خبر محاصره مسلمه بن عبد الملك القسطنطينية، فمن ذلك ما كان من توجيه سُلَيْمَان بن عبد الملك أخاه مسلمة بن عبد الملك إلى القسطنطينية …
وأمره أن يقيم عليها حتى يفتحها او يأتيه، فشتا بها وصاف فذكر مُحَمَّد بن عمر أن ثور بن يزيد حدثه عن سُلَيْمَان بن موسى، قال: لما دنا مسلمة من قسطنطينية أمر كل فارس أن يحمل على عجز فرسه مديين من طعام حتى يأتي به القسطنطينية، فأمر بالطعام فألقي في ناحية مثل الجبال، ثم قال للمسلمين: لا تأكلوا منه شيئا، أغيروا في ارضهم، وازدرعوا وعمل بيوتا من خشب، فشتا فيها، وزرع الناس، ومكث ذلك الطعام في الصحراء لا يكنه شيء، والناس يأكلون مما أصابوا من الغارات، ثم أكلوا من الزرع، فأقام مسلمة بالقسطنطينية قاهرا لأهلها، معه وجوه أهل الشام: خالد بن معدان، وعبد الله بن أبي زكرياء الخزاعي، ومجاهد بن جبر، حتى أتاه موت سليمان فقال القائل:
تحمل مدييها ومديى مسلمة
حدثني أحمد بن زهير، عن علي بن مُحَمَّد، قال: لما ولي سُلَيْمَان غزا الروم فنزل دابق، وقدم مسلمة فهابه الروم، فشخص إليون من أرمينية، فقال لمسلمة: ابعث إلي رجلا يكلمني، فبعث ابن هبيرة، فقال له ابن هبيرة: ما تعدون الأحمق فيكم؟ قال: الذي يملأ بطنه من كل شيء يجده، فقال له ابن هبيرة: إنا أصحاب دين، ومن ديننا طاعة أمرائنا، قال: صدقت، كنا وأنتم نقاتل على الدين ونغضب له، فأما اليوم فإنا نقاتل على الغلبة والملك، نعطيك عن كل رأس دينارا.
فرجع ابن هبيرة إلى الروم من غده، وقال: أبى أن يرضى، أتيته وقد تغدى وملأ بطنه ونام، فانتبه وقد غلب عليه البلغم، فلم يدر ما قلت.
وقالت البطارقة لإليون: إن صرفت عنا مسلمة ملكناك فوثقوا له، فأتى مسلمة فقال: قد علم القوم أنك لا تصدقهم القتال، وأنك تطاولهم ما دام الطعام عندك، ولو أحرقت الطعام أعطوا بأيديهم، فأحرقه، فقوي العدو، وضاق المسلمون حتى كادوا يهلكون، فكانوا على ذلك حتى مات سُلَيْمَان قال: وكان سُلَيْمَان بن عبد الملك لما نزل دابق اعطى الله عهدا الا ينصرف حتى يدخل الجيش الذي وجهه إلى الروم القسطنطينية.
قال: وهلك ملك الروم، فأتاه إليون فأخبره، وضمن له أن يدفع إليه أرض الروم، فوجه معه مسلمة حتى نزل بها، وجمع كل طعام حولها وحصر أهلها وأتاهم إليون فملكوه، فكتب إلى مسلمة يخبره بالذي كان، ويسأله أن يدخل من الطعام ما يعيش به القوم، ويصدقونه بأن أمره وأمر مسلمة واحد، وأنهم في أمان من السباء والخروج من بلادهم، وأن يأذن لهم ليلة في حمل الطعام، وقد هيأ إليون السفن والرجال، فأذن له، فما بقي في تلك الحظائر إلا ما لا يذكر، حمل في ليلة، وأصبح إليون محاربا، وقد خدعه خديعة لو كان امرأة لعيب بها، فلقي الجند ما لم يلق جيش، حتى إن كان الرجل ليخاف أن يخرج من العسكر وحده، وأكلوا الدواب والجلود وأصول الشجر والورق، وكل شيء غير التراب، وسُلَيْمَان مقيم بدابق، ونزل الشتاء فلم يقدر يمدهم حتى هلك سليمان.
مبايعه سليمان لابنه أيوب وليا للعهد
وفي هذه السنة بايع سُلَيْمَان بن عبد الملك لابنه أيوب بن سُلَيْمَان وجعله ولي عهده، فحدثني عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، قال: كان عبد الملك أخذ على الوليد وسُلَيْمَان أن يبايعا لابن عاتكة ولمروان بن عبد الملك من بعده، قال: فحدثني طارق بن المبارك، قال: مات مروان بن عبد الملك في خلافة سُلَيْمَان منصرفه من مكة، فبايع سُلَيْمَان حين مات مروان لأيوب، وأمسك عن يزيد وتربص به، ورجا أن يهلك، فهلك أيوب وهو ولي عهده.
وفي هذه السنة فتحت مدينة الصقالبة، قال مُحَمَّد بن عمر: أغارت برجان في سنة ثمان وتسعين على مسلمة بن عبد الملك وهو في قلة من الناس، فأمده سُلَيْمَان بن عبد الملك بمسعدة- أو عمرو بن قيس- في جمع فمكرت بهم الصقالبة، ثم هزمهم الله بعد أن قتلوا شراحيل بن عبد ابن عبدة.
وفي هذه السنة- فيما زعم الواقدي- غزا الوليد بن هشام وعمرو بن قيس، فأصيب ناس من أهل أنطاكية، وأصاب الوليد ناسا من ضواحي الروم وأسر منهم بشرا كثيرا.
غزو جرجان وطبرستان
وفي هذه السنة غزا يزيد بن المهلب جرجان وطبرستان، فذكر هِشَام بن مُحَمَّدٍ، عن أبي مخنف، أن يزيد بن المهلب لما قدم خراسان أقام ثلاثة أشهر أو أربعة، ثم أقبل إلى دهستان وجرجان، وبعث ابنه مخلدا على خراسان، وجاء حتى نزل بدهستان، وكان أهلها طائفة من الترك، فأقام عليها، وحاصر أهلها، معه أهل الكوفة وأهل البصرة وأهل الشام ووجوه أهل خراسان والري، وهو في مائة ألف مقاتل سوى الموالي والمماليك والمتطوعين، فكانوا يخرجون فيقاتلون الناس، فلا يلبثهم الناس أن يهزموهم فيدخلون حصنهم، ثم يخرجون أحيانا فيقاتلون فيشتد قتالهم.
وكان جهم وجمال ابنا زحر من يزيد بمكان، وكان يكرمهما، وكان مُحَمَّد بن عبد الرحمن بن أبي سبرة الجعفي له لسان وبأس، غير أنه كان يفسد نفسه بالشراب، وكان لا يكثر غشيان يزيد وأهل بيته، وكأنه أيضا حجزه عن ذلك ما رأى من حسن أثرهم على ابني زحر جهم وجمال وكان إذا نادى المنادي: يا خيل الله اركبي وأبشري كان أول فارس من أهل العسكر يبدر إلى موقف البأس عند الروع مُحَمَّد بن عبد الرحمن بن أبي سبرة، فنودي ذات يوم في الناس، فبدر الناس ابن أبي سبرة، فإنه لواقف على تل إذ مر به عثمان بن المفضل، فقال له: يا بن أبي سبرة، ما قدرت على أن أسبقك إلى الموقف قط، فقال:
وما يغني ذلك عني، وأنتم ترشحون غلمان مذحج، وتجهلون حق ذوي الأسنان والتجارب والبلاء! فقال: أما إنك لو تريد ما قبلنا لم نعدل عنك ما أنت له أهل.
قال: وخرج الناس فاقتتلوا قتالا شديدا فحمل مُحَمَّد بن أبي سبرة على تركي قد صد الناس عنه، فاختلفا ضربتين، فثبت سيف التركي في بيضة ابن أبي سبرة، وضربه ابن أبي سبرة فقتله، ثم أقبل وسيفه في يده يقطر دما، وسيف التركي في بيضته، فنظر الناس إلى أحسن منظر رأوه من فارس، ونظر يزيد إلى ائتلاق السيفين والبيضة والسلاح فقال: من هذا؟ فقالوا: ابن أبي سبرة، فقال: لله أبوه! أي رجل هو لولا إسرافه على نفسه! وخرج يزيد بعد ذلك يوما وهو يرتاد مكانا يدخل منه على القوم، فلم يشعر بشيء حتى هجم عليه جماعة من الترك- وكان معه وجوه الناس وفرسانهم، وكان في نحو من أربعمائة، والعدو في نحو من أربعة آلاف- فقاتلهم ساعة، ثم قالوا ليزيد: أيها الأمير، انصرف ونحن نقاتل عنك، فأبى أن يفعل، وغشي القتال يومئذ بنفسه، وكان كأحدهم، وقاتل ابن أبي سبرة وابنا زحر والحجاج بن جارية الخثعمي وجل أصحابه، فأحسنوا القتال، حتى إذا أرادوا الانصراف جعل الحجاج بن جارية على الساقة، فكان يقاتل من ورائه حتى انتهى إلى الماء، وقد كانوا عطشوا فشربوا، وانصرف عنهم العدو، ولم يظفروا منهم بشيء، فقال سفيان ابن صفوان الخثعمي:
لولا ابن جارية الأغر جبينه *** لسقيت كأسا مرة المتجرع
وحماك في فرسانه وخيوله *** حتى وردت الماء غير متعتع
ثم إنه ألح عليها وأنزل الجنود من كل جانب حولها، وقطع عنهم المواد، فلما جهدوا، وعجزوا عن قتال المسلمين، واشتد عليهم الحصار والبلاء، بعث صول دهقان دهستان إلى يزيد: إني أصالحك على أن تؤمنني على نفسي وأهل بيتي ومالي، وأدفع إليك المدينة وما فيها وأهلها.
فصالحه، وقبل منه، ووفى له، ودخل المدينة فأخذ ما كان فيها من الأموال والكنوز ومن السبي شيئا لا يحصى، وقتل أربعة عشر ألف تركي صبرا، وكتب بذلك إلى سُلَيْمَان بن عبد الملك.
ثم خرج حتى أتى جرجان، وقد كانوا يصالحون أهل الكوفة على مائه الف، ومائتي الف أحيانا، وثلاثمائة ألف، وصالحوهم عليها، فلما أتاهم يزيد استقبلوه بالصلح وهابوه وزادوه، واستخلف عليهم رجلا من الأزد يقال له: أسد بن عبد الله، ودخل يزيد إلى الإصبهبذ في طبرستان فكان معه الفعلة يقطعون الشجر، ويصلحون الطرق، حتى انتهوا إليه، فنزل به فحصره وغلب على أرضه، وأخذ الإصبهبذ يعرض على يزيد الصلح ويريده على ما كان يؤخذ منه، فيأبى رجاء افتتاحها فبعث ذات يوم أخاه أبا عيينة في أهل المصرين، فأصعد في الجبل إليهم، وقد بعث الإصبهبذ إلى الديلم، فاستجاش بهم، فاقتتلوا، فحازهم المسلمون ساعة وكشفوهم، وخرج رأس الديلم يسأل المبارزة، فخرج إليه ابن أبي سبرة فقتله، فكانت هزيمتهم حتى انتهى المسلمون إلى فم الشعب، فذهبوا ليصعدوا فيه، وأشرف عليهم العدو يرشقونهم بالنشاب، ويرمونهم بالحجارة، فانهزم الناس من فم الشعب من غير كبير قتال ولا قوة من عدوهم على اتباعهم وطلبهم، وأقبلوا يركب بعضهم بعضا، حتى أخذوا يتساقطون في اللهوب، ويتدهدى الرجل من رأس الجبل حتى نزلوا إلى عسكر يزيد لا يعبئون بالشر شيئا.
وأقام يزيد بمكانه على حاله، وأقبل الإصبهبذ يكاتب أهل جرجان ويسألهم أن يثبوا بأصحاب يزيد، وأن يقطعوا عليه مادته والطرق فيما بينه وبين العرب، ويعدهم أن يكافئهم على ذلك، فوثبوا بمن كان يزيد خلف من المسلمين، فقتلوا منهم من قدروا عليه، واجتمع بقيتهم فتحصنوا في جانب، فلم يزالوا فيه حتى خرج إليهم يزيد وأقام يزيد على الإصبهبذ في ارضه حتى صالحه على سبعمائة الف درهم وأربعمائة الف نقدا ومائتي الف وأربعمائة حمار موقره زعفرانا، وأربعمائة رجل؟
على راس كل رجل برنس، على البرنس طيلسان ولجام من فضة وسرقة من حرير، وقد كانوا صالحوا قبل ذلك على مائتي ألف درهم.
ثم خرج منها يزيد وأصحابه كأنهم فل، ولولا ما صنع أهل جرجان لم يخرج من طبرستان حتى يفتحها.
وأما غير أبي مخنف، فإنه قال في أمر يزيد وأمر أهل جرجان ما حدثني أحمد بن زهير، عن علي بن مُحَمَّد، عَنْ كُلَيْبِ بْنِ خَلَفٍ وَغَيْرِهِ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ صَالَحَ أَهْلَ جُرْجَانَ، ثُمَّ امْتَنَعُوا وَكَفَرُوا، فَلَمْ يَأْتِ جُرْجَانَ بَعْدَ سَعِيدٍ أَحَدٌ، ومنعوا ذلك الطريق، فلم يكن يسلك طريق خراسان من ناحيته أحد إِلا عَلَى وَجَلٍ وَخَوْفٍ مِنْ أَهْلِ جُرْجَانَ، كان الطَّرِيقُ إِلَى خُرَاسَانَ مِنْ فَارِسٍ إِلَى كَرْمَانَ، فَأَوَّلُ مَنْ صَيَّرَ الطَّرِيقَ مِنْ قُومِسَ قُتَيْبَةُ بن مسلم حين ولي خراسان ثم غزا مصقلة خراسان أيام معاوية في عشرة آلاف، فأصيب وجنده بالرويان، وهي متاخمة طبرستان فهلكوا في واد من أوديتها، أخذ العدو عليهم بمضايقه، فقتلوا جميعا، فهو يسمى وادي مصقلة.
قال: وكان يضرب به المثل حتى يرجع مصقلة من طبرستان، قال عَلِيٌّ، عَنْ كُلَيْبِ بْنِ خَلَفٍ الْعَمِّيِّ، عَنْ طُفَيْلِ بْنِ مِرْدَاسٍ الْعَمِّيِّ وَإِدْرِيسَ بْنِ حَنْظَلَةَ: إن سعيد بن العاص صالح أهل جرجان، فكانوا يجيئون أَحْيَانًا مِائَةَ أَلْفٍ، وَيَقُولُونَ: هَذَا صُلْحُنَا، وَأَحْيَانًا مائتي الف، وأحيانا ثلاثمائه أَلْفٍ، وَكَانُوا رُبَّمَا أَعْطَوْا ذَلِكَ، وَرُبَّمَا مَنَعُوهُ، ثُمَّ امْتَنَعُوا وَكَفَرُوا فَلَمْ يُعْطُوا خَرَاجًا، حَتَّى أَتَاهُمْ يَزِيدُ بْنُ الْمُهَلَّبِ فَلَمْ يُعَازِّهِ أَحَدٌ حين قدمها، فلما صالح صول وَفَتَحَ الْبَحِيرَةَ وَدِهِسُتَانَ صَالَحَ أَهْلَ جُرْجَانَ عَلَى صلح سعيد بن العاص.
حدثني أحمد، عن عَلِيٌّ عَنْ كُلَيْبِ بْنِ خَلَفٍ الْعَمِّيِّ عَنْ طفيل بن مرداس، وبشر بن عيسى بن ابى صفوان، قال علي:
وحدثني أبو حفص الأزدي عن سليمان بن كثير، وغيرهم، ان صولا التركي كان ينزل دهستان والبحيرة- جزيرة في البحر بينها وبين دهستان خمسة فراسخ، وهما من جرجان مما يلي خوارزم- فكان صول يغير على فيروز بن قول، مرزبان جرجان، وبينهم خمسة وعشرون فرسخا، فيصيب من أطرافهم ثم يرجع إلى البحيرة ودهستان، فوقع بين فيروز وبين ابن عم له يقال له المرزبان منازعة، فاعتزله المرزبان، فنزل البياسان، فخاف فيروز أن يغير عليه الترك، فخرج إلى يزيد بن المهلب بخراسان، وأخذ صول جرجان، فلما قدم على يزيد بن المهلب قال له: ما أقدمك؟
قال: خفت صولا، فهربت منه، قال له يزيد: هل من حيلة لقتاله؟
قال: نعم، شيء واحد، إن ظفرت به قتلته، أو أعطى بيده، قال:
ما هو؟ قال: إن خرج من جرجان حتى ينزل البحيرة، ثم أتيته ثَم فحاصرته بها ظفرت به، فاكتب إلى الإصبهبذ كتابا تسأله فيه أن يحتال لصول حتى يقيم بجرجان، واجعل له على ذلك جعلا، ومنه، فإنه يبعث بكتابك إلى صول يتقرب به إليه لأنه يعظمه، فيتحول عن جرجان، فينزل البحيرة.
فكتب يزيد بن المهلب إلى صاحب طبرستان: أني أريد أن أغزو صولا وهو بجرجان، فخفت إن بلغه أني أريد ذلك أن يتحول إلى البحيرة فينزلها، فإن تحول إليها لم أقدر عليه، وهو يسمع منك ويستنصحك، فإن حبسته العام بجرجان فلم يأت البحيرة حملت إليك خمسين ألف مثقال، فاحتل له حيلة، تحبسه بجرجان، فإنه إن أقام بها ظفرت به فلما رأى الإصبهبذ الكتاب أراد أن يتقرب إلى صول، فبعث بالكتاب إليه، فلما أتاه الكتاب أمر الناس بالرحيل إلى البحيرة وحمل الأطعمة ليتحصن فيها وبلغ يزيد أنه قد سار من جرجان إلى البحيرة، فاعتزم على السير إلى الجرجان، فخرج في ثلاثين ألفا، ومعه فيروز ابن قول، واستخلف على خراسان مخلد بن يزيد، واستخلف على سمرقند وكس ونسف وبخارى ابنه معاوية بن يزيد، وعلى طخارستان حاتم بن قبيصة بن المهلب، وأقبل حتى أتى جرجان- ولم تكن يومئذ مدينة إنما هي جبال محيطة بها، وأبواب ومخارم، يقوم الرجل على باب منها فلا يقدم عليه أحد- فدخلها يزيد لم يعازه أحد، وأصاب أموالا، وهرب المرزبان، وخرج يزيد بالناس إلى البحيرة، فأناخ على صول، وتمثل حين نزل بهم: فخر السيف وارتعشت يداه وكان بنفسه وقيت نفوس قال: فحاصرهم، فكان يخرج إليه صول في الأيام فيقاتله ثم يرجع إلى حصنه، ومع يزيد أهل الكوفة وأهل البصرة ثم ذكر من قصه جهم ابن زحر وأخيه محمد نحوا مما ذكره هشام، غير أنه قال في ضربة التركي ابن أبي سبرة: فنشب سيف التركي في درقة ابن أبي سبرة قال علي بن مُحَمَّد، عن علي بن مجاهد، عن عنبسة، قال: قاتل مُحَمَّد بن أبي سبرة الترك بجرجان فأحاطوا به واعتوروه بأسيافهم، فانقطع في يده ثلاثة أسياف.
ثم رجع إلى حديثهم، قال: فمكثوا بذلك- يعني الترك- محصورين يخرجون فيقاتلون، ثم يرجعون إلى حصنهم ستة أشهر، حتى شربوا ماء الأحساء، فأصابهم داء يسمى السؤاد، فوقع فيهم الموت، وأرسل صول في ذلك يطلب الصلح، فقال يزيد بن المهلب: لا، إلا أن ينزل على حكمي، فأبى فأرسل إليه: إني أصالحك على نفسي ومالي وثلاثمائه من أهل بيتي وخاصتي، على أن تؤمنني فتنزل البحيرة فأجابه إلى ذاك يزيد، فخرج بماله وثلاثمائه ممن أحب، وصار مع يزيد، فقتل يزيد من الأتراك أربعة عشر ألفا صبرا، ومن على الآخرين فلم يقتل منهم أحدا وقال الجند ليزيد: أعطنا أرزاقنا، فدعا إدريس بن حنظله العمى، فقال: يا بن حنظلة، أحص لنا ما في البحيرة حتى نعطي الجند، فدخلها إدريس، فلم يقدر على احصاء ما فيها، فقال ليزيد: فيها مالا أستطيع إحصاءه، وهو في ظروف، فنحصي الجواليق ونعلم ما فيها، ونقول للجند: ادخلوا فخذوا، فمن أخذ شيئا عرفنا ما أخذ من الحنطة والشعير والأرز والسمسم والعسل قال: نعم ما رأيت، فأحصوا الجواليق عددا، وعلموا كل جوالق ما فيه، وقالوا للجند: خذوا، فكان الرجل يخرج وقد أخذ ثيابا أو طعاما أو ما حمل من شيء فيكتب على كل رجل ما أخذ، فأخذوا شيئا كثيرا.
قال علي: قال أبو بكر الهذلي: كان شهر بن حوشب على خزائن يزيد بن المهلب، فرفعوا عليه أنه أخذ خريطة، فسأله يزيد عنها، فأتاه بها، فدعا يزيد الذي رفع عليه فشتمه، وقال لشهر: هي لك، قال:
لا حاجة لي فيها، فقال القطامي الكلبي- ويقال: سنان بن مكمل
النميري: لقد باع شهر دينه بخريطة *** فمن يأمن القراء بعدك يا شهر
أخذت به شيئا طفيفا وبعته *** من ابن جونبوذ ان هذا هو الغدر
وقال مرة النخعي لشهر:
يا بن المهلب ما أردت إلى امرئ *** لولاك كان كصالح القراء
قال علي: قال أبو مُحَمَّد الثقفي: أصاب يزيد بن المهلب تاجا بجرجان فيه جوهر، فقال: أترون أحدا يزهد في هذا التاج؟ قالوا: لا، فدعا مُحَمَّد بن واسع الأزدي، فقال: خذ هذا التاج فهو لك، قَالَ: لا حاجة لي فِيهِ، قال: عزمت عليك، فأخذه، وخرج فأمر يزيد رجلا ينظر ما يصنع به، فلقي سائلا فدفعه إليه، فأخذ الرجل السائل، فأتى به يزيد وأخبره الخبر، فأخذ يزيد التاج، وعوض السائل مالا كثيرا.
قال علي: وكان سُلَيْمَان بن عبد الملك كلما افتتح قتيبة فتحا قال ليزيد بن المهلب: أما ترى ما يصنع الله على يدي قتيبة؟ فيقول ابن المهلب:
ما فعلت جرجان التي حالت بين الناس والطريق الأعظم، وأفسدت قومس وأبرشهر! ويقول: هذه الفتوح ليست بشيء، الشأن في جرجان.
فلما ولي يزيد بن المهلب لم يكن له همة غير جرجان قال: ويقال: كان يزيد بن المهلب في عشرين ومائة ألف، معه من أهل الشام ستون ألفا.
قال علي في حديثه، عمن ذكر خبر جرجان عنهم: وزاد فيه على ابن مجاهد، عن خالد بن صبيح أن يزيد بن المهلب لما صالح صولا طمع في طبرستان أن يفتحها، فاعتزم على أن يسير إليها، فاستعمل عبد الله بن المعمر اليشكري على البياسان ودهستان، وخلف معه أربعة آلاف، ثم أقبل إلى أداني جرجان مما يلي طبرستان، واستعمل على أندرستان أسد ابن عمرو- أو ابن عبد الله بن الربعة- وهي مما يلي طبرستان، وخلفه، في أربعة آلاف، ودخل يزيد بلاد الإصبهبذ فأرسل إليه يسأله الصلح، وأن يخرج من طبرستان، فأبى يزيد، ورجا أن يفتحها، فوجه أخاه أبا عيينة من وجه، وخالد بن يزيد ابنه من وجه، وأبا الجهم الكلبي من وجه، وقال: إذا اجتمعتم فأبو عيينة على الناس فسار أبو عيينة في أهل المصرين ومعه هريم بن أبي طحمة وقال يزيد لأبي عيينة: شاور هريما فإنه ناصح وأقام يزيد معسكرا.
قال: واستجاش الإصبهبذ بأهل جيلان وأهل الديلم، فأتوه فالتقوا في سند جبل، فانهزم المشركون، وأتبعهم المسلمون حتى انتهوا إلى فم الشعب فدخله المسلمون، فصعد المشركون في الجبل، وأتبعهم المسلمون، فرماهم العدو بالنشاب والحجارة، فانهزم أبو عيينة والمسلمون، فركب بعضهم بعضا يساقطون من الجبل، فلم يثبتوا حتى انتهوا إلى عسكر يزيد، وكف العدو عن أتباعهم، وخافهم الإصبهبذ، فكتب إلى المرزبان ابن عم فيروز بن قول وهو بأقصى جرجان مما يلي البياسان: إنا قد قتلنا يزيد وأصحابه فاقتل من في البياسان من العرب فخرج إلى أهل البياسان والمسلمون غارون في منازلهم، قد أجمعوا على قتلهم، فقتلوا جميعا في ليلة، فأصبح عبد الله بن المعمر مقتولا وأربعة آلاف من المسلمين لم ينج منهم أحد، وقتل من بني العم خمسون رجلا، قتل الحسين بن عبد الرحمن واسماعيل ابن إبراهيم بن شماس وكتب إلى الإصبهبذ يأخذ بالمضايق والطرق.
وبلغ يزيد قتل عبد الله بن المعمر وأصحابه، فأعظموا ذلك، وهالهم، ففزع يزيد إلى حيان النبطي وقال: لا يمنعك ما كان مني إليك من نصيحة المسلمين، قد جاءنا عن جرجان ما جاءنا، وقد أخذ هذا بالطرق، فاعمل في الصلح، قال: نعم، فأتى حيان الإصبهبذ فقال: أنا رجل منكم، وإن كان الدين قد فرق بيني وبينكم، فانى لكم ناصح، وأنت أحب إلي من يزيد، وقد بعث يستمد، وأمداده منه قريبة، وإنما أصابوا منه طرفا، ولست آمن ان يأتيك مالا تقوم له، فأرح نفسك منه، وصالحه فإنك إن صالحته صير حده على أهل جرجان بغدرهم وقتلهم من قتلوا، فصالحه على سبعمائة الف- وقال على بن مجاهد: على خمسمائة الف- وأربعمائة وقر زعفران او قيمته من العين، وأربعمائة رجل، على كل رجل برنس وطيلسان، ومع كل رجل جام فضة وسرقة خز وكسوة.
ثم رجع إلى يزيد بن المهلب فقال: ابعث من يحمل صلحهم الذي صالحتهم عليه، قال: من عندهم أو من عندنا؟ قال: من عندهم وكان يزيد قد طابت نفسه على أن يعطيهم ما سألوا، ويرجع إلى جرجان فأرسل يزيد من يحمل ما صالحهم عليه حيان، وانصرف إلى جرجان، وكان يزيد قد غرم حيانا مائتي الف، فخاف الا يناصحه.
والسبب الذى له اغرم حيان فيه ما حدثني علي بن مجاهد، عن خالد بن صبيح، قال: كنت مؤدبا لولد حيان، فدعاني فقال لي: اكتب كتابا إلى مخلد بن يزيد- ومخلد يومئذ ببلخ، ويزيد بمرو- فتناولت القرطاس، فقال: اكتب: من حيان مولى مصقلة إلى مخلد بن يزيد، فغمزني مقاتل ابن حيان الا تكتب، وأقبل على أبيه فقال: يا أبت تكتب إلى مخلد وتبدأ بنفسك! قال: نعم يا بني، فإن لم يرض لقي ما لقي قتيبة ثم قال لي: اكتب، فكتبت، فبعث مخلد بكتابه إلى أبيه، فأغرم يزيد حيان مائتي الف درهم.
فتح جرجان
وفي هذه السنة فتح يزيد جرجان الفتح الآخر بعد غدرهم بجنده ونقضهم العهد، قال علي، عن الرهط الذين ذكر أنهم حدثوه بخبر جرجان وطبرستان: ثم إن يزيد لما صالح أهل طبرستان قصد لجرجان، فأعطى الله عهدا، لئن ظفر بهم الا يقلع عنهم، ولا يرفع عنهم السيف حتى يطحن بدمائهم، ويختبز من ذلك الطحين، ويأكل منه، فلما بلغ المرزبان أنه قد صالح الإصبهبذ وتوجه إلى جرجان، جمع أصحابه وأتى وجاه، فتحصن فيها، وصاحبها لا يحتاج إلى عدة من طعام ولا شراب وأقبل يزيد حتى نزل عليها وهم متحصنون فيها، وحولها غياض فليس يعرف لها إلا طريق واحد، فأقام بذلك سبعة أشهر لا يقدر منهم على شيء، ولا يعرف لهم مأتى إلا من وجه واحد، فكانوا يخرجون في الأيام فيقاتلونه ويرجعون إلى حصنهم، فبينا هم على ذلك إذ خرج رجل من عجم خراسان كان مع يزيد يتصيد ومعه شاكرية له.
وَقَالَ هِشَام بن مُحَمَّدٍ، عن أبي مخنف: فخرج رجل من عسكره من طيئ يتصيد، فأبصر وعلا يرقي في الجبل، فأتبعه، وقال لمن معه:
قفوا مكانكم، ووقل في الجبل يقتص الأثر، فما شعر بشيء حتى هجم على عسكرهم، فرجع يريد اصحابه، فخاف الا يهتدي، فجعل يخرق قباءه ويعقد على الشجر علامات، حتى وصل إلى أصحابه، ثم رجع إلى العسكر ويقال: إن الذي كان يتصيد الهياج بن عبد الرحمن الأزدي من أهل طوس، وكان منهوما بالصيد، فلما رجع إلى العسكر أتى عامر بن أينم الواشجي صاحب شرطة يزيد، فمنعوه من الدخول، فصاح: إن عندي نصيحة.
وقال هشام عن أبي مخنف: جاء حتى رفع ذلك الى ابني زحر بن قيس، فانطلق به ابنا زحر حتى أدخلاه على يزيد فأعلمه، فضمن له بضمان الجهنية- أم ولد كانت ليزيد- على شيء قد سماه.
وقال علي بن مُحَمَّد في حديثه عن أصحابه: فدعا به يزيد فقال: ما عندك؟ قال: أتريد أن تدخل وجاه بغير قتال؟ قال: نعم، قال: جعالتي؟ قال: احتكم، قال: أربعة آلاف، قال: لك دية، قال: عجلوا لي أربعة آلاف، ثم أنتم بعد من وراء الإحسان فأمر له بأربعة آلاف، وندب الناس، فانتدب ألف وأربعمائة، فقال: الطريق لا يحمل هذه الجماعة لالتفاف الغياض، فاختار منهم ثلاثمائة، فوجههم، واستعمل عليهم جهم بن زحر وقال بعضهم: استعمل عليهم ابنه خالد بن يزيد، وقال له: إن غلبت على الحياة فلا تغلبن على الموت، وإياك أن أراك عندي منهزما، وضم إليه جهم بن زحر، وقال يزيد للرجل الذي ندب الناس معه: متى تصل إليهم؟ قال: غدا عند العصر فيما بين الصلاتين، قال: امضوا على بركة الله، فإني سأجهد على مناهضتهم غدا عند صلاة الظهر فساروا، فلما قارب انتصاف النهار من غد أمر يزيد الناس أن يشعلوا النار في حطب كان جمعه في حصاره إياهم، فصيره آكاما، فأضرموه نارا، فلم تزل الشمس حتى صار حول عسكره أمثال الجبال من النيران، ونظر العدو إلى النار، فهالهم ما رأوا من كثرتها، فخرجوا إليهم وأمر يزيد الناس حين زالت الشمس فصلوا، فجمعوا بين الصلاتين، ثم زحفوا إليهم فاقتتلوا، وسار الآخرون بقية يومهم والغد، فهجموا على عسكر الترك قبيل العصر، وهم آمنون من ذلك الوجه، ويزيد يقاتل من هذا الوجه، فما شعروا إلا بالتكبير من ورائهم، فانقطعوا جميعا إلى حصنهم، وركبهم المسلمون، فأعطوا بأيديهم، ونزلوا على حكم يزيد، فسبى ذراريهم، وقتل مقاتلتهم، وصلبهم فرسخين عن يمين الطريق ويساره، وقاد منهم اثني عشر ألفا إلى الأندرهز- وادي جرجان- وقال: من طلبهم بثأر فليقتل، فكان الرجل من المسلمين يقتل الأربعة والخمسة في الوادي، وأجرى الماء في الوادي على الدم، وعليه أرحاء ليطحن بدمائهم، ولتبر يمينه، فطحن واختبز وأكل وبنى مدينة جرجان وقال بعضهم: قتل يزيد من أهل جرجان أربعين ألفا، ولم تكن قبل ذلك مدينة ورجع إلى خراسان واستعمل على جرجان جهم بن زحر الجعفي.
وأما هشام بن مُحَمَّد فإنه ذكر عن أبي مخنف أنه قال: دعا يزيد جهم ابن زحر فبعث معه أربعمائة رجل حتى أخذوا في المكان الذي دلوا عليه وقد أمرهم يزيد فقال: إذا وصلتم إلى المدينة فانتظروا، حتى إذا كان في السحر فكبروا، ثم انطلقوا نحو باب المدينة، فإنكم تجدوني وقد نهضت بجميع الناس إلى بابها، فلما دخل ابن زحر المدينة أمهل حتى إذا كانت الساعة التي أمره يزيد أن ينهض فيها مشى بأصحابه، فأخذ لا يستقبل من أحراسهم أحدا إلا قتله وكبر، ففزع أهل المدينة فزعا لم يدخلهم مثله قط فيما مضى، فلم يرعهم إلا والمسلمون معهم في مدينتهم يكبرون فدهشوا، فألقى الله في قلوبهم الرعب، وأقبلوا لا يدرون أين يتوجهون! غير أن عصابة منهم ليسوا بالكثير قد أقبلوا نحو جهم بن زحر، فقاتلوا ساعة، فدقت يد جهم، وصبر لهم هو وأصحابه، فلم يلبثوهم أن قتلوهم إلا قليلا وسمع يزيد بن المهلب التكبير، فوثب في الناس إلى الباب، فوجدوهم قد شغلهم جهم بن زحر عن الباب، فلم يجد عليه من يمنعه ولا من يدفع عنه كبير دفع، ففتح الباب ودخلها من ساعته، فأخرج من كان فيها من المقاتلة، فنصب لهم الجذوع فرسخين عن يمين الطريق ويساره، فصلبهم أربعة فراسخ، وسبى أهلها، وأصاب ما كان فيها قال علي في حديثه، عن شيوخه، الذين قد ذكرت أسماءهم قبل، وكتب يزيد إلى سُلَيْمَان بن عبد الملك:
أما بعد، فإن الله قد فتح لأمير المؤمنين فتحا عظيما، وصنع للمسلمين أحسن الصنع، فلربنا الحمد على نعمه وإحسانه، أظهر في خلافة أمير المؤمنين على جرجان وطبرستان، وقد أعيا ذلك سابور ذا الأكتاف وكسرى بن قباذ وكسرى بن هرمز، وأعيا الفاروق عمر بن الخطاب وعثمان ابن عفان ومن بعدهما من خلفاء الله، حتى فتح الله ذلك لأمير المؤمنين، كرامة من الله له، وزيادة في نعمه عليه وقد صار عندي من خمس ما أفاء الله على المسلمين بعد أن صار إلى كل ذي حق حقه من الفيء والغنيمة ستة آلاف ألف، وأنا حامل ذلك إلى أمير المؤمنين إن شاء الله فقال له كاتبه المغيرة بن أبي قرة مولى بني سدوس: لا تكتب بتسمية مال، فإنك من ذلك بين أمرين: إما استكثره فأمرك بحمله، وإما سخت نفسه لك به فسوغكه فتكلفت الهدية، فلا يأتيه من قبلك شيء الا استقبله، فكأني بك قد استغرقت ما سميت ولم يقع منه موقعا، ويبقى المال الذي سميت مخلدا عندهم عليك في دواوينهم، فإن ولي وال بعده أخذك به، وإن ولي من يتحامل عليك لم يرض منك بأضعافه، فلا تمض كتابك، ولكن اكتب بالفتح، سله القدوم فتشافهه بما أحببت مشافهة، ولا تقصر، فإنك إن تقصر عما أحببت أحرى من ان تكثر فأبى يزيد وامضى وقال: بعضهم كان في الكتاب أربعة آلاف ألف قال أبو جعفر: وفي هذه السنة توفي أيوب بن سُلَيْمَان بن عبد الملك، فحدثت عن علي بن مُحَمَّد، قال: حدثنا علي بن مجاهد، عن شيخ من أهل الري أدرك يزيد، قال: أتى يزيد بن المهلب الري حين فرغ من جرجان، فبلغه وفاة أيوب بن سُلَيْمَان وهو يسير في باغ أبي صالح على باب الري، فارتجز راجز بين يديه فقال:
إن يك أيوب مضى لشأنه *** فإن داود لفي مكانه
يقيم ما قد زال من سلطانه.
وفي هذه السنة فتحت مدينة الصقالبة وفيها.
غزا داود بن سُلَيْمَان بن عبد الملك أرض الروم، ففتح حصن المرأة مما يلي ملطية.
وحج بالناس في هذه السنة عبد العزيز بن عبد الله بن خالد بن السيد وهو يومئذ أمير على مكة، حَدَّثَنِي بِذَلِكَ أَحْمَد بْن ثَابِت، عمن ذكره، عن إسحاق بْن عيسى، عن أبي معشر.
وكان عمال الأمصار فِي هَذِهِ السنة هم العمال الذين كانوا عليها سنة سبع، وقد ذكرناهم قبل، غير أن عامل يزيد بن المهلب على البصرة في هذه السنة كان- فيما قيل- سفيان بن عبد الله الكندي.