حَدَّثَنِي عُمَرُ، قَالَ: حدثنا عَلِيٌّ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ وَغَيْرِهِ، وَأَبِي مُعَاذٍ الأَنْصَارِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَيَزِيدَ بن عياض عن عبد الله …
ابن أَبِي بَكْرٍ، وَعَلِيِّ بْنِ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عِيَاضٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عُمَرَ رضى الله تعالى عَنْهُ خَطَبَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ ذَكَّرَ النَّاسَ بِاللَّهِ عَزَّ وجل واليوم الآخر، ثم قال: يا ايها النَّاسُ، إِنِّي قَدْ وُلِّيتُ عَلَيْكُمْ، وَلَوْلا رَجَاءُ أَنْ أَكُونَ خَيْرَكُمْ لَكُمْ، وَأَقْوَاكُمْ عَلَيْكُمْ، وَأَشَدَّكُمُ اسْتِضْلاعًا بِمَا يَنُوبُ مِنْ مُهِمِّ أُمُورِكُمْ، مَا تَوَلَّيْتُ ذَلِكَ مِنْكُمْ، وَلَكَفَى عُمَرَ مهما مُحْزِنًا انْتِظَارُ مُوَافَقَةِ الْحِسَابِ بِأَخْذِ حُقُوقِكُمْ كَيْفَ آخُذُهَا، وَوَضْعِهَا أَيْنَ أَضَعُهَا، وَبِالسَّيْرِ فِيكُمْ كَيْفَ أَسِيرُ! فَرَبِّي الْمُسْتَعَانُ، فَإِنَّ عُمَرَ أَصْبَحَ لا يَثِقُ بِقُوَّةٍ وَلا حِيلَةٍ إِنْ لَمْ يَتَدَارَكْهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِرَحْمَتِهِ وَعَوْنِهِ وَتَأْيِيدِهِ.
ثُمَّ خَطَبَ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ وَلانِي أَمْرَكُمْ، وَقَدْ عَلِمْتُ أَنْفَعَ مَا بِحَضْرَتِكُمْ لَكُمْ، وَإِنِّي أَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يُعِينَنِي عَلَيْهِ، وَأَنْ يَحْرُسَنِي عِنْدَهُ، كَمَا حَرَسَنِي عِنْدَ غَيْرِهِ، وَأَنْ يُلْهِمَنِي الْعَدْلَ فِي قَسْمِكُمْ كَالَّذِي أَمَرَ بِهِ، وَإِنِّي امْرُؤٌ مُسْلِمٌ وَعَبْدٌ ضَعِيفٌ، إِلا مَا أَعَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَنْ يُغَيِّرَ الَّذِي وُلِّيتُ مِنْ خِلافَتِكُمْ مِنْ خُلُقِي شَيْئًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ، إِنَّمَا الْعَظَمَةُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَيْسَ لِلْعِبَادِ مِنْهَا شَيْءٌ، فَلا يَقُولَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ: إِنَّ عُمَرَ تَغَيَّرَ مُنْذُ وُلِّيَ أَعْقِلُ الْحَقَّ مِنْ نَفْسِي وَأَتَقَدَّمُ، وَأُبَيِّنُ لَكُمْ أَمْرِي، فَأَيُّمَا رَجُلٍ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ أَوْ ظُلِمَ مَظْلَمَةً، أَوْ عَتَبَ عَلَيْنَا فِي خُلُقٍ، فَلْيُؤْذِنِّي، فَإِنَّمَا أَنَا رَجُلٌ مِنْكُمْ، فَعَلَيْكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ فِي سِرِّكُمْ وَعَلانِيَتِكُمْ، وَحُرُمَاتِكُمْ وَأَعْرَاضِكُمْ، وَأَعْطُوا الْحَقَّ مِنْ أَنْفُسِكُمْ، وَلا يَحْمِلْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا عَلَى أَنْ تَحَاكَمُوا إِلَيَّ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ هَوَادَةٌ، وَأَنَا حَبِيبٌ إِلَيَّ صَلاحُكُمْ، عَزِيزٌ عَلَيَّ عَتْبُكُمْ وَأَنْتُمْ أُنَاسٌ عَامَّتُكُمْ حضر فِي بِلادِ اللَّهِ، وَأَهْلُ بلد لا زَرْعَ فِيهِ وَلا ضَرْعَ إِلا مَا جَاءَ اللَّهُ بِهِ إِلَيْهِ.
وَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ وَعَدَكُمْ كَرَامَةً كَثِيرَةً، وَأَنَا مَسْئُولٌ عَنْ أَمَانَتِي وَمَا أَنَا فِيهِ، وَمُطَّلِعٌ عَلَى مَا بِحَضْرَتِي بِنَفْسِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ، لا أَكِلُهُ إِلَى أَحَدٍ، وَلا أَسْتَطِيعُ مَا بَعُدَ مِنْهُ إِلا بِالأُمَنَاءِ وَأَهْلِ النُّصْحِ مِنْكُمْ لِلْعَامَّةِ، وَلَسْتُ أَجْعَلُ أَمَانَتِي إِلَى أَحَدٍ سِوَاهُمْ إِنْ شاء الله.
وخطب أيضا، فقال بعد ما حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:
أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ بَعْضَ الطَّمَعِ فَقْرٌ، وَإِنَّ بَعْضَ الْيَأْسِ غِنًى، وَإِنَّكُمْ تَجْمَعُونَ مَا لا تَأْكُلُونَ، وَتَأْمَلُونَ مَا لا تُدْرِكُونَ، وَأَنْتُمْ مُؤَجَّلُونَ فِي دَارِ غَرُورٍ كُنْتُمْ عَلَى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، تُؤْخَذُونَ بِالْوَحْيِ، فَمَنْ أَسَرَّ شَيْئًا أُخِذَ بِسَرِيرَتِهِ، وَمَنْ أَعْلَنَ شَيْئًا أُخِذَ بِعَلانِيَتِهِ، فَأَظْهِرُوا لَنَا أَحْسَنَ أَخْلاقِكُمْ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالسَّرَائِرِ، فَإِنَّهُ مَنْ اظهر شَيْئًا وَزَعَمَ أَنَّ سَرِيرَتَهُ حَسَنَةً لَمْ نُصَدِّقْهُ، وَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا عَلانِيَةً حَسَنَةً ظَنَنَّا بِهِ حُسْنًا وَاعْلَمُوا أَنَّ بَعْضَ الشُّحِّ شُعْبَةٌ مِنَ النفاق، ف أَنْفِقُوا خَيْراً لِأَنْفُسِكُمْ، وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ.
أَيُّهَا النَّاسُ، أَطِيبُوا مَثْوَاكُمْ، وَأَصْلِحُوا أُمُورَكُمْ، وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ، وَلا تُلْبِسُوا نِسَاءَكُمُ الْقُبَاطِيَّ، فَإِنَّهُ إِنْ لَمْ يَشِفَّ فَإِنَّهُ يَصِفُ.
أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي لَوَدِدْتُ أَنْ أَنْجُوَ كَفَافًا لا لِيَ وَلا عَلَيَّ، وَإِنِّي لأَرْجُو إِنْ عُمِّرْتُ فِيكُمْ يَسِيرًا أَوْ كَثِيرًا أَنْ أَعْمَلَ بِالْحَقِّ فِيكُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَأَلا يَبْقَى أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ كَانَ فِي بَيْتِهِ إِلا أَتَاهُ حَقُّهُ وَنَصِيبُهُ مِنْ مَالِ اللَّهِ، وَلا يَعْمَلُ إِلَيْهِ نَفْسَهُ، وَلَمْ يَنْصِبْ إِلَيْهِ يَوْمًا وَأَصْلِحُوا أَمْوَالَكُمُ الَّتِي رَزَقَكُمُ اللَّهُ، وَلَقَلِيلٌ فِي رِفْقٍ خَيْرٌ مِنْ كَثِيرٍ فِي عُنْفٍ، وَالْقَتْلُ حَتْفٌ مِنَ الْحُتُوفِ، يُصِيبُ الْبَرَّ وَالْفَاجِرَ، وَالشَّهِيدُ مَنِ احْتَسَبَ نَفْسَهُ وَإِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ بَعِيرًا فَلْيَعْمِدْ إِلَى الطَّوِيلِ الْعَظِيمِ فَلْيَضْرِبْهُ بِعَصَاهُ، فَإِنْ وَجَدَهُ حَدِيدَ الْفُؤَادِ فَلْيَشْتَرِهِ قَالُوا: وَخَطَبَ أَيْضًا فَقَالَ:
إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَبِحَمْدِهِ قَدِ اسْتَوْجَبَ عَلَيْكُمُ الشُّكْرَ، وَاتَّخَذَ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ فِيمَا آتَاكُمْ مِنْ كَرَامَةِ الآخِرَةِ وَالدُّنْيَا، عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ مِنْكُمْ لَهُ، وَلا رَغْبَةٍ مِنْكُمْ فِيهِ إِلَيْهِ، فَخَلَقَكُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَلَمْ تَكُونُوا شَيْئًا لِنَفْسِهِ وَعِبَادَتِهِ، وَكَانَ قَادِرًا أَنْ يَجْعَلَكُمْ لأَهْوَنَ خَلْقِهِ عَلَيْهِ، فَجَعَلَ لَكُمْ عَامَّةَ خَلْقِهِ، وَلَمْ يَجْعَلْكُمْ لِشَيْءٍ غَيْرِهِ، {سَخَّرَ لَكُمْ مَّا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً} [لقمان: 20]، {وَحَمَلْنَاهُمْ فِي ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ} [الإسراء: 70]، {وَرَزَقَكُمْ مِّنَ ٱلطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [الإنفال: 26] ثُمَّ جَعَلَ لَكُمْ سَمْعًا وَبَصَرًا وَمِنْ نِعَمِ اللَّهِ عَلَيْكُمْ نِعَمٌ عَمَّ بِهَا بَنِي آدَمَ، وَمِنْهَا نِعَمٌ اخْتَصَّ بِهَا أَهْلَ دِينِكُمْ، ثُمَّ صَارَتْ تِلْكَ النِّعَمُ خَوَاصُّهَا وَعَوَامُّهَا فِي دَوْلَتِكُمْ وَزَمَانِكُمْ وَطَبَقَتِكُمْ، وَلَيْسَ مِنْ تِلْكَ النِّعَمِ نِعْمَةٌ وَصَلَتْ إِلَى امْرِئٍ خَاصَّةً إِلا لَوْ قَسَمْ مَا وَصَلَ إِلَيْهِ مِنْهَا بَيْنَ النَّاسِ كُلِّهِمْ أَتْعَبَهُمْ شُكْرُهَا، وَفَدَحَهُمْ حَقُّهَا، إِلا بِعَوْنِ اللَّهِ مَعَ الإِيمَانِ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَأَنْتُمْ مُسْتَخْلَفُونَ فِي الأَرْضِ، قَاهِرُونَ لأَهْلِهَا، قَدْ نَصَرَ اللَّهُ دِينَكُمْ، فَلَمْ تُصْبِحْ أُمَّةٌ مُخَالِفَةً لِدِينِكُمْ إِلا أُمَّتَانِ، أُمَّةٌ مُسْتَعْبَدَةٌ لِلإِسْلامِ وَأَهْلِهِ، يَجْزُونَ لَكُمْ، يَسْتَصِفُّونَ مَعَايِشَهُمْ وَكَدَائِحَهُمْ وَرُشْحٌ جِبَاهُهُمْ، عَلَيْهِمُ الْمَئُونَةُ وَلَكُمُ الْمَنْفَعَةُ، وَأُمَّةٌ تَنْتَظِرُ وَقَائِعَ اللَّهِ وَسَطْوَاتَهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، قَدْ مَلأَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ رُعْبًا، فَلَيْسَ لَهُمْ مَعْقِلٌ يَلْجَئُونَ إِلَيْهِ، وَلا مَهْرَبٌ يَتَّقُونَ بِهِ، قَدْ دَهِمَتْهُمْ جُنُودُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَنَزَلَتْ بِسَاحَتِهِمْ، مَعَ رَفَاغَةِ الْعَيْشِ، وَاسْتِفَاضَةِ الْمَالِ، وَتَتَابُعِ الْبُعُوثِ، وَسَدِّ الثُّغُورِ بِإِذْنِ اللَّهِ، مَعَ الْعَافِيَةِ الْجَلِيلَةِ الْعَامَّةِ الَّتِي لَمْ تَكُنْ هَذِهِ الأُمَّةُ عَلَى أَحْسَنَ مِنْهَا مُذْ كَانَ الإِسْلامُ، وَاللَّهُ الْمَحْمُودُ، مَعَ الْفُتُوحِ الْعِظَامِ فِي كُلِّ بَلَدٍ فَمَا عَسَى أَنْ يَبْلُغَ مَعَ هَذَا شُكْرُ الشَّاكِرِينَ وَذِكْرُ الذَّاكِرِينَ وَاجْتِهَادُ الْمُجْتَهِدِينَ، مَعَ هَذِهِ النِّعَمِ الَّتِي لا يُحْصَى عَدَدُهَا، وَلا يُقَدَّرُ قَدْرُهَا، وَلا يُسْتَطَاعُ أَدَاءُ حَقِّهَا إِلا بِعَوْنِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ وَلُطْفِهِ! فَنَسْأَلُ اللَّهِ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ الَّذِي أَبْلانَا هَذَا، أَنْ يَرْزُقَنَا الْعَمَلَ بِطَاعَتِهِ، وَالْمُسَارَعَةَ إِلَى مَرْضَاتِهِ.
وَاذْكُرُوا عِبَادَ اللَّهِ بَلاءَ اللَّهِ عِنْدَكُمْ، وَاسْتَتِمُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَفِي مَجَالِسِكُمْ {مَثْنَىٰ وَفُرَادَىٰ} [سبإ: 46]، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ لِمُوسَى: {أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ ٱللَّهِ} [إبراهيم: 5] وقال لمحمد صلى الله عليه وسلم: {وَٱذْكُرُوۤاْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي ٱلأَرْضِ} [الأنفال: 26] فَلَوْ كُنْتُمْ إِذْ كُنْتُمْ مُسْتَضْعَفِينَ مَحْرُومِينَ خَيْرَ الدُّنْيَا عَلَى شُعْبَةٍ مِنَ الْحَقِّ، تُؤْمِنُونَ بِهَا، وَتَسْتَرِيحُونَ إِلَيْهَا، مَعَ الْمَعْرِفَةِ بِاللَّهِ وَدِينِهِ، وَتَرْجُونَ بِهَا الْخَيْرَ فِيمَا بَعْدَ الْمَوْتِ، لَكَانَ ذَلِكَ، وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ أَشَدَّ النَّاسِ مَعِيشَةً، وَأَثْبَتَهُمْ بِاللَّهِ جَهَالَةً فَلَوْ كَانَ هَذَا الَّذِي اسْتَشْلاكُمْ بِهِ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ حَظٌّ فِي دُنْيَاكُمْ، غَيْرَ أَنَّهُ ثِقَةٌ لَكُمْ فِي آخِرَتِكُمُ الَّتِي إِلَيْهَا الْمَعَادُ وَالْمُنْقَلَبُ، وَأَنْتُمْ مِنْ جَهْدِ الْمَعِيشَةِ عَلَى مَا كُنْتُمْ عَلَيْهِ أَحْرِيَاءُ أَنْ تَشُحُّوا عَلَى نَصِيبِكُمْ مِنْهُ، وَأَنْ تَظْهَرُوهُ عَلَى غَيْرِهِ، فبله مَا إِنَّهُ قَدْ جُمِعَ لَكُمْ فَضِيلَةُ الدُّنْيَا وَكَرَامَةُ الآخِرَةِ، وَمَنْ شَاءَ أَنْ يُجْمَعَ لَهُ ذَلِكَ مِنْكُمْ، فَأُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ الْحَائِلَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ الا ما عرفتم حق الله فعلمتم لَهُ، وَقَسَرْتُمْ أَنْفُسَكُمْ عَلَى طَاعَتِهِ، وَجَمَعْتُمْ مَعَ السُّرُورِ بِالنِّعَمِ خَوْفًا لَهَا وَلانْتِقَالِهَا، وَوَجَلا مِنْهَا وَمِنْ تَحْوِيلِهَا، فَإِنَّهُ لا شَيْءَ أَسْلَبُ لِلنِّعَمَةِ مِنْ كُفْرَانِهَا، وَإِنَّ الشُّكْرَ أَمْنٌ لِلْغَيْرِ، وَنَمَاءٌ لِلنِّعْمَةِ، وَاسْتِيجَابٌ لِلزِّيَادَةِ، هَذَا لِلَّهِ عَلَيَّ مِنْ أَمْرِكُمْ وَنَهْيِكُمْ وَاجِبٌ.