وأما وقاره عليه الصلاة والسلام وصمته، وتؤدته، ومروءته، وحسن هديه، فكان عليه الصلاة والسلام أوقر الناس في مجلسه، …
لا يكاد يخرج شيئا من أطرافه، وكان إذا جلس احتبى بيديه، وكذلك كان أكثر جلوسه محتبيا. وكان كثير السكوت، لا يتكلّم في غير حاجة، يعرض عمن تكلّم بغير جميل، وكان ضحكه تبسّما، وكلامه فصلا، لا فضول ولا تقصير، وكان ضحك أصحابه عنده التبسم؛ توقيرا له، واقتداء به، مجلسه مجلس حلم وحياء، وخير وأمانة، لا ترفع فيه الأصوات، ولا تؤبن فيه الحرم، إذا تكلّم أطرق جلساؤه كأنما على رؤوسهم الطّير. وقال ابن أبي هالة: كان سكوته صلّى الله عليه وسلّم على أربع: على الحلم، والحذر، والتقدير، والتفكّر. وقالت عائشة رضي الله عنها: كان صلّى الله عليه وسلّم يحدّث حديثا لو عدّه العادّ لأحصاه، وكان يحبّ الطيّب والرائحة الحسنة، ويستعملها كثيرا، ويحضّ عليهما. ومن مروءته صلّى الله عليه وسلّم نهيه عن النفخ في الطعام والشراب. والأمر بالأكل مما يلي. والأمر بالسواك وانقاء البراجم والرواجب.