كان عبد الله بن عبد المطلب من أحب ولد أبيه إليه، فزوجه آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زُهرة بن كلاب، …
وسنُّه ثماني عشرة سنة، وهي يومئذٍ من أفضل نساء قريش نسباً وموضعاً، ولما دخل عليها حملت بالرسول صلى الله عليه وسلم، ولم يلبث أبوه أن توفي بعد الحمل بشهرين، ودفن بالمدينة عند أخواله بني عدي بن النجار، فإنه كان قد ذهب بتجارة إلى الشام، فأدركته منيته بالمدينة وهو راجع، ولما تمّت مدة حمل آمنة وضعت ولدها، فاستبشر العالم بهذا المولود الكريم الذي بثّ في أرجائه روح الآداب وتمم مكارم الأخلاق.
وقد حقق المرحوم محمود باشا الفلكي أن ذلك كان صبيحة يوم الاثنين تاسع ربيع الأول الموافق لليوم العشرين من أبريل سنة (571) من الميلاد، وهو يوافق السنة الأولى من حادثة الفيل، وكانت ولادته في دار أبي طالب بِشِعْب بني هاشم، وكانت قابلته الشَّفَّاء أم عبد الرحمان بن عوف، ولما ولد أرسلت أمه لجده تبشِّره، فأقبل مسروراً وسمّاه محمداً، ولم يكن هذا الاسم شائعاً قبلُ عند العرب، ولكن أراد الله أن يحقق ما قدّره وذكره في الكتب التي جاءت بها الأنبياء كالتوراة والإنجيل، فألهم جدَّه أن يسمّيه بذلك إنفاذاً لأمره، وكانت حاضِنته أم أيمن بركة الحبشية، أَمَة أبيه عبدِ اللَّهِ، وأول مَنْ أرضعه ثُوَيْبَةُ أَمَةُ عمه أبي لهب.