرَة~~~# ، فخطب فيهم أبو قتادة رضي الله عنه وأمرهم بتقوى الله …
وجعل كل اثنين يكونان مع بعضهما، وقال: “لا يفارق كل رجل زميله، حتى يُقتل، أو يرجع إليّ فيخبرني خبره، ولا يأتيني رجل فأسأل عن صاحبه فيقول: لا عِلم لي به، وإذا كبّرت فكبِّروا، وإذا هجمت فاهجموا، ولا تُمعنوا في المُلاحقة”، ثم أحاطوا بالقرية، فسمع ابن أبي حدرد رجلًا يصرخ: “يا خضرة”، فتفائل، وقال: “لأصيبنّ خيرًا إن شاء الله”.
فأخرج أبو قتادة سيفه، وأخرجوا سيوفهم، ثم كبّر وكبّروا معه، ثم هجموا، فقاتل من القوم رجال، وكان فيهم رجل طويل، أخرج سيفه وهو يمشي بظهره يقول: “يا مُسلِم هَلُمّ إلى الجنّة، إن صاحبكم لذو مكيدة وإن أمره هو الأمر، الجنّة الجنّة” -يسخر منهم-، فتبعه ابن أبي حدرد، فنادى عليه زميله يقول: “لا تُبعد فقد نهانا أميرنا أن نُمعن في المُلاحقة”، فسار ابن أبي حدرد خلف الرجل ورماه في وسطه، وجعل زميل ابن أبي حدرد يناديه: “أين تذهب؟ إني والله إن ذهبت إلى أبي قتادة فسألني عنك أخبرته”، فقال: “اقترب يا مُسلم إلى الجنّة”، فرماه ابن أبي حدرد حتى قتله، فلمّا وقع ميّتهًا أخذ سيفه، ، فعاد ابن أبي حدرد وقد قتل الرّجُل فلقي زميله فقال: “أسأل عني أبا قتادة؟”، قال الرجل: “نعم وقد تغيّظ عليّ وعليك” -لعدم امتثالهم الأوامر-، وجمعوا الماشية والأغنام وقتلوا من قاتلهم وحملوا معهم النساء والأطفال.
ثم ساروا عائدين حوالي 25 كم في خمس ساعات تقريبًا حتى وصلوا #~~~وادي النخل~~~# وقت الضحى وصلوا الصبح في الطريق، وكانت معهم شابّة من السّبي صغيرة جميلة تُكثِر الالتفات خلفها وتبكي، فقال لها ابن أبي حدرد: “إلى أي شيء تنظرين؟”، قالت: “أنظر والله إلى رجل لئن كان حيًا ليستنقذنا منكم!”، فخطر لابن أبي حدرد أنّه هذا الذي قتله، فقال لها: “قد والله قتلته، وهذا سيفه مُعلّق على البعير في غِمده!”، فقالت: “هذا والله غِمد سيفه، فأخرِجْه إن كنت صادقًا”، فأخرَجَه فبكت ويئست، وغربت الشمس وهم هناك.