قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحُدِّثْتُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ …
أَنَّهُ قَالَ: أَتَى رَهْطٌ مِنْ يَهُودَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ، هَذَا اللَّهُ خَلَقَ الْخَلْقَ، فَمَنْ خَلَقَ اللَّهَ؟ قَالَ: فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى اُنْتُقِعَ لَوْنُهُ، ثُمَّ سَاوَرَهُمْ غَضَبًا لِرَبِّهِ. قَالَ: فَجَاءَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَسَكَّنَهُ، فَقَالَ: خَفِّضْ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ، وَجَاءَهُ مِنْ اللَّهِ بِجَوَابِ مَا سَأَلُوهُ عَنْهُ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1]
{اللَّهُ الصَّمَدُ. لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ. وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} [الإخلاص: 2- 4].
قَالَ: فَلَمَّا تَلَاهَا عَلَيْهِمْ، قَالُوا: فَصِفْ لَنَا يَا مُحَمَّدُ كَيْفَ خَلْقُهُ؟ كَيْفَ ذِرَاعُهُ؟ كَيْفَ عَضُدُهُ؟ فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشَدَّ مِنْ غَضَبِهِ الْأَوَّلِ، وَسَاوَرَهُمْ. فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لَهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ، وَجَاءَهُ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى بِجَوَابِ مَا سَأَلُوهُ. يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: {وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ، وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ، سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الزمر: 67].
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي عُتْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ، مَوْلَى بَنِي تَيْمٍ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ابْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ “يُوشِكُ النَّاسُ أَنْ يَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ حَتَّى يَقُولَ قَائِلُهُمْ: هَذَا اللَّهُ خَلَقَ الْخَلْقَ، فَمَنْ خَلَقَ اللَّهَ؟ فَإِذَا قَالُوا ذَلِكَ فَقُولُوا: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ. اللَّهُ الصَّمَدُ. لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ. وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} [الإخلاص: 1- 4]. ثُمَّ لِيَتْفُلْ الرَّجُلُ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثًا، وَلِيَسْتَعِذْ باللَّه مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ“