قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزِّبَعْرَى فِي يَوْمِ أُحُدٍ، يَبْكِي الْقَتْلَى :…
أَلَا ذَرَفَتْ مِنْ مُقْلَتَيْكَ دُمُوعُ … وَقَدْ بَانَ مِنْ حَبْلِ الشَّبَابِ قُطُوعُ
وَشَطَّ بِمَنْ تَهْوَى الْمَزَارُ وَفَرَّقَتْ … نَوَى الْحَيِّ دَارٌ بِالْحَبِيبِ فَجُوعُ
وَلَيْسَ لِمَا وَلَّى عَلَى ذِي حَرَارَةٍ … وَإِنْ طَالَ تذْرَافُ الدُّمُوعِ رُجُوعُ
فَذَرْ ذَا وَلَكِنْ هَلْ أَتَى أُمَّ مَالِكٍ … أَحَادِيثُ قَوْمِي وَالْحَدِيثُ يَشِيعُ
وَمُجْنَبُنَا جُرْدًا إلَى أَهْلِ يَثْرِبَ … عَناجيجَ مِنْهَا مُتْلَدٌ وَنَزِيعُ
عَشِيَّةَ سِرْنَا فِي لُهَامٍ يَقُودُنَا … ضَرُورُ الْأَعَادِي لِلصَّدِيقِ نَفُوعُ
نَشُدُّ عَلَيْنَا كُلَّ زَغْفٍ كَأَنَّهَا … غَدِيرٌ بضوج الواديين نَقِيع
فَلَمَّا رَأَوْنَا خَالَطَتْهُمْ مَهَابَةٌ … وَعَايَنَهُمْ أَمْرٌ هُنَاكَ فَظِيعُ
وَوَدُّوا لَوْ أَنَّ الْأَرْضَ يَنْشَقُّ ظَهْرُهَا … بِهِمْ وَصَبُورُ الْقَوْمِ ثَمَّ جَزُوعُ
وَقَدْ عُرِّيَتْ بِيضٌ كَأَنَّ وَمِيضَهَا … حَرِيقٌ تَرَقَّى فِي الْآبَاءِ سَرِيعُ
بِأَيْمَانِنَا نَعْلُو بِهَا كُلَّ هَامَةٍ … وَمِنْهَا سِمَامٌ لِلْعَدُوِّ ذَرِيعُ
فَغَادَرْنَ قَتْلَى الْأَوْسِ غَاصِبَةً بِهِمْ … ضِبَاعٌ وَطَيْرٌ يَعْتَفِيَنَ وُقُوعُ
وَجَمْعُ بَنِي النَّجَّارِ فِي كُلِّ تَلْعَةٍ … بِأَبْدَانِهِمْ مِنْ وَقْعِهِنَّ نَجِيعُ
وَلَوْلَا عُلُوُّ الشِّعْبِ غَادَرْنَ أَحْمَدَا … وَلَكِنْ عَلَا والسَّمْهَرِيُّ شُرُوعُ
كَمَا غَادَرَتْ فِي الْكَرِّ حَمْزَةَ ثَاوِيًا … وَفِي صَدْرِهِ مَاضِي الشّباة وقيع
ونعمان قَدْ غَادَرْنَ تَحْتَ لِوَائِهِ … عَلَى لَحْمِهِ طَيْرٌ يَجُفْنَ وُقُوعُ
بِأُحُدِ وَأَرْمَاحُ الْكُمَاةِ يُرِدْنَهُمْ … كَمَا غَالَ أَشْطَانَ الدِّلَاءِ نُزُوعُ