وقت نزول آية الحجاب
ذكر نزول آية الحجاب صبيحة عرسها – أي السيدة زينب بنت جحش رضي اللّٰه عنها- الذي ولي اللّٰه عقد نكاحه، فناسب نزول الحجاب في هذا العرس صيانة لها ولأخواتها من أمهات المؤمنين؛ وذلك وفق الرأي العمري.
وليمة النبي لزواجه من السيدة زينب
عن أنس بن مالك، قال: لما تزوج رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم زينب بنت جحش دعا القوم فطعموا ثم جلسوا يتحدثون، فإذا هو يتهيأ للقيام فلم يقوموا، فلما رأى ذلك قام، فلما قام، قام مَنْ قام، وقعد ثلاثة نفر، وجاء النبي صلى اللّٰه عليه وسلم ليدخل فإذا القوم جلوس، ثم إنهم قاموا فانطلقوا، فجئت فأخبرت النبي صلى اللّٰه عليه وسلم أنهم قد انطلقوا، فجاء حتى دخل فذهبت أدخل، فألقى الحجاب بيني وبينه، فأنزل الله تعالى {يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتَ ٱلنَّبِيِّ …} [الأحزاب: 53] الآية.
وعن أنس بن مالك، قال: “بُني على النبي صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش بخبز ولحم، فأرسلت على الطعام داعياً، فيجيء قوم فيأكلون ويخرجون، ثم يجيء قوم فيأكلون ويخرجون، فدعوت حتى ما أجد أحدًا أدعوه، فقلت: يا نبي اللّٰه، ما أجد أحدًا أدعوه. قال: فارفعوا طعامكم“.
وبقي ثلاثة رهط يتحدثون في البيت، “فخرج النبي صلى اللّٰه عليه وسلم، فانطلق إلى حجرة عائشة، فقال: السلام عليكم أهل البيت ورحمة اللّٰه وبركاته، قالت: وعليك السلام ورحمة اللّٰه، كيف وجدت أهلك، بارك اللّٰه لك؟ فتقرى حجر نسائه كلهن، يقول لهن كما يقول لعائشة، ويقلن له كما قالت عائشة، ثم رجع النبي صلى اللّٰه عليه وسلم، فإذا رهط ثلاثة في
البيت يتحدثون، وكان النبي صلى اللّٰه عليه وسلم شديد الحياء، فخرج منطلقًا نحو حجرة عائشة، فما أدري آخبرته، أم أخبر أن القوم خرجوا؟ فخرج حتى إذا وضع رجله في أسكفة الباب داخلة وأخرى خارجة أرخى الستر بيني وبينه“، وأنزلت آية الحجاب.
تفرد به البخاري من هذا الوجه. ثم رواه منفردًا به أيضًا، عن إسحاق هو ابن منصور….
هدية أم سُليم
و عن أنس بن مالك، قال: أَعْرَسَ رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم ببعض نسائه، فصنعت أم سليم حَيْسًا ثم وضعته في توَْر ، فقالت: اذهب بهذا إلى رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم وأخبره أن هذا منا له قليل. قال أنس: والناس يومئذ في جهد، فجئت به، فقلت: يا رسول اللّٰه، بعَثتَْ بهذا أمُّ سليم إليك، وهي تقرئك السلام، وتقول: أخبره أن هذا منا له قليل.
فنظر إليه، ثم قال: “ضعه“. فوضعته في ناحية البيت، ثم قال: “اذهب فادع لي فلانًا وفلانًا“. فسمى رجالًا كثيرًا.
بركة النبي صلى اللّٰه عليه وسلم
قال: ومن لقيت من المسلمين، فدعوت من قال لي ومن لقيت من المسلمين، فجئت والبيت والصَُّفّة والحجرة ملأى من الناس، فقلت: يا أبا عثمان، كم كانوا؟ قال: كانوا زهاء ثلاثمائة. قال أنس: فقال لي رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم: “جئ به“. فجئت به إليه، فوضع يده عليه ودعا، وقال: “ما شاء اللّٰه، ثم قال: ليتحلق عشرة عشرة ويسموا، وليأكل كل إنسان مما يليه“.
فجعلوا يسمون ويأكلون حتى أكلوا كلهم، فقال لي رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم: “ارفعه“. قال: فجئت فأخذت التور فنظرت، فما أدري أهو حين وضعته أكثر أم حين رفعته.
صورة من حياء النبي صلى اللّٰه عليه وسلم
قال: وتخلف رجال يتحدثون في بيت رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم، وزوج رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم التي دخل بها معهم مولية وجهها إلى الحائط، فأطالوا الحديث، فشقوا على رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم، وكان أشد الناس حياء، ولو علموا كان ذلك عليهم عزيزًا، فقام رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم فخرج فسلم على حجره وعلى نسائه، فلما رأوه قد جاء ظنوا أنهم قد ثقلوا عليه، ابتدروا الباب فخرجوا، وجاء رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم حتى أرخى الستر، ودخل البيت وأنا في الحجرة، فمكث رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم في بيته يسيرًا، وأنزل اللّٰه القرآن، فخرج وهو يقرأ هذه الآية: {يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتَ ٱلنَّبِيِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَىٰ طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَـكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَٱدْخُلُواْ فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَٱنْتَشِرُواْ وَلاَ مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي ٱلنَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَٱللَّهُ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ ٱلْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَٱسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ ذٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تؤْذُواْ رَسُولَ ٱللَّهِ وَلاَ أَن تَنكِحُوۤاْ أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذٰلِكُمْ كَانَ عِندَ ٱللَّهِ عَظِيماً * إِن تُبْدُواْ شَيْئاً أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} [الأحزاب: 53-54] . قال أنس: فقرأهن عليَّ قبل الناس، وأنا أَحْدَثُ الناس بهن عهدًا.