قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ ضِرَارُ بْنُ الْخَطَّابِ:…
إنِّي وَجَدُّكَ لَوْلَا مُقْدَمِي فَرَسِي … إذْ جَالَتْ الْخَيْلُ بَيْنَ الْجِزْعِ وَالْقَاعِ
مَا زَالَ مِنْكُمْ بِجَنْبِ الْجَزْعِ مِنْ أُحُدٍ … أَصْوَاتُ هَامٍ تَزَاقى أَمْرُهَا شَاعِي
وَفَارِسٌ قَدْ أَصَابَ السَّيْفُ مَفْرِقَهُ … أَفْلَاقُ هَامَتِهِ كَفَرْوَةِ الرَّاعِي
إنِّي وَجَدُّكَ لَا أَنْفَكَ مُنْتَطِقًا … بِصَارِمٍ مِثْلَ لَوْنِ الْمِلْحِ قَطَّاعِ
عَلَى رِحَالَةِ مِلْوَاحٍ مُثَابِرَةٍ … نَحْوَ الصَّرِيخِ إذَا مَا ثَوَّبَ الدَّاعِي
وَمَا انْتَمَيْتُ إلَى خُورٍ وَلَا كُشُفٍ … وَلَا لِئَامٍ غَدَاةَ الْبَأْسِ أَوْرَاعِ
بَلْ ضَارِبِينَ حَبِيكَ الْبِيضِ إذْ لَحِقُوا … شُمَّ الْعَرَانِينِ عِنْدَ الْمَوْتِ لُذَّاعِ
شُمٌّ بَهَالِيلُ مُسْتَرْخٍ حَمَائِلُهُمْ … يَسْعَوْنَ لِلْمَوْتِ سَعْيًا غَيْرَ دَعْدَاعِ
وَقَالَ ضِرَارُ بْنُ الْخَطَّابِ أَيْضًا:
لَمَّا أَتَتْ مِنْ بَنِي كَعْبٍ مُزَيَّنَةً … وَالْخَزْرَجِيَّةُ فِيهَا الْبِيضُ تَأْتَلِقُ
وَجَرَّدُوا مَشْرَفِيَّاتٍ مُهَنَّدَةً … وَرَايَةً كَجَنَاحِ النَّسْرِ تَخْتَفِقُ
فَقُلْتُ يَوْمٌ بَأيَّامٍ وَمَعْرَكَةٌ … تُنْبِى لِمَا خَلْفَهَا مَا هُزْهِزَ الْوَرَقُ
قَدْ عُوِّدُوا كُلَّ يَوْمٍ أَنْ تَكُونَ لَهُمْ … رِيحُ الْقِتَالِ وَأَسْلَابُ الَّذِينَ لَقُوا
خَيَّرْتُ نَفْسِي عَلَى مَا كَانَ مِنْ وَجَلٍ … مِنْهَا وَأَيْقَنْتُ أَنَّ الْمَجْدَ مُسْتَبَقُ
أَكْرَهْتُ مُهْرِي حَتَّى خَاضَ غَمْرَتَهُمْ … وَبَلَّهُ مِنْ نَجِيعٍ عَانِكٍ عَلَقُ
فَظَلَّ مُهْرِي وَسِرْبَالِي جَسِيدُهُمَا … نَفْخُ الْعُرُوقِ رِشَاشُ الطَّعْنِ وَالْوَرَقُ
أَيْقَنْتُ أَنِّي مُقِيمٌ فِي دِيَارِهُمُ … حَتَّى يُفَارِقَ مَا فِي جَوْفِهِ الْحَدَقُ
لَا تَجْزَعُوا يَا بَنِي مَخْزُومَ إنَّ لَكُمْ … مِثْلَ الْمُغِيرَةِ فِيكُمْ مَا بِهِ زَهَقُ
صَبْرًا فِدًى لَكُمْ أُمِّي وَمَا وَلَدَتْ … تَعَاوَرُوا الضَّرْبَ حَتَّى يُدْبِرَ الشَّفَقُ