وفي ليلته أمسى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وجيش المسلمين عند #~~~المُلَيْح~~~# عائدين من #~~~الطائف~~~# باتجاه …
#~~~الجعرانة~~~#، فصلوا المغرب والعشاء وأقاموا أول الليل، ثم ساروا حوالي 23 كم في أربع ساعات ونصف حتى وصلوا #~~~قرن المنازل~~~# وقت صلاة الصبح فصلوه بها أو قريبًا منها.
وركب النبي صلى الله عليه وآله وسلم راحلته لاستكمال المسير، ولمّا أراد أن يركب صلى الله عليه وآله وسلم على راحلته لاستكمال المسير أمسك أبو زُرعة الجُهني بزمامها وقد طواه في يده ووقف على قائمتيها الأماميتان حتى يتمكّن من الركوب، فلمّا ركب صلى الله عليه وآله وسلّم ناوله أبو زُرعة زمامها ثم دار خلف الناقة، فضرب النبي صلى الله عليه وآله وسلّم الناقة بالسوط على ظهرها لتسير، وقد ضرب السوط أبو زُرعة عدّة مرات وهو لا يتكلم، فالتفت إليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال: «أصابك السوط؟»، قال أبو زُرعة رضي الله عنه: “نعم، بأبي أنت وأمي”.
ثم أكملوا المسير حوالي 24 كم في خمس ساعات أخرى حتى وصلوا #~~~نخلة اليمانيّة~~~#، وفي الطريق كان عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي يسير بجوار النبي صلى الله عليه وآله وسلم والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يُحادثه، وكانت ناقة عبد الله شديدة صعبة التوجيه، وجعلت تلتصق بناقة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وعبد الله يحاول أن يبعدها فلا تطاوعه، فأصابت رجل النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: «أخ، أوجعتني»، ورفع صلى الله عليه وآله وسلم من الرِّكاب ودفع رِجْل عبد الله بعصا في يده، ومكث صلى الله عليه وآله وسلم لا يتكلم، يقول عبد الله الأسلمي: “فوالله ما نزلت حتى ظننت أن سينزل فيّ عذاب”.
وأثناء سيرهم قبل أن ينزلوا في نخلة اليمانيّة، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم على راحلته لم يقفوا بعد للاستراحة، فاستوقفه رجل من قبيلة أسلم معه غنم، وقال: “يا رسول الله هذه هديّة أهديتها لك”، قال صلى الله عليه وآله وسلم: «وممن أنت؟»، قال: “رجل من أسلم”، قال: «إني لا أقبل هديّة مُشرِك»، قال: “يا رسول الله إني مؤمن بالله وبرسوله قد سُقت الصدقة إلى بُريدة بن الحُصيب لمالي بعينه مُصَدَّقًا”، وأقبل بُريدة بن الحُصيب رضي الله عنه مُسرعًا فلحق بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال: “صدق يا رسول الله، هذا من قومي، شريف ينزل ب #~~~الصّفَاح~~~#”، قال صلى الله عليه وآله وسلم: «فما أقدمك إلى نخلة؟”، قال الرجل: “هي أمرع -أخصب- من الصفاح اليوم”، ثم قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: “نحن على ظهر كما ترى، فالحقنا بالجعرانة”، فجعل الرجل يجري بحذاء ناقة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ويقول: “يا رسول الله فأسوق الغنم معي إلى الجعرانة؟”، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «لا تسقها، ولكن تقدم علينا الجعرانة فنعطيك غنمًا أخرى إن شاء الله»، قال: “يا رسول الله تُدركني الصلاة وأنا في عطن الإبل -مبرك الإبل حول الماء- أفأصلي فيه؟”، قال: «لا»، قال الرجل: “فتدركني وأنا في مراح الغنم أفأصلي فيه؟”، قال: «نعم»، قال الرجل: “يا رسول الله ربما تباعد منا الماء ومع الرجل زوجته، فيدنو منها؟”، قال: «نعم ويتيمم»، قال الرجل: “يا رسول الله، وتكون فينا الحائض”، قال صلى الله عليه وآله وسلم: «تتيمم».
وأخذ الأعراب يتكاثرون عليه صلى الله عليه وآله وسلم، منهم من يسأله العطايا، ومنهم من يستفتيه، حتى اضطروه صلى الله عليه وآله وسلم في مسيره أن يلتصق بشجرة سَمُر فنزعت أغصانها رداءه -عباءته- صلى الله عليه وآله وسلم وهو راكب على ناقته، فوقف صلى الله عليه وآله وسلم وهو يقول: «أعطوني ردائي…أعطوني ردائي، لو كان عدد هذه العضاة نَعَمًا لقسمته بينكم، ثم لا تجدوني بخيلًا ولا جبانًا ولا كذّابًا»، ووقفوا بنخلة للاستراحة وغربت الشمس وهم هناك.